الـمـحـطّـة رقم 5 الفرزة الاولى

الـمـحـطّـة رقم 5 الفرزة الاولى
سـأتـناول في هـذه الـمحطة الـفـترةَ الـزمـنـيـةِ من شـهـر تـمـوز 1954 وهو تأريخ انتقالنا من بـيـت العـلوية لبـيـت
جـدي الحـاج حـمـادي ولـغـايـة يـوم 14/ تموز/ 1958 الـيـوم الـذي إنـتـقـل فـيـه الـعــراق مـن نـظـامـه الـمـلـكـي الـى
الـنـظام الجـمهـوري بـانـقـلاب عـسـكري آزرهُ الشعب سـاعة اذاعة الـبـيـان الاول فـسُـمّـيـت ثورةٌ .
كان مـتصرف الكوت / من شهر نيسان عام 1948 ولغاية كانون الثاني 1952 هـو عـبـاس الـبـلـداوي وفي عهده
أجـرى تـنـظـيمًا وتـوسـيعًا للـشـوارع وتـبـلـيـطها وهوالـمـتـصرف الـوحيـد الـذي وضع بـصمـتـه في هـذه الـمـديـنـةِ طـيـلة
الـحـكم الـمـلـكي .
وهنا اقول أن تعديل الشوارع دخلت عليه المؤثرات من وساطات ورشاوى لذلك لم تأتِ الـشـوارع مـنـتَظِمةً
كالـمـخـطط لـها فالماشـي يرى فيها دخولاً وخروجًا مما تَـسَـبّـب في تـشـويه تناسقها ولكن على العـموم هـي أفضل
وقـد شـمل الـقص بـيـت جـدي الحاج حـمـادي بحيث ذهـب أكـثر من نـصف من مـسـاحـته ولـم يَــتَـبـقَّ مـنه إلّا
ثـمـانـون مـتـرًا مـربـعًـا وبعد اكثر من سنةٍ من قصّـهكـلّـمتْ جـدتـي خـميـسـه خـالـي بعـد أن إنـتـقـلوا الى الـمـشـروع
أن يـبني الـواجهةَ الـمـتهـدمـةَ ويـربـطهـا بـالـحـجـرتـيـن ويـبـني الـسُـلّـم والـمـرافـق والـحَـمّـام ويـبـقـى الـقـديـم عـلى حـالـه .
تـولّى أبي الاشـراف على الـبـنـاء وأول مـا قـام بـه هـو هـدم الـحـجـرتـيـن القديمتين وبهـذا الـعـمل خالـف أبي الاتـفاق
مما أثـار لـغـطًا لكن خـالي عـبـد الامـيـر ظلَّ سـاكـتًا وأخـذ يَـمُـدُّ أبي بـالـنقود لـتـغـطـيـة نـفـقـات مـواد الـبـنـاء وأجـور
العـمـال وكان الـمـشـرف الـفـني الـذي رسـمَ خـارطـة الـبـيت الاسـطه حـسـن بـيـك وهو بَنّـاء قديم من الاكـراد
الـفـيـليـه يـسـكن في نـفـس مـحلـتـنا سـيـد حـسـين وقـد كَـلّـف الـبِـنـاءُ مـبلغًا كـبـيرًا في ذلك الـزمن بـلـغ ألـفًا وخـمـسـمـائـة
ديـنـارٍ وهو مـبلغ كان بامكان أبـي شــراء دار جاهزة للسكن بـها وبـمـسـتـوى مـتـوسـطٍ ومـسـاحةٍ أكـبـر .
أقـول سـكتَ خـالي وتـحـمّـل كامـل الـمـصاريـف الـى نهـايـتها وتَـمّ شـكلُ الـبـيـت حجـرتان في نفـس مكان الحجـرتـين
الـقـديـمـتـين إلّا أنهـما أعلى من الـسـابـقـتـين بـمـتـر ونـصـف مع حـمّـام صغـيـر يـتـداخـل مع الـحـجـرة الـتي تـقـع على
يـسـار الـداخـل لـلـبـيـت من الـباب الـرئـيـسي ثـم صحـن الـدار أمّـا الـباب الخـارجي فـقـد تـغـير من جـهـة الـيـمـين الى
الـيـسـار ثـم دخـلـة بـمـسـاحة مِـتـرٍ مُـربـعٍ وتـأتي باب الـسُـلّم على يـسـار الـداخـل وعـنـد صعـود درجـتـين يـقـع بـيـت
الـخَـلوةِ أو الـمسـتراح ثـم بـاحـة أو صحن الـدار وفـتـحـة تـحـت الـسُـلّم تُـسـتـخـدم لـغرض حَـمـي الـحَـمّام عـنـد
اسـتعـمـالـه ولا شـيء غـيـر هـذا وفي الـسـطح غـرفة مُطـلّـة على الـشـارع بـارتـفـاع أكـثر من ثـلاثـة أمـتار فتصبح
واجهة المنزل معها ثمانية أمـتـار وهذه الغرفة مـقـطوعـة بـجـدار الى غـرفـتـيـن كـبـيـرة وأخـرى صغـيـرة ولهـما
بـابـان تطـلّان على الـسـطح وفي الـسـطح يـرتـفع جـدار الـسُـلّم حيث تـوجـد فـجـوة لـخـزّان الـمـاء وبـين الـغـرفة
وجـدار الـسُـلّم فـتـحة اسـتُـغِـلّـتْ لـخـزن الـحطـب والـبـعرور الـذي يُـسـتخـدم لـلـتـنور وهـو يـقـع في الـسـطح أيـضًا
وعـنـدما إكـتـمل الـبـناء قـال أبي لـوالدتي : هسه من تـصعـدين الى الـسـطح إتـشـوفـين هـوا لـبـنـان ضحـكـنـا يـومـهـا
على هـذه الـمُـقارنـة الـبعـيـدة عـن الـواقـع والغـريـب أن والـدي عـلى صـغـر مـسـاحـة الـبـيـت أخـرج من واجـهـتـهِ دُكانـين
صغـيرين وعـنـدما سـألـتُ أبي عـن الـدُكانـين قال لي أن الـقـمّـاش سـلـمان الـبـدراوي والـد المعلم عـلي الـذي تُـوفيّ في
أحـد قـواطع الـجـيـش الـشـعـبي لـمـرضـه بـالـقـلب في بـدايـة الـحـرب الـعـراقـيـة الايـرانـيـة عــام 1981 .
ولسلمان البدراوي ابنان اخران هما المحامِ عـبـد الالـه وعبد النبي الـمـوظف في وزارة الـتـجـارة فرع الاجـهـزة
الـدقـيـة في الكوت والطـريـف أن عـبـد الـنـبي كان مـسـؤول الـمـخـزن يـتـسـلم الـمـواد الـمـسـحـوبـة مـنْ بــغــداد عن
طـريـق لَـجـنـة تـتـسـلَـمُـها مني ثم تُـسـلِـمـها له وكـنتُ يـومـها وكـيلاً عن مـديـرهـا ســيـد قـاسـم وذلـك في عـام 1982
لكونه في دورة تـرقــيـة حـزبـيّـة لـمدة أربـعـة أشـهـرٍ في شـمالِ الـعـراق .
والـلـجـنـة مـؤلـفـة من عـادل مـدقـق ومـوريس مـحـاسـب وحـسـن مـحـاسـب وهم مـصريـون وهو معهم وبعد
الـجـرد يتم التـسـلـيم فيـوقّـع وتـبـرأ ذمـتّي منها وبعـد اسـتـقـالـيـتي مـن الـوظـيـفـة التي لا مَناصَ منها لكي أتخـلـص
من مـلاحـقـتي واستدعائي للإنـخراط في الجـيـش الـشـعـبي ومن الضغوط الـتي كانت تُـمارس عـليَّ من الحـزبـيـين
والـساعين لهم بالنفاق لأجل الثواب قدمتُها متجاوزًا التسلسل الاداري الى الوكيل العام المدعو علي حسين
الظاهر وتـركـتُ مـوضوع بـراءة الـذمة من الـدائرة وذلك لـتـفادي المَـشـاكل وما تثيرها ولـعلمي أن الـوكيـل العام
كان يـتـمـنـاهـا لأسـبـاب سـأذكـرها لاحـقًـا وكانت اسـتـقـالـتي بـعـد الـتـحـاق مـديـر الفرع سـيـد قاسم بـعـمـلـه بالـفـرع
بأيـام امّا تأريخ مباشرتي في فرع الاجهزة الدقيقة فكان في 18 / شـباط / 1982 ولـغايـة كانـون أول 1982 وفي
هـذه الـسـنـة بـدأت بـوادر الانـكـسـارات للجيـش الـعراقي أمام قـوات الـحرس الـثـوري الايـراني حـيـث خـسـر مـوقـعـه
في الـبـسـيـتـيـن وفي مـنـطقـة الـرادار الـتي كان يـقـول عـنـها الـمجرم صـدام :
اذا أخـذ الايـرانـيـون مـنـطقـة الـرادار أُسَـلّمُهُم مـفاتـيح بـغـداد والـذي حـصل ان اثناء الهجوم كان المجرم
هُـناك ونـجـا مـنـها بـمصفـحة للصليب الاحمر لـنـقـل الـجـرحى أرشـدهُ الى ذلك أحـد الـضـباط لأن الايـرانـيـيـن
لا يـسـتهـدفـون ناقلات الجرحى للصليب الاحمر وبهذه الطريقة خـرج هاربًا لا يلوي على شيء حتى بـات لـيلتَـهُ
تـلـك في مـديـنـة الـكـوت في زاوية بحي الـمعلمين قرب فـنـدق الـمصايـف .
**************************************************
الدنمارك / كوبنهاجن الاثنين 25 / مايس / 2020

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here