فضاءات إيجابية للشباب

لقمان عبد الرحيم الفيلي

– تفضل اخي الصغير، بين لي ماذا تريد منا نحن الجيل الذي سبقكم وحاول ان يقدم لكم ما يستطيع مع صعوبة ظروفه؟

– عندما تقول نحن، هل تقصد الشعب والمجتمع ام الحكومة والدولة؟

– وهل هناك فرق بينهما، فكلاهما شاركا في الحروب، وعانى من الارهاب والحصار قبلهما، كما تكونوا يولى عليكم يا اخي.

– هناك فرق كبير، فانا من الشعب، والشباب من امثالي من الشعب، لا نحس باننا جزء من الدولة او اننا نمثل كل المجتمع لان دورنا في البناء مهمل ولم نعط الفرصة للمشاركة فيها.
ومن جانب اخر ترى الشباب من امثالي دفعوا الكثير عندما فجر الارهاب الداعشي او الزرقاوي المقاهي التي كنا نحاول ان ناخذ قسطاً من المتعة فيها او الاسواق التي كنا نمشي فيها، وبعدها دفعنا الثمن الغالي بمشاركتنا ضمن الحشد والجيش على السواتر ضد الدواعش وأزلامهم من الأجانب والعراقيين. الفرق كبير، فالشباب اصبحوا وقود الدولة ولم تكافئهم الدولة برعايتها لهم. ليس لدينا منية على احد ولكن لكل عمل ضريبة ومن الضروري ان يدرك رجالات الدولة ان الإيثار هي حالة خاصة فلا يطلبوها دوماً من الشباب.

– لنرجع لجوهر حديثنا، ماذا تريد من الدولة او المجتمع لكي يكسروا لكم طوق خيبة الامل الذي تعيشونه ويستبدل بالامل والاستقرار؟

– دعني اسأل قبلها سؤالاً سريعاً؟

– تفضل

– عندما تريد ان تزرع شيئاً، يجب ان تهيئ مستلزمات النجاح أولا، مثل التربة الصالحة، الرعاية الدائمة، الماء النقي، البذرة المناسبة وأخيرا الموسم المناسب لإنبات البذرة، صحيح؟

– نعم صحيح

– هل تستطيع ان تحصد شيئاً من دون سلسلة اعمال ومتابعة ورعاية للزرع، وفي النهاية قد تحصد الكثير ان كنت ذا خبرة ودراية بالمواسم والمحاصيل او القليل ان كنت جديد العهد مع هكذا نوع من المحصول، صحيح؟

– نعم صحيح.

– وعليه، نحن الشباب نحتاج إلى فضاءات إيجابية تشجع على العمل في القطاع الخاص، ليس فقط بعض التشجيع المعنوي او الدعاء لنا، وان كان ذلك مهماً ومفيداً يا اخي الكبير، أنا اتحدث عن دعم معنوي ومادي.
مادي يترجم الى قروض بنكية قليلة الفائدة، او وجود بنى تحتية مثل ترددات انترنت عالية الجودة وسريعة وبأسعار معقولة، معاهد او مراكز رعاية تبين لنا كيفية البدء بالمشاريع الصغيرة، وتعلمنا التسويق والإدارة وغيرها من مستلزمات نجاح اي مشروع بمعزل عن اصل فكرة المشروع، نحتاج خبراء او أشخاصاً ذوي تجربة يرعون مراحل البدء عندنا لكي لا نبذر رأسمال المشروع في إجراءات او خطوات غير مجدية، نحتاج إلى مراكز او مؤسسات تعطينا بدل ايجار معقول لمشاريعنا الابتدائية.
هذا من الجانب المادي، أما معنويا، فعليكم تحمل فشلنا ان فشلنا، ولا تسخطوا علينا ان لم ننجح في تجربتنا الأولى، وتدعموننا ثانيا لكي نقف على ارجلنا ونستمر ولا نتوقف او نبدأ من الصفر من جديد. وأخيرا نحتاج منكم ان تنظروا لنا كمشروع او استثمار طويل الأمد وليس وقوداً لحروبكم او سوء إدارتكم لواقعنا.
هل ما نطلبه صعب او مستحيل ؟

– أنت تطلب منا ان نغير من منهج إدارتنا، ونمط تفكيرنا، اي ان نراكم كشركاء لنا وليس كمستخدمين او عمال، تطلب منا ان نثق بالآخر وهذا ما لم ننتهجه منذ زمن طويل، فأنظمة الحكم عملت على هندسة مجتمعية مدمرة وليس بناءة، وحروب الصراع الاثنو-طائفي جعلنا لا نثق بالجيران وابناء محلتنا.
وأخيرا أقول نظرية الحكم الواقعي غير ما ترجو له، نعم نرى عبث المنظومة الاقتصادية الحالية وسفاهة الحكم مرات وكما تكونوا يولى عليكم.

– إذن انت تطلب مني ان أثور او أهاجر او أعيش الخمول والتسكع او ادخل عالم الجريمة والرشوة؟ او ابحث عن كل السبل المشروعة وغير المشروعة لدخول التوظيف في القطاع العام وأكون عبيد الوظيفة؟

– ابداً وهذه جريمة بحقكم منا، بل أقول لا تتوقف عن المطالبة بحقوقكم المشروعة، واستمر بطلب المشاركة في القرار، فالواقعية عندنا تقول بأن الحق يؤخذ ولا يعطى، ولا تنسى ان تستمر بالبحث عن سبل التطوير والتقدم، ولكن لا ترى الدولة فقط كمنفذ لتقدمكم وتطوركم، فهي متخمة وكسول وتمر بمرحلة عجز وتحتاج الى مشروع اعادة تأهيل قيصرية.
ونتحدث لاحقا، فانا في شوق لمعرفة ما هو المشروع المحدد الذي تريد مني مساعدتك فيه.

– حسننا اخي الكبير، نتحدث الليلة بعد الإفطار.

للحديث تتمة

بغداد – ٢٠٢٠/٥/٢٠

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here