وجهاً لوجه … مع الزعيم عبد الكريم قاسم

بمناسبة الذكرى ( ٦٠ ) لتأسيس الحزب الاسلامي العراقي ، ولأول مرة يكتب الأستاذ فليح حسن السامرائي سكرتير الحزب الاسلامي العراقي (سنة ١٩٦٠) مقالاً بهذه المناسبة.

الحلقة الثالثة

) المقابلة الأولى(

إن الفترة التي تم تأسيس الحزب الإسلامي العراقي فيها كانت في مرحلة صعبة للغاية، إذ سادت الفوضى وقمعت الحريات، وتحكم الحزب الشيوعي ـ آنذاك ـ في الساحة العراقية.

فلذلك أردت أن أوضح لأبناء الحركة الإسلامية (خصوصاً)، ما جرى في تلك الفترة من أحداث ليستفيدوا منها، ويصبروا ويستمروا في نشر رسالة الإسلام الجامع للأمة، ولا يتخلوا عن منهج الله تعالى في الإصلاح والنصح والإرشاد.

كما آمل أن يطلع الجيل الجديد من أبناء الشعب العراقي (عموماً) من إننا كنا نقول كلمة الحق (بالحكمة والموعظة الحسنة) كما علمنا القران الكريم، أمام السلطان والحاكم والمسؤول، لا نخاف في الله لومة لائم.

بعد إجازة الحزب الإسلامي العراقي من قبل محكمة تمييز العراق في ٢٦ نيسان ١٩٦٠م، أراد الزعيم عبد الكريم قاسم مقابلة قيادة الحزب الإسلامي، وطلب من الفريق نجيب الربيعي (رئيس مجلس السيادة) أن يؤمن اللقاء في بيته.

علما أن مجلس السيادة هو مجلس يتكون من ثلاثة أعضاء هم (الفريق نجيب الربيعي والعقيد خالد النقشبندي والشيخ محمد مهدي كبة).

ومن الجدير بالذكر أن الفريق الربيعي كان رجلاً مسلماً ملتزماً، ويحترم توجهات الحزب الإسلامي ورجالاته، وفعلاً اتصل بالأخ الأستاذ فاضل شاكر النعيمي صاحب جريدة (الحياد) والذي تربطنا معه علاقة أخوية متميزة ومن مؤيدي الحزب الإسلامي العراقي، فاستجبنا لهذا الطلب وتم تحديدها في بيت الفريق الربيعي بعد صلاة العشاء.

فحضر كل من الدكتور نعمان السامرائي رئيس الحزب وبعض أعضاء الهيأة التأسيسية للحزب وهم كل من الشيخ ابراهيم المدرس ونورالدين الواعظ والشاعر وليد الأعظمي وفليح السامرائي

وأثناء وجودنا فوجئنا بحضور الزعيم الكوردي ملا مصطفى البرزاني، وبعدها وصل الزعيم عبد الكريم قاسم مع مرافقيه، فصافح الجميع، وبدأ الحديث كعادته بالتمجيد بالثورة التي قام بها على الحكم الملكي، وأنه قاد العراق ليحرره من الاستعمار الأجنبي، وانه سينهض بالبلد ويجعله في مقدمة دول المنطقة، ثم عرج بالحديث عن القضية الفلسطينية ودوره في حرب ١٩٤٨م وانه اشترك فيها وأبلى بلاءً حسناً ضد العصابات الصهيونية.

ثم ذكر انه سيحكم الشعب العراقي بالعدل والمساواة ، وسيكون لجميع ابناء الشعب حرية تشكيل الأحزاب ، فضلاً عن حرية اصدار الصحف والمطبوعات.

ثم جرى بعد ذلك معه حديثاً دار بيننا واتسم بالهدوء، وكان يستمع لوجهة نظرنا عن منهاج الحزب الإسلامي العراقي ومبادئه، وانه يدعو للحفاظ على هوية الشعب العراقي المسلم، ويؤكد على روح التعايش والمحبة، وترسيخ قيم التسامح والعدالة بين جميع أفراد الشعب، ومحاربة الأفكار والدعوات المضللة والهدامة.

ثم ذكر الزعيم عبد الكريم قاسم انه رجل مسلم ويحترم عقيدة الأمة.

وبعدها استأذن الزعيم ملا مصطفى البرزاني بالحديث فقال : ان الشعب الكوردي شعب مسلم ويعتز بانتمائه لهذا الدين ، وما دمتم تدعون للإسلام فنحن معكم في خدمة الإسلام والدفاع عنه ، أما إذا كانت دعوتكم للقومية العربية ، فعندها نحن ندعو للقومية الكوردية.

فأجابه الاستاذ نعمان السامرائي: إن منهاج الحزب الإسلامي العراقي هو ذاته منهج الدين الإسلامي الخالد، الذي ينبذ التعصب والأحقاد والكراهية، مسترشدين بقوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وقوله عليه الصلاة والسلام (كلكم لآدم وآدم من تراب).

ثم أضاف الأستاذ نعمان: وما يؤكد ما نقوله ، فان الهيئة التأسيسية للحزب تضم فيها من الأخوة الكرد والتركمان، وإننا حزب يمثل جميع أطياف الشعب العراقي من شماله إلى جنوبه، وان كثيراً من علماء المسلمين من السنة والشيعة والكرد قد باركوا وأيدوا تأسيس هذا الحزب.

وانتهى اللقاء بعد أن ودعنا الزعيم عبد الكريم قاسم، حيث تبين انه كان يريد أن يتعرف وجهاً لوجه على قيادة الحزب الإسلامي وطبيعة توجهاتهم وخاصة السياسية منها.

وأردنا من جانبنا أن نشرح له فكرة الحزب الإسلامي في الإصلاح، ودعوتنا لنشر رسالة هذا الدين بين أبناء الشعب العراقي، بروح المحبة والتسامح والمحافظة على قيم الفضيلة والأخلاق الحميدة.

ولم يسمع منا عبارات الإطراء والتمجيد له ولثورته كما اعتاد عليها في المؤتمرات والندوات والاجتماعات، لكننا أكدنا له اننا سنكون عوناً لكل حاكم ومسؤول يحترم ثوابت هذا الدين وقيمه الخالدة.

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here