الاخلاق الفردي والتأثير المجتمعي

الأخلاق هي السَّجيَّة والطَّبع والدِّين، وهو صورة الإنسان الباطنية وعبار عن مجموعة من العادات والاعراف والقواعد في الوعي الشعبي العفوي والكمال الأخلاقي وتشريع القانون الخلقي التي يؤمن بها هذا الشعب او ذلك المجتمع في مرحلة معينة من مراحل التطور التاريخي ومنظومة تتحدد بنائها على الواقع الاجتماعي والطبقي المحدد ولا بد من معرفة أهميتها في حياة الفرد، بالإضافة إلى تأثيرها على المجتمع ، و بناء على الخصوصيات الحضارية للجماعة البشرية المحددة في كل مرحلة تاريخية بعينها وأثر الأخلاق على المجتمع يدفع إلى الحديث عن الأخلاقيات الواجب على المرء أن يتحلّى بها في حياته الشخصيّة و معاملة الناس بحسن الخلق، وهو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الخلق، وتحمل أذاهم، والإحسان للمؤذي ما كان في الإحسان إصلاحٌ حتى صارت من كريم سجاياهم وجميل صفاتهم، وهي من صفات إيمانهم وجليل أعمالهم، وكذلك كونه جزءًا لا يتجزأ من المجتمع كأخلاقيات العمل وأخلاقيات طلب العلم وأخلاقيات التعامل مع الآخرين ونحو ذلك من الجوانب المختلفة للأخلاقيّات وجاء في القران الكريم سورة هود: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) 116و 117،وتكون اقوال الامام علي عليه السلام عن الاخلاق لها الاثر الكبير وأجمل الأقوال التي توفّرت بين ايدينا، والعبارات التي كُتبت بماءٍ من ذهب واقتفى أثرها الملايين من المسلمين وسجلت على أيدي كبار الأدباء وارخها البعض شعراً .ومنها” حرض بنيك على الآداب في الصغر .. كيما تقر بهم عيناك في الكبر” او “إذا آلمك كلام البشر فلا تؤلم نفسك بكثرة التفكير لماذا قالوا و لماذا فعلوا ذلك ثق بربك ثم بنفسك طالما هم بشر مثلك فليس لديهم سوى ألسنتهم و لا يملكون نفعاً و لا ضر”.
أن بعض الفلاسفة يرون أن موضوع الاخلاق “لا يكون مجرَّد دراسة تقريرية للعادات الخلقية السائدة بين الناس؛ لأنهم يرون أن مهمة الأخلاق إنما تنحصر في وضع الَمَثْل الأعلى من خلال فرض القواعد التي ينبغي على الانسان أن يسلكها في حياته ، و ما يصدر عن النفس من الأفعال بشكل تلقائي ويسير دون التفكير والتروي ، سواءا كانت أفعال مذمومة أو محمود وبهذا المعنى يقال: أخلاق طيبة ، كريمة أو صالحة ،أخلاق قاسية، أخلاق سيئة، أخلاق منحلة …الخ .

ان مكارم الاخلاق كيانٌ عظيمٌ شيّده الأنبياء والعلماء وأهل الفضل، وقد جاء عن النبيّ محمّد -صلّى الله عليه واله وسلّم- قوله عن رسالته: “إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ”،والأخلاق هي السّجايا الحسنة والطباع الفاضلة والصّفات الباطنيّة التي يحملها المرء في داخله، وهي ما يصدر عن نفس الإنسان من انعكاسٍ لأعماله وطباعه مع ذاته وفي معاملته للآخرين من حوله على اختلاف صلتهم به.

يجب علينا ان نعلم بأن هناك فَرْقٌ بين الخُلُق والتخلُّق؛ إذ التخلُّق هو التكلُّف والتصنُّع، وهو لا يدوم طويلاً، بل يرجع إلى الأصل، والسلوك المتكلَّف لا يسمَّى خُلقًا حتى يصير عادةً وحالةً للنفس راسخةً، يصدُرُ عن صاحبِه في يُسر وسهولة؛ فالذي يصدُقُ مرة لا يوصَفُ بأن خُلقَه الصدقُ، ومن يكذِبُ مرَّةً لا يقال: إن خُلقَه الكذب، بل العبرةُ بالاستمرار في الفعل، حتى يصيرَ طابعًا عامًّا في سلوكه.
وللأخلاق مجموعة قواعد ومعايير في حياة الناس، تحدد واجباتهم كل تجاه الآخر وتجاه المجتمع بأهميّةً بالغةً، وقيمها هي نسبية تابعة لعملية التغير المستمر الذي يؤثر في دوافعها الاجتماعية والبيولوجية والفيزيولوجية وغير ذلك من الدوافع، ولا تقتصر هذه الأهميّة والتأثير على الفرد وحده، بل تتعدّى هذه الأهميّة لتعمّ المجتمع كلّه ، ولا يختلف اثنان على أنّ الأخلاق الحسنة من الأمور المهمّة التي لا يستغني عنها أيّ مجتمع، أو جماعة، أو فرد، فلا يستقيم التواصل والاتصال بين النّاس على نحوٍ سليمٍ، ولا تنتظم العلاقات على تنوّعها دون الأخلاق الحَسنة،وقيمها ،

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here