بعد فنلندا والنرويج.. الدنمارك تقرر إعدام السويد خنقًا بفيروس كورونا

إيهاب مقبل

تأمل هذا المشهد: «مجموعة من الأصدقاء السويديين يجلسون معًا في الهواء الطلق، وهم يشربون الخمور ويتبادلون الضحكات على مرأى ومسمع من جميع الجيران، دون الأبتعاد عن بعضهم البعض أكثر من متر واحد». شاهد الدنماركيون بصدمة هذا المشهد من الجانب الآخر لجسر أوريسند، بينما رفعَ النرويجيون رقابهم بدهشة على الجانب الآخر من الحدود، في حين رفض الفنلنديون تصديق عيونهم عمّا يحدث على الجانب الآخر من بحر البلطيق وخليج بوثنيه.

فرضت كل من النرويج والدنمارك وفنلندا استراتيجية حجر السكان في المنازل، وإغلاق الأماكن العامة، وتشجيع العمل من المنزل، إلا أن السويد رفضت استراتيجية جيرانها، وابقت الحياة على وضعها الطبيعي تقريبًا رغم تفشي «وباء كورونا» في القارة العجوز. بل نصحت الحكومة السويدية سكانها بالحفاظ على لياقتهم، والتشمس والمشي اليومي القصير أو حتى الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية!

بدأت النرويج إجراءات الإغلاق في الثاني عشر من مارس آذار، وأغلقت جميع الأعمال غير الضرورية رغم ما يلحق بالدولة من خسائر اقتصادية في محاولة منها للحفاظ على أرواح سكانها. في حين، قررت الدنمارك وفنلندا السير أفقيًا مع التعليمات نفسها في الثالث عشر والثالث والعشرين من مارس آذار على التوالي. وعندما رفضت السويد أتباع ذات التعليمات لأسباب أقتصادية، ضجت الصحف النرويجية والدنماركية والفنلندية بما وصفوه «الإهمال السويدي»، وقدْ ساعدهم بذلك انتقاد المجتمع العلمي السويدي نفسه لإستراتيجية الحكومية السويدية الحالية في التعامل مع الوباء.

بعد ذلك، قررت كل من فنلندا والنرويج والدنمارك إغلاق حدودهم مع السويد، وكانَ قرارًا حكيمًا لتجنب إنتقال العدوى من السويد، فجميع ما قاموا به من إجراءات وتدابير يمكن أن تهدم في ساعات قليلة في حال توافد إلى بلدانهم سويديون مصابون بالوباء.

ومؤخرًا، قررت الدنمارك فتح حدودها مع النرويج وألمانيا على أثر السيطرة على الوباء داخل أراضيها، ولكنها رفضت بالوقت نفسه فتح حدودها مع السويد. فجن جنون الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في السويد عند سماع هذا القرار، وذلك لأن الدنمارك منفذ تجاري حيوي للسويد يربطها بقلب القارة العجوز، فقذفوا الدنماركيين بتهمة «التمييز العنصري ضد السويديين». فرد عليهم زعيم الحزب الليبرالي الدنماركي المعارض جاكوب إليمان-جنسن في قناة الدولة الرسمية: «إذا لم يكن مبررًا من الناحية الصحية فتح الحدود مع السويد، فيمكن للسويديين أن يبقوا حيث هم». وهذا يعني عمليًا، أن الدنمارك قررت إعدام السويد خنقًا بفيروس كورونا.

والسبب للقرار الدنماركي الأخير هو أن النرويج وألمانيا تعتبران مماثلتين للاستراتيجية الدنماركية ضد الوباء، حيث أغلقوا مجتمعاتهم بتوقيت متزامن، وتجنبوا انتشار العدوى بين المواطنين. في حين، يعتبر الوضع مختلف تمامًا في السويد، حيث سمحت الحكومة السويدية للفيروس بمهاجمة سكانها، صغارًا وكبارًا، ولذلك تعتقد الدنمارك ودول أوروبية عديدة وجود انتشار كبير لعدوى فيروس كورونا بين السويديين، مما يفقدهم السيطرة على الوباء في حال دخول السويديين اراضيهم.

والحل الوحيد على ما يبدو للسويديين لتجنب عواقب الحصار الدنماركي، هو سحب الثقة سريعًا عن حكومة ستيفان لوفين، وتشكيل حكومة طوارئ قادرة على التعامل مع الوباء والأزمات المتتالية التي تضرب البلاد.

واليوم يوجد في المستشفيات السويدية أكثر من 2000 شخص مصاب بالوباء، مقارنةً بـ147 في الدنمارك، و61 في النرويج. وحتى الخامس عشر من الشهر الجاري مايو أيار، بلغّ عدد القتلى بالوباء في السويد نحو 3700، بالمقارنة مع الدنمارك نحو 540.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here