التكافل الاجتماعي بطول الوطن

التكافل الاجتماعي بطول الوطن

في ظل هذه الأوضاع السائدة في العالم اليوم ومجتمعنا ليس ببعيدعنه لا بل جزء لاينفك منه وكان وسيكون أشد صعوبة على أهلنا مع طول أمد بقاء الوباء اذا لم يعمل بالوقاية والفواصل الاجتماعية ويعد استمراراً لمعاناتهم من ويلات الحرب التي شنتها عصابات الكفر والارهاب ولا زالة مؤثرحتى في العملية السياسية العرجاء التي انهكت اكثر المواطنين ، لتصل بهم الحاله إلى مستويات عالية من الفقر المدقع والحاجة الماسة لشتى أنواع المساعدات، واليوم مع وجود فيروس كورونا أصبحت الحاجة أكبر والعوز أشد و يتردد على طرف كل لسان في شتى البقاع وخاصة ممن هم داخل البلاد في مختلف المحافظات والمدن وعلى جغرافيته .
المحنة الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها ابنائه نتيجة تفشي فيروس «كورونا»، تستوجب تحقيق مبدأ التضامن الاجتماعي الذي اتى ليكون شريعة الوجود لمن أراد أن يكتمل ، مثل التكافل الاسري ، الاقتصادي ، الامني ، العلمي ، العبادي؛ والذي يقصد به بالمفهوم الحديث باجتماع أفراد المجتمع على المصالح المشتركة فيما بينهم، وأن يكونوا يداً واحدة ضد المعوقات الفردية والجماعية التي تواجههم، ويتّحدوا على دفع الضرر والمفسدة عن جميع أفراده، والوقوف على كلّ ما يواجه أفراد المجتمع الواحد، من مساعدة للمحتاج وإغاثة للملهوف وحماية الضعيف الذي يشمل المعوزين من طبقاته المختلفة لانهم الاكثر تعرضاً، وتكريم مَن يستحق التقديرمن الفاعلين والمضحين ، والنظر إلى كلّ مَن لديه حاجة خاصّة، والوقوف إلى جانب بعضهم في دفع المظالم وتسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع الواحد.
وهو ما يفرض على أفراده تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينهم لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية،تحت مبدأ التضامن الذي أكدت عليه المواثيق الدولية والتعاليم الدينية وتحت نافذة التكافل الاجتماعي الذي يعني : أن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية

التكافل يولد شعور عند الفرد بأنه غير منفصل عن المجتمع وغير معزول عن الناس لوقوفهم إلى جانبه في السراء والضراء، وتوثيق الصلات والعلاقات الأخوية، وتعزيز الروابط المجتمعية بين الناس وتقوية أواصر المحبة بينهم، وقوة تماسك المجتمع وتلاحمه وترابطه في مواجهة الأزمات والكوارث وهو السبيل الامثل بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له أن عليه واجبات للآخرين، وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة، وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهم.

للتكامل الاجتماعي مكانه بارزاً في المجتمع عندما يلتزم بهذه القاعدة وتتحقق فيه جميع مضامينه، ذلك .

الإسلام قد أهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة التي وصف بها الرسول صلى الله عليه واله وسلم ذلك المجتمع بقوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وليس أبلغ من تشبيه كهذا، فللتعاون والتكافل في المجتمع العديد من الآثار التي تعود عليه بالإيجابيات والخير من خلال في التعاون فيما بينهم وتناصحهم وموالاة بعضهم لبعض،وقال تعالى: «واعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (سورة آل عمران، آية: 103) ويتمثل في مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين بأن يساهمون في توفير حاجاتهم وتخفيف معاناتهم، ويتمثل أيضًا في مساعدة الأيتام وكفالتهم، وفي مساعدة الأرامل وتوفير احتياجاتهن… إلى غير ذلك، يقول تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].والتكافل الاجتماعي هو مسؤولية المجتمع بمختلف شرائحه، هيئات وجماعات وأفرادا، الإمام علي (عليه السلام) بهذه يقول: (الناس صنفان اما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) فهذه الحكمة الرائدة هي دعوة للإصلاح والإهتمام بالآخرين ،وبمقدار ما يتم تعزيز هذه القيمة بقدر ما يحقق المجتمع وحدته وتماسكه وقوته لمواجهة هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الكثير من البلدان ؛ فالإنسان بمفرده لا يستطيع مجابهة أي خطر دون وجود من يسانده ويدعمه. ثم إن هناك فئات في المجتمع، في وضعية هشاشة، في حاجة ماسة إلى من يتآزر ويتضامن معها في مواجهة الآثار الاجتماعية السلبية. والتكافل الاجتماعي في الامكان ان يكون كأحد صور توزيع المسؤوليات على أفراد المجتمع، وخاصّة ما يتعلق بأصحاب القرار الذين بيدهم الربط والحل في المجتمع وذوي الرأي فيه، فهؤلاء اول الناس التي تقع على أعناقهم مسؤولية حمايته وحل مشاكله إذ تفاعلوا بشكل إيجابي مع هذا المفهوم كأبناء وطن وبروح المواطنة التي تفرضها القيم الاخلاقية والدينية و عليهم ضرورة التمسك بالفضائل التي تناسب الطبيعة الإنسانية، ، فمنهم يجب أن تبدأ مبادرات التكافل الاجتماعي، والتي تبحث عن المشكلات المعقدة في المجتمع وتحاول حلها وتخطيها، لينعم أفراده بالسكينة والراحة والأمان والاطمئنان بطول الوطن.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here