أسرى التاريخ وأمل الجغرافيا

لقمان عبد الرحيم الفيلي

سألت اخي الكبير عن سبب تردده وإيمانه بمقولة “التاريخ يعيد نفسه”،

فأجاب:

“التاريخ يعيد نفسه”، مقولة نسمعها ونصدقها ونؤمن بها ونطبقها في يوميات حياتنا الا ما ندر.

نطبقها مع انفسنا، اهلنا، جيراننا، احبابنا، زملائنا، ارباب عملنا،

نطبقها ونحن نعلم ان التطور والتقدم لا يأتي بإعادة انتاج الماضي وخصوصا ان كنا اسرى له،

بل يتغير بأحداث تغيير جوهري او تدريجي في معتقداتنا ومناهجنا وسلوكنا.

يا ترى لماذا نريد فك ذلك الأسر؟ انه ممتع ويغني عن الحاجة الى الحركة؟

فالتاريخ يعني العمق والماضي البعيد والأباء والأجداد والأحبة الذين فقدناهم واشتقنا لهم،

البركة في الماضي،

والسُنَة تأتي من الماضي،

ونحن نتاج الماضي،

فأي تبرئة تريدني ان اقترفها بكسري لطوق الماضي،

وأي بدعة تريد مني ان اخترعها وانتهجها بإحداث تجديد وحداثة في منهج تفكيري،

او ممارساتي،

او معتقداتي،

ويحك ان تتهمني باني سلفي،

او ضد التحضر،

فانا الحضارة،

وأنا عمق التاريخ المشرق والمشرف،

وأنا الذي علمتكم الكتابة والرياضيات واختراع العجلة والقلم والفلك،

ويحك ويحك يا اخي الشاب،

نعم احياناً اعترف لنفسي بأني أمر بازمة،

أزمة معرفة،

أزمة مراجعة،

أزمة تصلب عضلاتي وجوارحي،

أزمة توقف عقارب ساعتي،

بل أزمة رجوع عقارب ساعتي الى الوراء،

أزمة اختلاط الحقيقة بالخيال،

أزمة اختلاط الحقيقة بالانطباع،

صحيح، ما الفرق بينهما يا اخي الصغير يا ترى؟

اخي، قل لي بحق مقدساتك هل أنا فقط أمر بازمة التمسك بالتاريخ وإعادة إنتاجه، ام غيري في مشارق الأرض ومغاربها يختلف عني؟

اجابة أسئلة اخي الكبير امر مقلق وحزين،

لا اعرف من أين افصح له عن الحقيقة والواقع؟

حبي له يمنعني ان اسكت او ان اصارحه،

نعم كأنه استيقظ الان من سحر التاريخ ويبحث عن دور في الجغرافيا،

من الجغرافيا يستطيع ان ينتج تاريخاً جديداً ولا يكون أسير ماضيه.

اخي الكبير فيه أمل.

بغداد – ٢٠٢٠/٥/١١

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here