لن يستقيلوا من مناصبهم!!

حكومات الدول المتقدمة والمجتمعات المتحضرة مبنية على القيم والأخلاق الوطنية والإنسانية , وهي من أهم مرتكزاتها , فأي عمل أو سلوك يتقاطع مع القيم والأخلاق المعمول بها , تدفع بالمسؤول أيا كان موقعه إلى تقديم إستقالته والإعتراف بذنبه , بل أن بعضهم ينتحر لإقترافه زلة مناهضة لقيم وأخلاق السلوك المطلوب من المسؤول الذي يحمل أمانة وطنية عليه أن يصونها بإخلاص وتفاني.

ونسمع عن أن المسؤول الفلاني قد إستقال من منصبه , لأنه شعر بعدم قدرته على الإيفاء بمتطلبات المنصب , أو لأنه شعر بأن المسؤولية أكبر مما يستطيع , أو لأنه يخشى أن يقدم على إتخاذ قرار يؤذي الآخرين , وغير ذلك من الأسباب التي تحسب لا أهمية لها في المجتمعات التي فقدت أخلاقها وقيمها , وتعبّدت في محاريب الكراسي النكراء.

وفي هذه المجتمعات التي لا تعرف حكوماتها الحياء , تجد المسؤولين يمعنون بالفساد والسلوكيات اللاوطنية ولا مَن يحاسبهم أو يردعهم , ولا يعترف الواحد منهم بما قام به من الخطايا ويقدم إستقالته , ففي هذه المجتمعات الإستقالة من المناصب من المحرمات , لأن المنصب عبارة عن غنيمة يحقق الفائز فيها غاياته ورغباته ولا يعنيه أمر البلاد والعباد.

فالأنانية تطغى والنرجسية تتعاظم , ويبدو الشخص وكأنه أعرف العارفين , وأحكم القائلين , والقائد الأوحد الملهم الذي لا يتقدم عليه أحد , فهو الذي لا ينطق عن الهوى , وتأتيه المكاسب والأموال من حيث لا يحتسب , ولا يمتلك ضميرا ولا حياءً ولا قدرة على الشعور بما يعانية الناس من حوله , لإمعانه بذاته ولذاته ومكتسباته التي لا يشبع منها.

فالمنصب في عرف هذه المجتمعات غنيمة العمر , والذي يغنم يحرص على غنيمته ولا يتنازل عنها حتى ولو مات , ولهذا فلن ولن تجد مسؤولا يفكر بالإستقالة من منصبه , لأنه يرى أن ذلك عار وشنار وعليه أن يتحدى ويقاوم.

وكم من الذين لا يستحون قد قبلوا بتسنم مناصب لا ناقة لهم فيها ولا جمل لبضعة أشهر, لكي يفوزوا برواتب تقاعدية مدى الحياة.

فكيف يمكن لهذه المجتمعات الخالية من القيم والأخلاق أن تكون , والأمم الأخلاق ما بقيت؟!!

فهل من قطرة حياء يا أمة الكراسي الدسمات؟!!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here