الطبيب القدير يشخّص العلل والخلل و يباشر العلاج بكل جد وهمم !

بقلم مهدي قاسم

شيء لا بأس به أن يكتب رئيس الحكومة الحالي مقالة يشخّص علل وأمراض العراق السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية وغير ذلك ، كخطوة أولى لمعرفة ضخامة حجم المشاكل التي تثقل كاهل العراق ترنحا و تزعزعا وكيفية معالجتها العملية و الناجعة ومن ثم الخروج منها آمنا ومتعافيا ..

مع العلم أن أبسط مواطن عراقي قد أصبح على معرفة و دراية بمشاكل وأزمات العراق الحالية ، من كثرة ما سمع عنها في فضائيات أو قرأ جرائد ومواقع حافلة بمواضيعها و كذلك عبر أحاديث يومية متكررة لكون هذه المشاكل و الأزمات قد أصبحت جزء من تفاصيل الحياة اليومية للمواطن ذاته وهو يعيشها معايشة يومية ومريرة كلها قد باتت عبارة عن سلسلة عذابات ، يبدو لا نهاية لها في قريب عاجل ..

فضلا عن قلة أو ضيق وقت فيما يتعلق الأمر بتفاقم هذه الأزمات والمعضلات وتصاعدها العاصف إلى الذروة باتت تهدد حياة المواطنين و آلية الدولة الإدارية بشلل عام ومن هنا ضرورة و حتمية السرعة والاستعجال في المباشرة لأيجاد الحلول وتنفيذها عبر إجراءات عملية وفورية، بدلا من إضاعة الوقت والجهد في تحليلات وتخيلات عن ماذا و كيف و إذا و سوف والخ ..

فأول خطوة يجب أن يقوم بها الكاظمي هي تشكيل لجنة استشارية طوعية مخلصة و ذات نزعة وطنية (وليست توظيفية برواتب ومخصصات و مكاتب و سواق وموظفين وجايجية مثلما فعل أسلافه المبذرون ) و إن تكون مشكّلة أو من خبراء وعلماء اختصاص و أكاديميين متقاعدين في مجالات الاقتصاد والمال والطاقة و الخدمات و قطّاعات الزراعة والصناعة والثروة المائية والصحة و الإدارة العصرية و القضاء و الاستثمار وتنمية وتطوير القطاع الخاص والرأسمالي الوطني والخ ، للاستفادة من خبراتهم و تخصصهم ــ كل على حد ــ وتوظيف لكل ذلك لصالح نجاح الإجراءات والخطوات الإصلاحية المزمع القيام بها من قبل الكاظمي مثلما أكد على مثل هذه الأجراءات مؤخرا .

ولكن المشكلة أن الكاظمي أنه ـــ كأسلافه ــ يرّكز على الإثارة الإعلامية أكثر من البدء الفوري بتنفيذ إجراءات فعلية ، كأن يقوم ـــ مثلا ــ بوضع حد للتبذير الهائل للمال العام وهدره ــ على الأقل ــ كنفقات مكاتب الرئاسات الثلاث والوزراء و ووكلاء وزراء و بالأخص على الحمايات* و عشرات آلف من فضائيين لا زالوا يقبضون رواتب بدون وجه ، حق ثم ضبط منافذ الحدود و أرصفة موانئ البصرة لتدخل واردتها وجبايتها إلى خزينة الدولة بشكل مباشر بدلا إلى جيوب أحزاب ومليشيات وساسة متنفذين و رجال جمارك فاسدين و غيرهم ، فضلا عن القيام بعملية إعادة النظر في رواتب المتقاعدين وغربلتها جيدا لمعرفة من يقبضها عن استحقاق خدمي ضمن سن قانوني محدد في قانون التقاعد العام ..

هذه مجرد إجراءات إدارية لا تحتاج إلى مستشارين أو خبراء استثنائيين أنما إلى رغبة و إرادة جدية وفعلية نابعة من شعور وطني لرجل دولة يريد القيام بتغييرات و إصلاحات جذرية وشاملة لصالح شعبه ..

وفيما يتعلق الأمر بحمايات المسؤولين أرسلوا لي رابط فيديو لموكب رتل سيارات نائب رئيس مجلس النواب ــ أسف لا أعرف اسمه ــ فتصوروا هذا النكرة عنده 140 سيارة مع سائقها من ضمن رتل حمايته فقط ، فماذا عن موظفي وموظفات مكتبه و بل وعن نفقات المكتب نفسه من حيث الطعام والشراب أيضا ..

فقسّ هذا على باقي الرئاسات والوزارات وغيرها من مؤسسات الدولة والحكومة وتخيل الهدر الهائل للمال العام في الوقت الذي يعيش العراق على القروض الداخلية والخارجية ..

هسة افتهمنا أنه أموال وممتلكات الدولة مالكها ” مجهول ” مثلما أفتى رجال دين ” شيعة ” دجالين و متواطئين مع الساسة الفاسدين ولكن أن يتصرفوا بأموال الدولة بهذه اللصوصية و الهدر والتبذير الهائلين فهو شيء عجيب ، فلم نسمع عنه حتى في جمهوريات الموز الغابرة ..

و بمناسبة ذكر موكب نائب رئيس مجلس النواب المكون من 140 سيارة فقد رأينا قبل فترة رابط فيديو لرئيس جمهورية النمسا وهوينتظر بكل صبر جميل وحيدا في محطة القطارات في زيارة رسمية إلى المانيا لعقد اجتماع رسمي هناك ، و فضلا عن رؤية ملوك هولندا و السويد مثلا يستقلون باسيكلات في تحركاتهم اليومية !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here