لتذهب العملية السياسية ودستورها إلى الجحيم

من المعلوم أن الاحتلال الأمريكي وعمليته السياسية ودستورها قادت العراق الى كوارث حصدها الشعب العراقي طيلة ال 17 سنة الماضية. فمنذ ذلك الوقت انتشر الفساد والرشوة والمحسوبية بصورة لا سابق لها في تاريخ العراق. كذلك فقد تم تخريب شامل للبنى التحتية للبلاد وانهارت الصناعة والزراعة في فترة قياسية. لكن الانكى والاخطر لكل ما سبق الفشل السياسي والتمزق المجتمعي الذي ضرب البلاد بفعل فاعل. لقد عمل اذناب المحتل منذ اللحظات الأولى للاحتلال تضييع هوية العراق العربية. فهمش اكثر من 85% من العراقيين العرب لصالح الاقلية الكردية والشعوبيين المناصرين لايران. باتت القوى المهيمة على العراق كايران وامريكا تسيير سياساته واقتصاده وفق رغباتهما ومصالحهما الذاتية. اما الدستور سيء الصيت فقد أسس لتمزيق الشعب العراقي الموحد إلى مجاميع سكانية متناحرة اكراد شيعة سنة مسيحيين صابئة الخ. مما مهد لاشعال حروب طائفية وقومية ومناطقية. اما الجانب الأمني فقد اضحى العراق موطنا للارهاب الدولي الوافد وحولوا جيشه المهني إلى مليشيات طائفية ارهابية تنكل بشعبها على أسس مذهبية أو مناطقية أو قومية.
أن اذناب المحتل من جهة اخرى اعادوا العراق الى دولة متخلفة تنتمي إلى العصور الرجعية البائدة. فلا يزال لحد هذه اللحظة من يتباكى على ضرورة استمرار العملية السياسية. تلك التي فتحت ابواب جهنم على العراقيين وسمحت لدخول وتحكم خونة الوطن الطفيليين بالبلاد والعباد. هم الفاسدين المفسدين اليوم بعد أن فضحت انتفاضة تشرين اهدافهم اللاوطنية. أن هدفهم المفضوح هو تبييض وجه المحتل الأمريكي أو الايراني حفاظا على مصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية.
لقد كان المنتفضون يدركون عمق المشكلة في العراق ويعلمون تماما بأن الطبقة السياسية التي جاءت مع المحتل الأمريكي لا يمكن الإئتمان بها لقيادة البلاد. لانها هي السبب الأساسي لتدمير وتخريب الوطن اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا. انتفاضة تشرين رفعت شعارا مفصليا ومحوريا معبرا يفسر التيه الذي عاناه العراقيين طيلة عقود. لقد كان الهتاف الأساسي للتظاهرات (نريد وطن). كان المنتفضون منذ اليوم الأول يرفضون الطائفية والدستور الذي شرعه واوجده المحتلون وصنائعهم في الأعوام الأولى. لذلك فالانتفاضة على بينة من أمرها وتسلك طرقا مدروسة معتمدة على الارادة الشعبية العراقية لتغيير مسار العملية السياسية وشخوصها. ان الالتفاف الجماهيري حولها جعلها الان لا تأبه بتهديدات الأمريكان والايرانيين والشعوبيين.
ان تزايد جرائم القوات الامنية اليوم ضد المتظاهرين السلميين تثبت بأن خطر جائحة اذناب أمريكا وإيران اخطر بكثير من جائحة كورونا نفسها. لذا فينبغي اليوم على المنتفضين رفع سقف مطالبهم. ذلك بتقديم طلب رسمي إلى الامم المتحدة لحماية ارواح المواطنين العزل من بطش وجرائم السلطة الحاكمة. ثم الشروع فورأ برفع الغطاء الدبلماسي والاممي للحكومة العراقية التي تقتل شعبها. فيصار إلى تشكيل حكومة انقاذ وطنية بديلة. حكومة تضمن للعراقيين فترة انتقالية حرة لمدة سنة أو سنتين يشرع فيها كتابة دستور وطني عراقي. كما تحضر اقامة انتخابات نزيهة تحت اشراف دولي. اضافة الى تقديم رموز الطبقة السياسية الفاسدة الى محكمة الجنايات الدولية. هناك ضرورة قصوى ايضا لتحريم وتجريم الأحزاب والمليشيات التي تأسست على خلفيات طائفية أو دينية. فالشعب اليوم يريد عراق عادل مدني حر.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here