كيف لا أهواك يا أبا الحسن (سلام الله عليك)

كيف لا أهواك يا أبا الحسن (سلام الله عليك)

لقد بقى علي بن أبي طالب (ع) عبر العصور ملهم المفكرين والكتاب والشعراء وطلاب الحقيقة والكمال , ومهما كتب الواصفون وشعر الشاعرون ونظّرَ المنظرون لم يصلوا الى عشر معشار من فضائلك وسجاياك يا أبا الحسن , مولاي أول نفس تنفسته في هذه الحياة كان في بيت إلله وأول غذاء تغذيته كان من الجنة , وبعدها أحتضنك سيد الكائنات شوقاً ومحبةً وغذاك بفاضل صفاته وأخلاقه الكريمة فكنت نفسه وخليله وحبيبه لا يقدر على فراقك وأن غبت عنه لأمر من ألله سبحانه وتعالى كان يترقب وصولك كلهفة الأم على وليدها قال رسول ألله (أنت مني كروحي من جسدي )(1) قال رسول ألله (ص) (علي مني بمنزلة رأسي من بدني )(2), فكنت أمله في الأمة لحفظ دين ألله وإعلاء كلمة الإسلام فكنت عند حسن ظنه فيك على الرغم من اجتماع الأمة ضدك وإبعادك عن خلافة الرسول (صلى الله عليه واله) ولكنك لم تكترث لهم لأنك تعيش لله وفي ألله , فشمّروا عن سواعدهم لكي يخفوا فضائلك فسبوك من علا منابر المسلمين الذين لم يصبحوا مسلمين إلا بسيفك قال رسول ألله (ص) (لولا سيف علي ومال خديجة لما قام للإسلام قائم)(3 ) , ووضعوا أشد العقوبات لمن يذكرك بخير والأموال والإغراءات لمن يطعن فيك , ولكن ماذا يحصل من يريد تفريغ ماء المحيط بالمنخل فقد خرج من فضائلك يا أمير المؤمنين ما ملئ الخافقين , (عن بعض ألفضلاء …… وقد سئُل عن فضائل علي بن أبي طالب (ع) فقال ما أقول في شخص أخفى اعداءه فضائله حسداً وأخفى أولياءه فضائله خوفاً وحذراً وظهر فيما بين هذين ما طبقت الشرق والغرب)(4), مولاي لقد أحبتك السماء وملائكتها قبل أن يحبك أهل الأرض وسكانها عن جبرائيل (يا محمد والذي بعثك بالحق نبيا لو أن أهل الأرض يحبون علياً كما يحبه أهل السماوات لما خلق ألله نارا ) (5) ,ولم يبعث نبي أو رسول إلا بالإقرار بولايتك قال رسول ألله (ص)( لما أسري بي الى السماء إذا ملك قد أتاني فقال لي : يا محمد ( وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا )(سورة الزخرف 45) على ما بعثوا ؟ قلت يا معشر الرسل والنبيين على ما بعثكم ألله ؟ قالوا على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب (ع)(6) , فقد أحبك وذاب فيك حتى من أقمت عليه القصاص لعدلك ,عن الحارث بن حصيرة قال : مررت بحبشي وهو يستقي بالمدينة وإذا أصابعه مقطوعة فقلت له من قطعك ؟ فقال قطعني خير الناس , إنا أخذنا في السرقة ونحن ثمانية نفر فذهب بنا الى علي بن أبي طالب فاعترفنا بالسرقة أمامه , فقال تعرفون أنها حرام ؟ قلنا نعم , فأمر بنا فقطعت أصابعنا من الراحة وخليت الإبهام , ثم أمر بنا فحبسنا في بيت يطعمنا فيه السمن والعسل حتى برأت أيدينا فأخرجنا وكسانا فأحسن كسوتنا ثم قال لنا : إن تتوبوا وتصلحوا فهو خير لكم يلحقكم ألله بأيديكم في الجنة , وإن لا تفعلوا يلحقكم إلله بأيديكم في النار(7 ) , وأما أصحابك فقد ضاقت بهم الأرض بما رحبت لفقدك فهاموا في البوادي حسرةً ولوعةً لفراقك وكانوا كالسيف القاطع بذكرك ولا يهابوا الموت في مدحك فكان صبرهم مراً وقلوبهم مقطعة وعيونهم لا تهدأ من كثر البكاء , سأل معاوية عدي بن حاتم كيف صبرك عن فقد علي بن أبي طالب (ع) فقال : كصبر من ذبح ولدها في حجرها فهي لا ترقأ دمعتها ولا تسكن عبرتها , قال فكيف ذكرك له ؟ قال : وهل يتركني الدهر أن أنساه (8) , مولاي قد عشقك الكون كله وكل من يريد الحقيقة وكتب فيك الموالي والمعادي والمؤمن والكافر ,كلٌ يأخذ ما يريد من حديقتك الغناء المملؤة بكل الكمالات الخلقية والمبادئ الإنسانية فأصبحت شعاراً لكل الأحرار في العالم فذاك معاوية العدو اللدود يقول عند مقتله ذهب الفقه والعلم بموت علي بن أبي طالب وهذا جورج جرداق يكتب كتاب علي صوت العدالة الإنسانية وهذا الشاعر السوري الكبير محمد مجذوب يقول :

قم وأرمق النجف الشريف بنظرة يرتد طرفك وهو باك أرمد

تلك العظام أعز ربك قدرها فتكاد لولا خوف ربك تعبد

وهذه الأمم المتحد تريد كلمة أو قول لنشر مبدأ الأخوة والمحبة ما بين البشر فلم تجد أعظم من مقولتك : الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق , فكيف لا أهواك يا أبا الحسن وأنت تمثل كل ما اصبوا أليه من احلام وأمنيات فقد دافعت عن حقوقي منذ مئات السنين وأعطيت حياتك فداءاً لكل القيم التي تضمن لنا الحياة السعيدة والحياة الكريمة , فسلام عليك يا أبا الضعفاء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .

(1)بحار الأنوار ج8ص298 (2)- فيض القدير للعلامة المناوي ج3ص357 (3)- لقد شيعني الحسين , أدريس المغربي ص116 (4) – مقدمة المناقب للخوارزمي ص8 (5) بحار الأنوار ج39 ص248,278 (6)- تاريخ دمشق ج2 ص97 , شواهد التنزيل ج2ص152 , فرائد السمطين ج1 ص81 (7)- صوت العدالة الإنسانية , جورج جرداق ج1ص73 (8)- القمي , سفينة النجاة ج2ص170

خضير العواد

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here