قواعد الحوار المنتجة

قواعد الحوار المنتجة

لقمان عبد الرحيم الفيلي

– وأنا اسمع إجاباتك يا اخي الكبير حول أسئلتي الثلاثة خطر على بالي اجابات قد تراها نظرية أو شبابية اكثر من ان تكون “واقعية”. هل تسمح لي بأن ابين لك الجهة الثانية من المرآة عما تطرقت له الآن؟

– تفضل، نورنا، منكم نتعلم.

– سأفعل ذلك ولكن قبلها ماذا عن ملاحظتي السابقة عن الأسباب التي ذكرتها كمعوقات للتطور، ارجو منك ايضاح ذلك لكي تكتمل الصورة عندي عن الأسباب التي ترونها كحواجز منعتكم عن حسن إدارة أمورنا؟

– لماذا تعتقد بأن هناك سوء ادارة للأمور، فما ترى امراً طبيعياً وسيرورة ضرورية لنا كمجتمع. لا تنس الدولة كلها قد دمرت وكان علينا كجيل ان نعيد بناءها من الصفر، لا ليس من الصفر بل من الناقص نتيجة حصار سياسي وعسكري واقتصادي دولي مع كوننا دولة منبوذة وعلينا دين مالي كبير.

– تسأل لماذا، عجبي منك يا اخي العزيز!! هل اطلعت على يوميات العراقيين عن كثب، ام تعودتم مع إنعزالكم عن المجتمع أن تروا الأمور كما يحلو لكم؟

– نحن في قلب المجتمع، ونرى كل شيء، لماذا تستصغرون دوماً مستوى معرفتنا؟

– اسمح لي ان اقول بأنكم في تيه او ضيعتم الاهداف المنشودة للحكم، دعني اعطيك بعض من يوميات مشاهداتنا نحن الشباب:
٠المساجد خالية إلا في بعض المناسبات ولا تربي الشباب على الأخلاق الحميدة او الإيثار.
٠أفراد البيت مشغولون بشاشات هواتفهم الخلوية الصغيرة وعالمهم الافتراضي.
٠الجامعات وصفوفها، قبل جائحة كورونا، متكدسة بالطلبة كالأسماك الصغيرة في علب السردين، لا علم يدرس، ولا تربية تمارس.
٠النوادي والمقاهي والمولات موبوءة بالشيشة وكلام الفيسبوك وما شابه ذلك.
٠المكتبات بيوت مهجورة.
٠السياسة عندنا تعني التسقيط والفساد وسوء الحال.
٠شوارعنا قذرة، قبيحة، تهرب منها، ترى في كل مسافة شجرة نحيفة يتيمة لا تستطيع أن تستظل تحتها.
٠خدمات بيوتنا متقطعة، بائسة، وغالية الثمن.
٠منتزهاتنا و منتجاتنا قليلة او خاوية.
٠اعتقد هذا يكفي كسرد سريع لتعاطي المواطن المؤسف وسط مجتمعه ومحيطه.

– لماذا يا اخي الشاب تسقطون كل شيء وتنظرون للأمور بسوداوية؟

– ومن قال ذلك؟

– من وجهة نظرك هل أن كل مسؤول فاسد؟ وان كان هناك مفسدة، فهل الكل عديمي القدرة؟ لماذا نسقط كل شيء عند الآخر؟
٠وهل نستطيع أن نأتي بالآخرين عندما نسقط الكل؟ والأدهى من هذا هل سيتطوع الشرفاء والأكفاء للعمل في القطاع العام عندما نسقط الكل؟
٠لماذا لا نفرق بين ما قيل والحقيقة والحاجة؟
٠لماذا لا ننظر الى دورنا كمجتمع في المشكلة والبحث عن حل مشترك بالتعاون بدل لوم الآخرين وانتظار الحلول منهم؟
٠هل تسقيط الكل شيء صحيح ومفيد ومجد لنا في البناء يا اخي؟
٠لا تزعل من اعتراضاتي على ما تقول؟ فقسوتكم اعمت عيون الإنصاف عندكم.

– نعم انزعج واعترض عندما اسمع الأعذار واستمرار نكران الواقع المؤسف.

– قد تكون لنا حساسية من النقد فيما تقول، في الاعم الأغلب ما نسمعه هو تسقيط وليس نقداً وشتان ما بين النقد والحوار، فلكلًُ منه مستلزماته. وكما كان يقول والدنا رحمه الله نحتاج ان نحسن بيننا فن الاختلاف ولا ان نرفض المقابل لانه يختلف عنا.
٠ومن ناحيتي أقول نعم لا بد لنا من وقفة تحتم علينا مراجعة الاداء والأدوار ودرجة المسؤولية، ولكن بعد تحديد قواعد الاشتباك (الحوارية) والتوافق عليها من أجل الوصول مع بعضنا كجيل سابق وجيل شباب الى معادلة هادفة ومثمرة للبناء، وإلا فالمعادلة الصفرية الحالية قاتلة للعقل والروح قبل الجسد يا اخي المنتفض.
٠فالتاريخ يا اخي لا يصنع من دون رجالات ذوي همم يسعون نحو تغيير واقعهم، وأكرر، لكي ترتاح، باننا لم نغير الكثير من الواقع للأحسن، اعترف بذلك، ولكن صناع التاريخ لا يأتون بالصدفة، ولا بالقسوة، ومن جانب اخر كثرة التضحيات العراقية ليست بضمانة لنجاح المسيرة، وتضحياتكم قد لا تنتج الكثير كما تظنون، وأن نجحت فهي ليست ضماناً لإدامته وتطوره السريع، فلكل تطور شروطه وظروفه.
٠وأخيرا أقول هل من الحكمة أن يكون الشخص منا يحمل منهجية او استراتجية تدمير الموجود من دون أن يفكر أو يعمل على منهجية البديل وإعادة البناء؟

– اعتقد باننا لا نختلف بالراي على ان جمال الديموقراطية والحوار البناء والأمن وضمان كرامة مجتمعنا لا يتحقق الا بعد عناء مثمر، الا ان ما نراه الآن من إقصاء لجيل الشباب في القرار شيء غير مثمر يا عزيزي ولا يمت بصلة للديموقراطية أو الإنصاف أو الحكمة بشيء لا من قريب ولا بعيد!! .

– اتفق معك، ولكن رغم شعوركم بفقدان الأمل، إلا أنه ما زال موجوداً وبقوة، فهو الهواء الذي نستنشقه لنعيش، أما درجة نقائه فهذا ما يجب علينا جميعا التحرك عليه والعمل سويةً من اجل جعله صحياً نقيا قدر المستطاع.

– من قال باننا فقدنا الامل، وكيف ترى البناء سيحصل؟

-لنكمل الحديث غدا.

للحديث تتمة
بغداد – ٢٠٢٠/٥/٣٠

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here