لولا مهادنة الإمام الحسن (عليه السلام) لمعاوية لم يكن هناك إسلام (الجزء الأول)

(الجزء الأول)

لقد أستلم أمير المؤمنين عليه السلام الخلافة 25 ذي الحجة عام 35 هجرية بعد ابتعدت الأمة كثيرا عن تعاليم الإسلام المحمدي الأصيل حيث استلم الحكم ابو بكر بعد أحداث السقيفة سنة 11 هجرية وبعده عمر استلم الحكم 13 سنة حتى قتل عام 23 هجرية وبعده عثمان استلم الحكم حتى عام 35 هجرية وخلال هذه الفترة الطويلة حاول الحكام أن يبعدوا الأمة عن فضائل أهل البيت عليهم السلام وكذلك ابتداع الأحكام التي تساعد على تثبيت حكمهم ، وبعد أن تم خطف الخلافة والأمة بعضها مشغول في غسل وتكفين ودفن رسول الله (ص) وهم علي بن ابي طالب (ع) وبني هاشم وبعض الصحابة كأبي ذر وسلمان وعمار والمقداد والزبير وغيرهم والبعض الأخر أراد أن يختار خليفة لنفسه خوفاً من عواقب قريش إن استلمت الخلافة وهم الأنصار أرادوا اختيار سعد بن عبادة وعندما قدم أبو بكر وعمر وعبد الرحمن الى السقيفة فنافسوا الأنصار على الأمر وبعد أن أختلف الأنصار مع بعضهم البعض وبني هاشم منشغلين بأمر الدفن فلم يبقى يقظ في تلك اللحظة إلا أبو بكر وعمر فبسط عمر يد أبو بكر وبايعه والأمة قاطبةً منشغلة بأمرها بعيدة كل البعد عن لحظة إعطاء البيعة لأبي بكر, وبعد هذه اللحظة المشئومة التي جلبت للأمة كل عذاباتها ومعاناتها وابتعادها عن الخط المحمدي القويم وقد عنوّن عمر هذه اللحظة بالفلتة وقى الله شرها فمن أعاد لمثلها فاقتلوه……. (1) أي حكم على نفسه بالقتل لأنه أول من فعلها وأسسها . وبعد السيطرة على القيادة الدنيوية أصدر أوامره أبو بكر بمنع من يقول الحديث روى الذهبي أن أبا بكر جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال ( إنكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم اشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله (ص) شيئا فمن يسألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه )……..( 2), وأستمر عمر بن الخطاب على هذا المنع بل أصبح أكثر تشدداً فقد هدد بالعقاب وحتى وصل الأمر الى وضع بعض الصحابة تحت الإقامة الجبرية في مفهومنا هذه الأيام عن عبد الرحمن بن عوف قال ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث الى أصحاب رسول الله (ص) فجمعهم من الآفاق عبد الله بن حذيفة وأبا الدرداء وأبا ذر وعقبة بن عامر فقال ما هذه الأحاديث التي افشيتم عن رسول الله في الآفاق ؟ قالوا تنهانا ؟ قال : لا أقيموا عندي , لا والله لا تفارقوني ما عشت فنحن أعلم نأخذ منكم ونرد عليكم فما فارقوه حتى مات …….( 3) وروى الذهبي أن عمر حبس ثلاثة أبن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري فقال : أكثرتم الحديث عن رسول الله(ص) ……( 4) فقد نهى الخلفاء عن نشر حديث الرسول (ص) وكان مصير من يخالفهم ويروي أو يكتب ما يخالف اتجاههم مدى القرون القتل المعنوي أو الجسدي . وأستمر معاوية بالأمر وأضاف عليه سب الإمام علي (ع) على منابر المسلمين روى الطبري إن معاوية لما أستعمل المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة 41 هجرية وأمّره عليها دعاه وقال له : ………..لا تترك شتم علي وذمه والترحم على عثمان والاستغفار له والعيب من أصحاب علي والإقصاء لهم والإطراء لشيعة عثمان والإدناء لهم …) ……..( 5)

عندما أستلم الإمام علي عليه السلام الخلافة أراد ان يرجع الأمة الى طريق الله القويم فابتدأ بتطهير جهاز الدولة من الولاة الفاسدين الذين سخرَّوا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة ومن هؤلاء معاوية ، والثاني استرجاع الأموال المختلسة التي نهبها الحكام و الولاة ومن يلوذ بهم فوضع يده على قطع الأراضي التي منحها عثمان لأقاربه بالإضافة الى الأموال وقد صادر الإمام عليه السلام أموال عثمان فاخذ سيفه ودرعه الى بيت المال والثالث تغير سياسة الدولة المالية وإرجاعها الى عهد رسول الله (صلى الله عليه واله) فكان المساواة في التوزيع والعطاء فليس لأحد على أحد فضل أو امتياز وإنما الجميع على حد سواء بالإضافة للمساواة في الحقوق والواجبات وأمام القانون مع طرح مبدأ الحرية التي يعتبرها الإمام عليه السلام من الحقوق الذاتية لأي إنسان ما لم تضر بالآخرين ، هذه السياسية التي أنتهجها الإمام علي عليه السلام قد أنتجت الكثير من الخصوم الذين ضربت مصالحهم وامتيازاتهم التي حصلوا عليها أيام حكم من سبقه من الحكام وأول الخصوم طلحة والزبير وبعض زوجات الرسول (صلى الله عليه واله ) فكانت حرب الجمل في سنة 36 هجرية التي ذهب ضحيتها أكثر من عشرين الف مسلم وبعد عدة شهور من هذه المعركة كانت معركة صفين سنة 37 هجرية التي استمرت لأكثر من ستة أشهر وذهب ضحيتها أكثر من سبعين الف قتيل وبعد هذه المعركة كانت معركة النهروان سنة 38 هجرية ونتيجة هذه المعارك والسياسة العادلة لأمير المؤمنين عليه السلام وقصر فترة حكم الإمام عليه السلام مع طول فترة من سبقه من الحكام اصبح المجتمع الكوفي خليط يحتوي مختلف المشارب والمجاميع من الاعداء الذين ضربت مصالحهم كالقرشيين والمنافقين الذين يقدمون مصالحهم على كل شيء كالأشعث بن قيس الذي كان للإمام علي عليه السلام كما كان أبن سلول لرسول الله (صلى الله عليه واله) بالإضافة الى بقايا الخوارج و الرعاة من باقي الأديان والملل ، بحيث لم يستطع الإمام عليه السلام ان يمنع صلاة التراويح البدعة حيث نادي المجتمعون للصلاة وا عمرا…(6) ، وهذه صورة أخرى لطبيعة المجتمع الكوفي في الأيام الأخيرة من حكم الإمام علي عليه السلام تظهرها هذه الرواية : عندما سيطرة بسر ابن أرطأ على اليمن وهرب منها عبيد الله بن العباس وسعيد بن نمران واليا أمير المؤمنين عليه السلام على اليمن فقال عليه السلام ( انبئت بسرا قد أطلع اليمن وإني والله لأظن أن هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم وبمعصيتكم إمامكم في الحق وطاعتهم إمامهم بالباطل وبأدائهم الأمانة الى صاحبهم وخيانتكم وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته اللهم قد مللتهم وملوني وسئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيرا منهم وأبدلهم بي شرا مني اللهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء …..)(7) ، هذه الصورتان تظهران أن المجتمع الكوفي كان مزيج يحتوي كل شيء قد كره الحروب حتى وان كانت من أجل تثبيت الحق ونشره ففيه المنافق والمؤمن الضعيف والخارجي والأموي الهوى والمجوسي والمسيحي وغيرها ، فقد حاول الإمام علي عليه السلام في أيامه الأخيرة ان يجمع جيشه لكي يقاتل معاوية وجيشه ولكن اهل الكوفة أظهروا تذمرهم ومللهم من الحرب فكانوا يعتذرون تارة بالجو و الثمار والزرع و تارة بالأولاد والأهل .
خضير العواد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here