القُدسُ ووعدُ الصادقين

القُدسُ ووعدُ الصادقين
المقدمة !
في العشرة الأولى من رمضان المبارك كتبتُ تغريدتي على تويتر مفادها .. أن العالم يعيش أزمة الوباء ( كورونا ) المستشري على الأرض ومن المحضورات فيها هو التجمعات التي تختلط فيها الناس دون معرفة من هو المصاب ومن هو السليم مما يستدعي الحذر من العدوى بينهم. فكلنا نعرف جيدا أن يوم القدس العالمي صار مناسبة دينية وسياسية لدى العرب والمسلمين في مختلف دول العالم لنصرة القدس والمسجد الأقصى والوُجهة هي كل فلسطين. ونعرف أيضا أن الشعب المسلم في إيران يساهم ويشارك بهذه المناسبة مشاركة مليونية في آخر جمعة من رمضان في كل عام. في زمن كورونا نتمنى على القائمين في إيران والدول المتضررة بهذا الوباء أن يبادروا الى توجيه الشعب بحضور ممثلين عنه بالمئات وهو عدد رمزي يعرفه العالم أجمع أنه يمثل تلك الملايين المستعدة للمشاركة بشغف وعشق في كل مدن إيران منذ ولادة الجمهورية الإسلامية في إيران. هذه مجرد وجة نظر طرحتها للمنفعة العامة. إنتهت.
في عام 1979 نجح شعبُ إيران المنتفض بقيادة الإمامِ الخميني الإطاحة بعرش الشاهنشاه محمد رضا بهلوي، وفي اليوم الأول الذي وطأة قدماه العاصمة طهران وجّه الإمامُ الثوارَ المُنتفضين باحتلال السفارة الإسرائيلية وتحويلها الى سفارة دولة فلسطين بعد حرق العلم الإسرائيلي الذي رفرف على سطحِها لعقود من حكم الطاغوت، ورَفعِ العلمَ الفلسطيني مكانه، فسُمي الشارعُ الذي تقع فيه السفارة بشارع فلسطين ( شاهدت الموقعين أكثر من مرّة ).
كانت رؤية الأمام الخميني مفجر الثورة الإسلامية في إيران ثاقبة وسديدة بشأن أهمية الدفاع عن فلسطين وتحريرها، وقد تبلورت كذلك بخطوة أخرى جريئة خطاها في رمضان الذي تلا نجاح الثورة بجعل آخر جمعة من رمضان يوما عالميا لنصرة القدس، وأمر بدعم حركات التحرر والكفاح الفلسطسينية دعما ماليا وعسكريا ولوجستيا حتى التحرير وزوال إسرائيل من على الخارطة التي رُسمت بريشة صهيونية مزيفة لخَّص الإمامُ عدم شرعيتها وهدَّد وجودها بقول الصادقين بوعدهم ، المخلصين لدينهم (إسرائيل حتما الى زوال) لتصبح شعارا قوميا وأمميا.
القضية الفلسطينية توارثت لنصرتها الأحرارُ من داخل فلسطين ومن خارجها وأصبحت مفهوما وطنيا وقوميا ودينيا وسياسيا، لكن المفهومين الديني والقومي المَبنيَّين على أسُس لا تتعارض ومشروعية المُطالب بالسلم أوالكفاح لهما الأولوية في تحديد مسارات العمل المشترك من أجل التحرير. هذا ليس تفسيرا مجازيا أو تحليلا يندرج في دائرة ضيقة الغرض منه التعبئة ضدَّ عدوًّعَرضيًّ ضربَ ثم هرب.
لقد تعدَّت دويلة ُإسرائيل المزعومة حدودَ الطمع والإحتلال وصارت بين الحين والآخر تتحدث عن حدودٍ تصل الى غور الأردن ونهر الفرات في ظروف تزخر بدعمٍ أمريكي غربي، وبدعم المتصهينين والمطبعين من العرب. ثم تجرَّأت على ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية وقتل أهلها المدنيين، وتعدَّت على حرمةِ الأقصى ومدينةِ القدس، والتوسل بدول الغرب لنقل سفاراتها اليها خارج اللياقة الدبلوماسية والسياسية تحقيقا لأحلام المتغطرس ترامب وإبنته وصهره وكبندٍ من بنود صفقة القرن المهزوزة والمهزومة وليس القانون الدولي والإنساني. إن هؤلاء المتغطرسين ليست أمراء ربانيين على الأرض ليحكموها أو يقسِّموها، فهم لا يصلحون أن يكونوا أمناءَ على قرية في زمن تسوده العدالة والشرعية والنواميس الأنسانية.
في هذا الظرف المُزري أيضا تجاوزت إسرائيل كلَّ الممنوعاتِ وحواجزِ اللياقة باعتداء طائراتِها وصواريخِها بين الحين والآخرعلى الأجواء والأراضي في سورية والعراق ولبنان وحتى اليمن بذريعة التحالف العربي وهو مشروعُها الداعم لمملكة آل سعود من أجل تقويض الصوت المنبثق من شمال اليمن في صعدة وقطع الطريق عليها للمشاركة في تحرير القدس الشريف ، كما تعدَّت من قبل على السودان الشقيق بروح الغطرسة والجبروت.
لقد تأطرت مسألة تحرير القدس بإطارها الديني بعد وصايا وتوجيهات الإمام الراحل الى جانب عمقها القومي العربي المتجذر لتصبح ملتقى الكفاحين الديني والقومي وهذان البعدان (المفهومان) كفيلان بصناعة البعد الإستراتيجي في خوض وإنجاح كل مسارات العمل التعبوي وفي الكفاح المشترك ( المقاومة ).
إن القدسَ الشريف بما فيه من مقدسات كان بالأمس قبلتنا العبادية واليوم هو قبلتنا السياسية والقومية الى جانب الشعور الديني الذي تربينا عليه في التعاطي مع هذه المدينة منذ نشأتها كفرض مكتوب في الإنجيل والقرآن وقد تعذر على دول الغرب الداعمة للمشروع الصهيوني منها كندا ( عدوٌ نائم يقظ ) الظن بأن فلسطينَ سهلُ ابتلاعِها وبسطِ نفوذِ دولة إسرائيل المزعومة عليها، وإن ظنّت إسرائيل من قبل أن أجزاءً من مزارع شبعا اللبنانية سهلة المنال والضم، وأن احتلال الجولان العربي السوري قد تغفل عنه الذاكره وتتجرعه نفوسُ الأحرار من هذه الأمه.
انتكس الظن الغربي المغلوط وتبدَّد منذ اليوم الذي احتُلت فيه سفارة الكيان البغيض في طهران، وحُرق علمُها، وقيام إسم فلسطينَ عليها. كانت تلك الخطوة هي بداية محنتهم والإحباط الذي فضح أطماعَهم وأربكَ عقولَهم ومخططاتِهم، تلاها إعلان يوم القدس العالمي الذي وحَّد الأصوات الحرة والنفوسَ المخلصة، فكرا،ونهجا، وعملا،ووسيلة في إيران والعراق وسورية ولبنان، وفي فلسطين واليمن، وبلدان أخرى، تحت الشعار الذي أطلقه الإمام الخميني الراحل….( الموت لإسرائيل ).
إن تحريرَ كل الأرض المغتصبة من هذه البلاد العربية نحسبه تحريرَ الكرامة وتجديدَ الوجود، وفرضا شرعيا من فرائض الدين والعروبة والسياسة النقية الهادفة. وليس لنا نحن أبناء هذه الأمة عربا ومسلمين سوى أن نلتقي على المشروعية والعدالة الإنسانية وواجب دفع الضرر الذي يخرج بصمت من مصانع المخابرات الأمريكية والبريطانية والكندية والفرنسية وباقي الدول الأخرى، تساندها الرجعية العربية بنشر الإرهاب المتمثل بداعش والقاعدة وجبهة النصرة وكل الفصائل المتوحشة على أرض الدول الحاضنة لصنوف المقاومة والداعمة لها لتحقيق حلمَ مَن سبقنا بالهِمةِ والكفاح، ومَن فاضت روحُه ونزفَ دمُه وهو يتلو أنشودة (وعدُ الصادقين). إنها كلُّ الأرض وكلُّ فلسطين.
قاسم محمد الكفائي/ كندا
للتواصل/ Twitter…….……..Qasim4canada
Email…[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here