بعد الأزمات الأمنية والاقتصادية.. كورونا ينغّص على العراقيين فرحة عيد الفطر

محمد علي

مثلما ألقت أزمة كورونا بظلالها على شهر رمضان وطقوسه في العراق، كذلك الأمر بالنسبة إلى عيد الفطر. وعلى الرغم من أنّ الفطر هو “العيد الصغير” بحسب ما يطلق عليه كثيرون، فإنّ بهجة الاحتفال به لا تقلّ عن تلك الخاصة بـ”العيد الكبير” أو عيد الأضحى.

لكنّ بهجة هذا العام منغّصة في ظلّ تفشّي فيروس كورونا الجديد وتداعياته على الصعد كافة، فالتحضيرات له باختلافها أتت خجولة وسط إجراءات مشدّدة في معظمها تفرضها الدول لحماية مواطنيها من العدوى. يبقى أنّ الناس يصرّون على الاحتفال وإن كان ذلك بالحدّ الأدنى.

ولأول مرة يحيي العراقيون صبيحة عيد الفطر داخل منازلهم، مكتفين بالتهاني التي يتبادلونها عبر المكالمات الصوتية ورسائل التطبيقات الهاتفية المختلفة، إذ اختفت مظاهر الاحتفالات والتزاور المعهودة في المدن العراقية، والتي تبدأ من صلاة العيد، انتقالا إلى زيارة المقابر، ثم الزيارات بين الأقرباء والجيران.

وفرضت السلطات حظرا شاملا للتجول في عموم مدن البلاد أول أيام العيد، وسط مخاوف من ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا الجديد، الذي يسجل أعدادا قياسية منذ أيام في البلاد. وباستثناء رفع تكبيرات العيد فجر اليوم الأحد، عبر المساجد ومكبرات الصوت، بدت حركة التجول بسيطة جدا، ومعدومة في مناطق أخرى وكلها مشيا على الأقدام، وسط إغلاق تام للحدائق والمجمعات الترفيهية والمولات التجارية أيضا، كما عمدت السلطات إلى منع زيارة المقابر التي تكتظ مثل هذا اليوم كل عام، كما منعت التنقل بين المدن المختلفة.

ويقول محمد عرفان، ويسكن في بغداد العامرية، إنه كان يشتهي أن يزور أمه التي تسكن مع شقيقه في منطقة أخرى من بغداد، لكن حظر التجوال حال دون ذلك، مضيفا أنه اكتفى بمكالمة فيديو معها “وكأنها تسكن في دولة أخرى”. رغم ذلك، حرص عرفان على إقامة طقوس العيد بالمنزل عبر ارتداء ملابس جديدة وتوزيع العيديات لبناته الثلاثة وزوجته وإقامة “فطور فاخر”، ولا ينوي حتى محاولة الخروج من المنزل. فيما اكدت احدى السيدات ان حظر التجوّل ليس وحده كان حائلًا دون زيارة والدها الذي يسكن على بعد شارع واحد، ويمكن أن تذهب إليه مشيا على الأقدام؛ إذ تقول إنها اختارت تجنّب زيارته خوفا عليه.

وتضيف: “كبار السن يجب أن يبقوا بعيدا عن أي اختلاط، حتى عن الأحفاد والأبناء، رغم أنه كان يشتاق لأن يجلس معنا”، وتضيف محمد، التي تسكن في ديالى شرقي العراق، إن “العيد هو في البقاء آمنين”.

السلطات العراقية بدورها نشرت قوات أمن إضافية، مع توزيع فرق طبية وصحية مختلفة في عدد من نقاط ومنافذ المدن لاستقبال الحالات الطارئة بالعاصمة والمحافظات الأخرى. ووجه المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، العميد يحيى رسول، رسالة إلى المواطنين العراقيين، طالبهم فيها بالبقاء في منازلهم صبيحة العيد، وأوضح في بيان مقتضب أنه “على المواطنين الالتزام بحظر التجول الصحي للحفاظ على سلامتهم وسلامة عوائلهم من خطر فيروس كورونا”، مضيفا أن “القوات الأمنية تطبق قرارات اللجنة العليا للصحة والسلامة وتعرض نفسها لخطر الإصابة بالفيروس لذا نرجو التعاون معها”. وسجل العراق، في الايام الاخيرة ارتفاع في حالات الاصابة، فضلا عن 152 حالة وفاة مع الإعلان عن ارتفاع عدد الذين تم شفاؤهم إلى 2585 مواطنا. في المقابل، اقتصرت الولائم التي كانت تقام ضحى كل عيد في العراق، كتقليد ثابت، على أفراد الأسرة أو المقربين جدا منهم. ويقول فراس علاوي، وهو من أهالي البصرة، إنهم في العائلة وجهوا دعوة فقط للأخوة والأخوات، مستدركا القول: “شقيقتي زوجها طبيب ولم تأت خوفا علينا، كونه يخالط المرضى وهي بدورها تتخذ احتياطات بهذا الشأن… نأمل أن ينتهي كل هذا فقد اشتقنا إلى حياة طبيعية كنا سابقا غير راضين بها ونعتبرها مكررة”. ونشر عدد من العراقيين صورا لهم محتفلين بالعيد من داخل منازلهم.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here