ملف رفحاء يشعل غضب الكتل الشيعية .. هل يبدأ الكاظمي معركة “مصيرية” ؟

تصاعدت حدة غضب الكتل السياسية الشيعية، بشأن حديث رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ، عن فتح ملف رواتب رفحاء، لمواجهة الأزمة المالية المتفاقمة في البلاد، حيث تحاشى رؤساء الحكومات السابقة فتح هذا الملف، لما يمثله من أهمية كبيرة بالنسبة لعدة كتل في البرلمان تحقق عوائد مالية من تلك الرواتب.

والسبت ، وجّه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ، بإجراء إصلاحات لمواجهة الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، حيث ترأس الاجتماع الدوري للجنة الإصلاح المالي، وجرت مناقشة تداعيات الأزمة المالية التي يمر بها البلد.

ووجه الكاظمي ، وفق بيان ، لمكتبه ،  باتخاذ جملة من الإجراءات لمعالجتها ، أبرزها تخفيض رواتب الدرجات العليا في مؤسسات الدولة، فضلاً عن إجراء ” الإصلاحات اللازمة وفق مبدأ تحقيق العدالة الإجتماعية، من خلال معالجة ازدواج الرواتب، والرواتب التقاعدية لمُحتجزي رفحاء ، وفئة من المقيمين خارج العراق الذين يتقاضون رواتب أخرى”.

وامتيازات رفحاء هي رواتب مخصصة لمعارضين لجأوا إلى السعودية فوضعتهم في مخيم بمدينة رفحاء قريبا من حدودها مع العراق، بعد “الانتفاضة الشعبانية” ضد نظام صدام حسين عام 1991.

وأقام في المخيم نحو 40 ألف شخص ، وتبنت إدارته الأمم المتحدة حينها من خلال الإشراف عليه، وتم تقسيمه إلى 11 مربعا ، في كل مربع تتوزع منازل جاهزة أقامت فيها الأسر والأشخاص الفارون من العراق ، قبل توزيعهم على دول عديدة ، ومن هذه الدول أستراليا والولايات المتحدة وكندا والدنمارك وفنلندا والمملكة المتحدة وإيران وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وسورية.

وبموجب القانون الذي أقره البرلمان العراقي عام 2006 ، الذي سمي بـ”قانون رفحاء”، يحصل كل من أقام بالمخيم ، ولو لمدة أسبوع واحد، هم وعوائلهم ، على مرتبات شهرية ثابتة تشمل حتى من كان رضيعا آنذاك، وبواقع مليون و200 ألف دينار شهريا ، ويحصلون أيضا ، وفقا للقانون، على علاج وسفر ودراسة مجانا على نفقة مؤسسة السجناء السياسيين.

ويتقاضى ، كل شخص ، كان في مخيّم رفحاء ، أو السجين والمعتقل السياسي ثلاثة أضعاف راتب المتقاعد المنصوص عليه في سلم الرواتب والبالغ 400 ألف دينار عراق ي، فضلًا عن السماح له باستلام أكثر من راتب إذا كان موظفا مستمرا في الدولة، بالإضافة إلى مميزات أخرى.

وتشير التقديرات إلى أن مجموع رواتب الذين يتقاضون أكثر من راتب يصل إلى نحو 18 مليار دولار سنويًا، حيث تلقت الحكومة العراقية عام 2016 رسالة من صندوق النقد الدولي، بوجود 250 ألف موظف يتقاضون أكثر من ثلاثة رواتب ، موزعة على نواب ووزراء سابقين ، بالإضافة إلى السجناء السياسيين ، والخدمة الجهادية ورواتب معتقلي رفحاء .

غضب وتحذيرات من الفتنة

وأعرب عدد من النواب في البرلمان ، عن رفضهم هذا القرار ، مطالبين الحكومة بالعدول عنه ، وعدم المساس بتلك الرواتب.

وتساءل النائب عن تحالف البناء ، عبدالإله النائلي ، في بيان “هل العدالة الاجتماعيه تتجلى بقطع رواتب شرائح ذوي الشهداء الموظفين واكثر الشهداء من الاجهزه الامنيه والحشد الشعبي لم تجف دمائهم بعد في الدفاع عن البلد ومقدساته وتحقق النصر على داعش بفضل دمائهم ، وها انتم تسرعون بقطع رواتبهم بحجة الازمة الماليه”.

وأضاف، “أتعاقبون زوجة الشهيد الموظفه التي قد لا يتجاوز راتبها 400 الف وهي تعيل اطفال الشهيد وتسكن بالايجار لان الحكومه لم ترعى عوائل الشهداء ولَم توفر المساكن لهم او قطع الاراضي الصالحة للسكن والتي تليق بشهادة هولاء الابطال ، هل تعاقبون اب او ام الشهيد المتقاعد الذي لا يستلم راتب اكثر من 500 الف ويعيل والدة الشهيد والعاجز عن العمل والذين فقدوا فلذة كبدهم ، فبدل مواساتهم تأتون لقطع راتب ابنهم الشهيد ؟”.

ودعا النائلي” الشرائح كافه إلى الهدوء وعدم الانجرار خلف الفتنه التي قد تكون من خلال هذه القرارات غير المدروسة وننتظر اجراءات الحكومه بعد هذا القرار ولكل حادث حديث”.

بدوره، أكد النائب محمد شياع السوداني، أن “على الحكومة تغيير النهج الذي سارت علية الحكومة السابقة ومخالفة قوانين نافذة باستهداف رواتب ذوي الشهداء والسجناء السياسيين الذين قارعوا النظام الدكتاتوري ، وضحايا الارهاب وشهداء الحشد الشعبي الذين ضحوا بأنفسهم من اجل قضايا مصيرية تمثل محطات خالدة في تاريخ العراق”.

وأضاف في بيان ، أن ” ما يثار بين الحين والآخر بشأن الرواتب المزدوجة إنما يعتبر تكريما معنويا أقر بموجب قانون وهي مبالغ زهيدة جداً خلاف ما يروج لها ولا تمثل حلا للأزمة المالية التي يعاني منها البلد”، موضحاً أن “إثارة هذا الموضوع سيدفع الآخرين لطرح تساؤل؛ ما هو القصد من استهداف رواتب هذه الفئة المضحية، في حين تبقى الرواتب التقاعدية لمنتسبي الأجهزة القمعية وأزلام النظام البائد والتي تتجاوز الـ ٥٥٠ ألف منتسب أغلبهم يعيش خارج العراق”.

مكاسب سياسية وتحقيقات جديدة

وفي خفايا هذا الملف ، يشير مصدر سياسي مطلع ، أن “عدداً من الكتل السياسية ، تحقق مكاسب مالية ، من رواتب محتجزي رفحاء ، عبر تسجيل عائلاتهم، وأقربائهم، وعشيرتهم، خاصة وأن تشريع هذا القانون، جاء عام 2006، حيث تنعدم الرقابة السليمة على مثل تلك الملفات المعقدة ، مع الصعوبة الحاصلة في تمييز المستحقين الحقيقيين لمثل تلك التعويضات، لذلك ترفض اليوم الكثير من الكتل السياسية، فتح هذا الملف، لما يشكل ضربة قاصمة لنفوذها، والأموال الداخلة إليها من  الموازنة العراقية”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ(باسنيوز) أن ” نحو ربع الأسماء المسجلة ضمن محتجزي رفحاء ، تحوم حولهم الشكوك، فبعضهم غير مستحق أصلاً ، والبعض الآخر يتسلم راتبين ، وآخرين ، منهم غير موجودين أصلاً ، ومن المقرر فتح تحقيق شامل خلال الأيام المقبلة في هذا الملف ، الشائك ، وإعلان نتائجه أمام الرأي العام، لكن ذلك يحتاج مساندة من القوى الوطنية”.

وبحسب المصدر، فإن “التحقيقات الجديدة ستطال القوائم الأولية، عند تسجيل المستحقين لرواتب رفحاء، وكذلك التثبت من وجود هؤلاء الأشخاص، ومدة مكوثهم في المخيمات، فضلاً عن بحث إمكانية قطع رواتب بعض المستفيدين ، الأغنياء ، بالتعاون مع الدول التي يقيمون فيها، ويحصلون كذلك على معونات ورواتب وامتيازات”.

ويقول خبراء قانونيّون ، إن القانون منح محتجزي رفحاء امتيازات أكثر من الشهيد ، من خلال مضاعفة الراتب وشموله لجميع أفراد العائلة مع المواليد الجدد ، لذلك لا يمكن المساس بهذه الرواتب إلا من خلال تشريع جديد في البرلمان.

وبحسب مختصين فإنه يمكن لمجلس النواب تضمين فقرة في مشروع قانون الموازنة العامة تلغي كل حكم وارد في القوانين العراقية يتضمن إعطاء أكثر من راتب للمواطن ، وبعدها يُخير المواطن بين الرواتب التي يتقاضاها بتحديد راتب واحد.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here