الشيخ الحيدري والسقوط المدوي لقوى الاسلام السياسي العراقية

كاظم حبيب
الشيخ الحيدري والسقوط المدوي لقوى الاسلام السياسي العراقية
ألقى رجل الدين الإسلامي السياسي هاشم الحيدري خطبة في نهاية عام 2019 في هيئة الحشد الشعبي يجري تداولها اليوم ثانية، وهو كما يقال ممثل علي خامنئي في العرق، لخص فيها العديد من السمات التي تميزت بها والسلوكية التي مارستها خلال حكمها منذ العام 2003/2004 حتى الوقت الحاضر. وهي سمات وسلوكية تدين بشدة النظام السياسي الطائفي الفاسد القائم والأحزاب الإسلامية السياسية الفاسدة العاملة في العراق وأغلب السياسيين الإسلاميين من النخب الحاكمة. ولكن خطبة الاعتراف هذه تضمنت كذبة كبرى أطلقها الشيخ ووجهها ضد الانتفاضة الشعبية الباسلة اتي سمَّاها بـ “المؤامرة!”. سنأتي في هذا المقال على السمات والسلوكية التي شخصها في القوى التي يمثلها وكان صادقا في التعبير عنها، بغض النظر عن المآرب الأخرى التي يسعى إليها من وراء هذا الاعتراف والتي تذكرنا باعتراف نوري المالكي في لقاء متلفز بتاريخ 30/03/2015 حين قال ما يلي:
“إن المتصدين السياسيين، إن هذه الطبقة السياسية، وأنا منهم، ينبغي أن لا يكون لها دور في رسم خريطة العملية السياسية، لأنهم فشلوا فشلاً ذريعاً، وأنا منهم..، يجب عدم إعطاءنا أي دور في العملية السياسية..”. (راجع: https://youtu.be/BMLcdhhxN7g).
ألخص ما قاله الشيخ هاشم الحيدري في خطبته:
1. إن جميع الاحزاب الإسلامية وأغلب سياسييها التي حكمت العراق أساءت جداً جداً جداً للشعب العراق. وفعلياً كان يجب أن يقول وقد خانت الأمانة التي وضع الشعب ثقته فيها حين انتخبها لعدة دورات انتخابية وأقسمت اليمين الدستوري، سواء أكان الأمر بالنسبة لأعضاء مجلس النواب أم أعضاء مجلس الوزراء أم القضاء العراقي، وكل دورة جديدة كانت الأمور تسوء أكثر فأكثر.
2. ان جميع الاحزاب الإسلامية السياسية وسياسييها، وخاصة الشيعية، سرقت أموال الشعب واغتنت وعاشت في القصور وأرسلت أبنائها إلى الخارج وجوعت الشعب وافقرته، وهي ما تزال تمارس النهج ذاته. 
3. ان جميع الاحزاب الاسلامية السياسية، ومعها سياسييها، اهملت حاجات الشعب واعتدت على إرادته ومصالح في كل المجالات، وتسببت في مآسي وكوارث لا حصر لها، وزجته في نزاعات قومية ودينية وطائفية، بعد أن تخلت عن هوية الوطن والمواطنة، وقادت سياساتها الفعلية الى اجتياح العراق من الدواعش وحصل في العراق ما لم يحصل مثل ذاك من قتل وسبي وتشريد في أهلنا في المحافظات الغربية والموصل ومحافظة نينوى. ولكن لم يشارك ولم يقتل أي من أبناء النخب الإسلامية الحاكمة في عمليات تحرير نينوى، بينما كان التجنيد والدفاع قم بأبناء الخائبات من الأمهات.
4. حظيت الأحزاب الإسلامية السياسية وسياسييها بتأييد ودعم والتزام كامل من المرجعية الشيعية، من علي السيستاني شخصياً، ومنحهم المساندة وألبسهم الشرعية لخوض الانتخابات النيابية وفي الحكم. وجرت تغطية على أفعالهم، وحين مورس بعض النقد كان على استيحاء كبير خشية سقوط هذا النظام الطائفي الجائف الذي تقوده الأحزاب الشيعية، وكأنه “حكم الشيعة!”، وهم لم يحترموا حت هذه المرجعية.
5. وإن الأحزاب السياسية الإسلامية السياسية وسياسييها هي التي أوصلت العراق إلى هذا المستنقع النتن والمزري الذي يعاني منه الشعب العراقي، وهي التي تستحق العقاب ومكانها سيكون جهنم وبئس المصير.
6. ان الأحزاب الإسلامية السياسية وسياسييها وظفوا ابناءهم وذويهم وكوادر أحزابهم في وظائف الدولة، وكأنها حكراً لهم وحصراً بهم، وأهملوا الشعب والمستقلين واصحاب الشهادات العالية والكفاءات، ونسوا المجتمع كله الا أنفسهم ومن هم مقربون منهم وفي أحزابهم. (راجع، الفيديو: https://youtu.be/i49C3eOEU08). 
وتحدث هاشم الحيدري في خطبته عن كل هذه الحقائق الواقعية الدامغة بهدف طلب الصفح وتجديد التأييد لا غير، كما فعل نوري المالكي وعاد ليتبختر بطائفيته الوقحة. ولكنه هذا الشيخ تناسى دور الميليشيات الشيعية الفاسدة التي تعمل مع قادتها في الحشد الشعبي وما ارتكبته من جرائم قتل واغتيالات وتغييب وتهديد وابتزاز وسرقة المال العام ونهب لقمة عيش الشعب والتعذيب في السجون والمعتقلات السرية. نسلى كل ذلك وهو يخطب في بيت الحشد الشعبي ليبرئ هذا الحشد من كل ذلك!
لقد تحدث هاشم الحيدري بكثير من الأمور ولم يأت بجديد سوى اعترافه العلني بدور ومسؤولية الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية وسياسيوها على نحو خاص بكل ما حصل حتى الآن في العراق، وهي بمثابة خيانة فعلية لهذا الوطن المستباح بهم. فمن يسرق المليارات من أموال الشعب خائن للأمانة التي وضعت في عنقه، ومن يسرق لقمة عيش الفقراء والمعوزين خائن لدينه وشعبه ووطنه، ومن ينهب أموال الآخرين ويمنحها لدول ونظم اخرى خائن لوطنه وشعبه وتابع ذيل لتلك الدول والنظم. لم نقل يوما أكثر من ذلك!
ولكن ما هي كذبة هذا الشيخ الإسلامي السياسي المتطرف هاشم الحيدري؟ إنها كذبة كبرى حقاً تلك التي أطلقها وتجاوز فيها على الشعب حين أشار وجود مؤامرة في العراق، أي إن أفعال هؤلاء أدت إلى حصول مؤامرة ضد النظام السياسي الطائفي الفاسد القائم الذي وصفه الشيخ حيدر نفسه بأسوأ وأنجس الأوصاف التي تستحقونها وهو منكم ومعكم أيضاً. فهل الانتفاضة الشعبية يا شيخ الحيدري مؤامرة، أم هي رغبة صادقة وهدف أساسي للتغيير الجذري للنظام السياسي الطائفي الخائن والفاسد القائم؟ هل الشعب بانتفاضته متآمر، ام إن الذين عاثوا في العراق فسقا وفسادا وقتلاً ونهباً هم من تآمر على شعب العراق وسرق أمواله وتسبب في موت عشرات الألوف من الناس الأبرياء من بنات وأبناء العراق؟ إن قوى النظام السياسي الطائفي الفاسد هي التي تآمرت على إرادة ومصالح الشعب، وهي التي قادت العراق إلى هذا الدرك المعيب، إلى مستنقع نتن لم يستطع الشعب تحمل روائحه العفنة. إن الأحزاب الإسلامية السياسية وسياسييها كافة وميليشياتها الطائفية المسلحة لم تكتف بتجويع الشعب والتمتع بالامتيازات الهائلة والرواتب والمخصصات والحمايات والقصور في الداخل والخارج والبنوك المليئة بأموالهم فحسب، بل تسببت بهجرة الملايين من الناس وفي نزوح كبير، كما تسببت بقتل الإيزيديين والمسيحيين والتركمان وكثير من العلماء والمثقفين والإعلاميين والمدنيين الديمقراطيين بالخطف والاغتيال والقتل الجماعي والتعذيب. إنهم وحوشكم، يا شيخ الحيدري، الذين اطلقتموهم على الشعب ليقطعوا أوصاله وينهبوا لحمه ويسحقوا حتى عظامه سحقا. لقد داسوا على كل القيم والمعايير الإنسانية، بما فيها الدينية. وقد تم كل ذلك بتخطيط ودعم مباشرين من قادة أيرن وعلى رأسهم علي خامنئي وقاسم سليماني وابو مهدي المهندس ونوري المالكي وهادي العامري وقيس الخزعلي وقطعان حزب الله وثأر الله وكل الميليشيات التي أنتم من إيران أسستموها لهم في العراق. إنها جريمتكم يا الشيخ الحيدري يا من وضعتم هؤلاء الحثالة الإسلامية السياسية على رأس حكم العراق وأقمتم نظاماً سياسياً طائفياً فاسداً وقاتماً. تبا لكم، وبعد كل هذه الاعترافات بما حري ويجري على أيدي هذه الطغمة الضالة والفاسدة تقول بأن هناك مؤامرة على هذه القوى الضالة والفاسدة والملطخة أيديها بدم الشعب العراقي ودموع الثكالى واليتامى والمعدمين، تبا لكم فأنتم لا تستحون حتى في اعترافاتكم المخزية تتطاولون على الشعب العراقي وتتهمونه بالتآمر، وهو الساعي لتغيير الحال وانقاذ الشعب من هذه الطغمة الرثة والنهابة التي وضعت العراق في الحضيض في النظافة والشفافية والصحة والتعليم والتنمية والجهل. لن يرحمكم الشعب لأنكم لم ترحموه ولو للحظة واحدة، لم ترحموا الأرامل واليتامى والفقراء والمعوزين والكادحين، ولم تقيموا وطنا حرا ومستقلا، ولم تبنوا اقتصادا مزدهرا وخدمات ملحة وضرورية، بل خربتم كل شيء حتى ما كان قائما قبل مجيئكم المشين للحكم، ثم تتجاسرون على الشعب وتتهمونه بالتآمر عليكم، أنتم أيها التابعون من تآمر على الشعب. استحوا ولو قليلا أيها الجهلاء، ولكن هل بقيت قطرة من حياء عندكم، فالحياء قطرة واحدة وليس سلطة أيها السادة الاتباع الأذلاء. لقد انتفضت الشبيبة المقدامة ضد هذا النظام الجائر وتحرك الشعب كله ليتخلص منكم، فهل هذا تآمر عليكم وأنتم بشحمة لسانكم اعترفتم بما قمتم وتسببتم به في العراق من مآسي وكوارث وموت وجوع وحرمان وحطام!!! سيكون مكانكم في مزبلة التاريخ ولن يتأسف لرحيلكم أي إنسان عراقية نبيلة وعراقي نبيل.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here