أَسْحارٌ رَمَضانِيَّةٌ السَّنةُ السَّابِعَةُ (٢٥)

نـــــــــــــــزار حيدر

{وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

إِذا كان التَّمكينُ تَوفيقٌ واستعدادٌ، توفيقٌ من الله تعالى واستعدادٌ من عبدهِ، فلماذا لا يستوعب البَعض هذهِ المُعادلة؟! وأَساساً كيفَ يلزم أَن نتعاملَ معهاعندما نرى أَنَّ زَيداً تمكَّن وعمرو لم يتمكَّن؟ ما الذي يجب فعلهُ؟!.

يلزم هُنا أَن أُشير إِلى واقعٍ مُؤلم نعيشهُ في الكثيرِ من مفاصلِ حياتِنا وهوَ؛ أنَّ البعض منَّا [يزعل] اذا مكَّن الله تعالى صاحبهُ فوفَّقهُ لإِنجازٍ لم يُوفَّق إِليهِ هوَلأَيٍّ سببٍ كانَ، فبدلاً مِن أَن يُبادر لتهنِئتهِ مثلاً أَو على الأَقل يغبِطهُ ليتنافسَ معهُ، وهو أَمرٌ محمودٌ {خِتَامُهُ مِسْكٌ ۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} تراهُيحسدهُ وقد يحاول أَن ينتقمَ منهُ بتخريبِ مُنجزهِ ونجاحهِ والتَّحريضِ عليهِ بالأَكاذيبِ، وهذهِ صفةٌ سيِّئةٌ جدّاً ينبغي أَن نُحاربها بأَنفُسِنا ليقلعَ عنها مُجتمعنا، وإِلَّافلَو أَنَّ كلَّ واحدٍ حقَّقَ نجاحاً تآمر عليهِ الآخرون لما بقيَ نجاحٌ قائِمٌ أَو مُنجزٌ نفخرُ بهِ أَبداً.

في أَحيان كثيرةٍ ترانا بحاجةٍ إِلى أَن نتَّخذَ من الحديثِ الشَّريفِ عن رسولِ الله (ص) {إسْتَعِينُوا عَلى أُمُورِكُمْ بِالكِتْمانِ فَإنَّ كُلُّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٍ} شِعاراًبسببِ هذا المرضِ الخطير.

إِنَّ الحسد صفةٌ ذميمةٌ من صفاتِ الجهلِ المُركَّب، فهي دليلٌ على عدمِ الإِيمان بفضلِ الله تعالى على عبادهِ واختصاصهُم دونَ سواهُم لحكمةٍ، من جانب،ودليلٌ على عدم الإِيمان بالقدُرات الذاتيَّة التي يتمتَّع بها إِنسانٌ دون آخر، وهيَ حالةٌ طبيعيَّةٌ لا ينبغي التغافُل عنها، من جانبٍ آخر.

يقولُ تعالى {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} وقولهُتعالى {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} وكذلك قولهُ تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِلَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

بدلاً من الحسد والتَّحاسد الذي يُشيعُ التَّقاطع والبغضاء والتَّنازُع ينبغي أَن يتحلَّى المُجتمع بروحِ الغِبطة لتشيعَ ثقافة التَّشجيع والتَّعاون، فلقد حذَّر أَميرُالمُؤمنينَ (ع) من الحسدِ بقولهِ {لا تَحَاسَدُوا، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الاِْيمَانَ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ، وَلاَ تَبَاغَضُوا فَإِنَّهَا الْحَالِقَةُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الاَْمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ،وَيُنْسِي الذِّكْرَ، فَأَكْذِبُوا الاَْمَلَ فَإِنَّهُ غُرُورٌ، وَصَاحِبُهُ مَغْرُورٌ}.

وللحسدِ أَثرٌ سيِّءٌ على الرُّوح والجسد وليس على الرُّوحِ فقط كما يتصوَّر البعض، يقول (ع) {صِحَّةُ الْجَسَدِ مِنْ قِلَّةِ الْحَسَدِ}.

أَمَّا الذي يُمكِّنهُ الله تعالى دونَ أَقرانهِ، فينبغي أَن يتحلَّى بالتَّواضع وسِعة الصَّدر ليعملَ على إِشعارِ الآخرينَ وإِقناعهِم بأَنَّ نجاحهُ هو نجاحهُم، وكما أَنَّهُ نجحَفي تحقيقِ إِنجازٍ مُفيدٍ كذلك هُم يُمكنهُم تحقيقِ مثلهِ وأَفضل، ليُساهمَ بالتَّالي في تمكينِ مَن لم يتمكَّن ولَو بعدَ حينٍ، لأَنَّ التكبُّر يوسِّع الهُوَّة بينهُ وبينَ الآخرينورُبما يُساهم في إِشعالِ حريقِ الحسد في نفوسهِم، خاصَّةً في المُجتمعاتِ التي يكثرُ فيها {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ* الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ* مِنَ الْجِنَّةِوَالنَّاسِ}.

ليحذرَ النَّاجحون من إِظهارِ نجاحاتهِم بطريقةٍ يحتقرُونَ فيها الآخرين أَو يزدرُونهُم، فالتَّواضُع بحدِّ ذاتهِ نجاحاً مُضاعفاً كما يصفهُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) {وَلاَحَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ}.

١٨ مايس [أَيَّار] ٢٠٢٠

لِلتَّواصُل؛

E_mail: [email protected]

‏Face Book: Nazar Haidar

Twitter: @NazarHaidar2

Skype: nazarhaidar1

‏WhatsApp, Telegram & Viber : + 1(804) 837-3920

*التلِغرام؛

https://t.me/NHIRAQ

*الواتس آب

https://chat.whatsapp.com/KtL7ZL3dfh

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here