الوجيز في محاولة حرف البوصلة عن نبش ضريح عمر بن عبد العزيز !

الوجيز في محاولة حرف البوصلة عن نبش ضريح عمر بن عبد العزيز !

احمد الحاج

قبل أيام وتحديدا في 28/ 5/ 2020 تم تداول صور ومقاطع فيديو على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي عن نبش قبر وتدمير ضريح الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في إدلب السورية على يد قوات النظام السوري والذيول الموالية لها ما أثار ضجة كبرى وموجة غضب عارمة من جرائها عمت العالمين العربي والاسلامي وشغلتهما عن أوبئتهما وأمراضهما وفساد مسؤوليهما وجور حكامهما وفقر شعوبهما وجوعهما وحرمانهما وبطالتهما وعبث دول العالم كلها بهما وبمقدراتهما ونهب خيراتهما وتهريب آثارهما واحتكار مواردهما وتعطيل مصانعهما وتجريف مزارعهما وحرق بساتينهما ما جعلهما في حيرة من أمرهما اذ من له المصلحة في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمتين من أقصاها الى أقصاها بهدم الضريح ونبشه بهذه الطريقة البشعة مع قبرين آخرين يعتقد انهما لزوج عمر بن عبد العزيز،فاطمة بنت عبد الملك، وخادم الضريح أبو زكريا بن يحيى المنصور،ونقلها كلها الى جهة مجهولة ،وذلك بعد عام واحد على حرق الضريح وقبلها قصف المسجد المحيط به روسيا في 2018 ،مع ان الجنرال الفرنسي غورو على خسته ودناءته وعميق حقده وبعد غزو دمشق فرنسيا ووقوفه أمام قبر صلاح الدين الأيوبي لم يفعلها ولم يهدم القبر ولم ينبش الضريح وقال قولته الشهيرة “ها قد عدنا يا صلاح الدين !”، لتأتي مواقع تواصل عراقية وبعد يوم واحد فقط بغية حرف البوصلة عن المصاب الجلل فتثير قضية إزالة قبر العلامة الامام ابن الجوزي البغدادي ،وسط العاصمة بغداد من جهة الرصافة وتحديدا في 29/ 5/ 2020 علما أنني كنت قد كتبت مقالا قبل ثلاثة أعوام وتحديدا في 13/ 8/ 2017عن هذا الموضوع بعنوان ” بلا لف وﻻ تدليس ..أين اختفى قبر مؤلف تلبيس ابليس؟؟”بعد أن أثار الموضوع الاستاذ الفاضل وثاب آل جعفر ،والمفترض أنه وبعد مرور سنتين قد تم إعادة القبر الى وضعه السابق من قبل دائرة الوقف السني وقد تم نشر صور توثيقية بذلك ،ولا ادري إن كان قد هدم القبر ثانية أم أن مواقع التواصل وعبر ذبابها الالكتروني المسيس ومدفوع الثمن قد أثارت موضوعا سابقا عن عمد لحرف البوصلة عن لغط نبش ضريح خامس الخلفاء الراشدين في سوريا وأن وراء الاكمة ما وراءها !
وهنا أعيد نشر المقال المنشور سابقا ” بلا لف وﻻتدليس ..أين اختفى قبر مؤلف “تلبيس ابليس؟؟”
لقد علمتني الحياة فضلا عن التأريخ بأن أمة مذبذبة ومحشورة بين قصر وقبر، قصر ظالم يقف أبناؤها طوابير على ابوابه اذلاء طمعا بماعنده أو خشية بطش حاشيته وجلاديه، وقبر مظلوم يدعون له احيانا ويتوسلونه من دون الله فك رقابهم وتخليصهم من الظالم الذي ينافقونه ويلهجون بأسمه ويتراقصون كالقرود بين يديه أحايين، أمة لن تجد متسعا لتقيم حضارة بعيدا عن دائرة قصور وقبور إطلاقا، تركها الله سبحانه وشأنها لطالما رضيت بالجأر وطلب الرحمة والرفعة والرزق من المخلوق دون الخالق … إﻻأنني لم أقف طوال حياتي على أمة تبيع قصورها، تطمس عزها، تسرق آثارها، تدمر معالمها، تشوه تأريخها، تعيق حاضرها، تصادر مستقبلها، تعطل مصانعها وتجرف بساتينها، تحرق مزارعها، تخفي قبور أعلامها كما يجري اليوم في العراق !
قبر لعالم جليل طالب ناشطون ومختصون بصيانته، ترميمه، تنظيفه، فأزيل من الوجود في ليلة ظلماء يفتقد بسمائها البدر …أين ذهب الجثمان موضوع آخر لنا معه وقفة أخرى؟!!
الحكاية المحزنة وكل حكايا العراق كذلك بدأت بقبر مهمل يتوسط بمفرده ساحة مخصصة لوقوف السيارات، قربَ معهد الدراسات الموسيقية، في الفرع المقابل لبناية المايكروويف- اصبحت في خبر كان منذ عام 2003 – في أول شارع الرشيد، من جهة ساحة التحرير، قبر اختلف المؤرخون والباحثون بشأنه هل هو فعلا للعلامة ابن الجوزي، ام هو قبر منسوب له مكتوب عليه اسمه، وقد اثير موضوعه مؤخرا من قبل الباحث الدكتور المهندس المعماري فاضل السلطاني، الذي التقط له صورا عدة من جوانب مختلفة، مطالبا بتأهيله عبر خطاب وجهه الى الوقف السني ودائرة التراث وغيرهما، على اثر ذلك ذهب الاستاذ وثاب خالد آل جعفر،لمتابعة الموضوع بنفسه فوجد ان القبر قد ازيل – من الجذر – ولم يبق له اثر، وهو على يقين شأنه في ذلك شأن كل المتابعين الذين صدموا بهذه الحادثة العجيبة، ان من ازاله لم يكن حريصا على التوحيد وﻻخشية عبادة القبور والاستعانة بغير الله تعالى وماشاكل بقدر محاولته اخفاء اثر يدل على صاحبه، مؤلف اشهر المصنفات في التراث العربي الاسلامي، او ﻷن المقاول بمعية – الدلال – خشيا ان يكرم القبر وصاحبه بعد طول اهمال – فتطير منهما اﻻرض التي تفيض عطاء وتصبح وقفا مع انها تساوي مليارات الدولارات !!
القبر المخفي بحسب بعض الروايات يعود الى الشيخ الإمام العلامة، الحافظ المفسر ابو الفرج ابن الجوزي الذي خط بأصبعه 2000 مجلدة، وتاب على يديه 100 ألف، وأسلم على يديه 20 ألفا وقد كتب عنه كبار علماء بغداد ومنهم بشار عواد معروف وجلال الحنفي وعبد الحميد عبادة ويعقوب سركيس وعماد عبد السلام، وغيرهم واختلفوا في اثبات عائديته لقاضي قضاة بغداد في زمن المستعصم بالله، آخر خلفاء بني العباس . والذي كان قد أفتى بالجهاد ضد المغول حين غزوا بغداد، ام لغيره، فيما اشار الباحث الدكتور خالد ناجي السامرائي الى انه تابع هذا القبر في تسعينيات القرن الماضي وطالب وزارة الأوقاف في حينه ممثلة بوزيرها انذاك عبدالله فاضل، فأخبر بأن الرأي الراجح يميل الى نفي أن يكون القبر لابن الجوزي، فيما يؤكد جلال الحنفي ذلك !
صاحب القبر له مصنفات شهيرة منها ماهو مخطوط ومنها ماهو مطبوع ومنها ما إختفى من الوجود فيما جاء ذكره في مؤلفات المؤرخين وكتاب السير والتراجم ومنها :
التيسير في التفسير، وفنون الأفنان في علوم القرآن، ورد الأغصان في معاني القرآن، النبعة في القراءات السبعة، الإشارة في القراءات المختارة،، مسبوك الذهب في الفقه، البدايع الدالة على وجود الصانع، و تحريم المتعة ” ” العدة في أصول الفقه “، ” الناسخ والمنسوخ ” الأذكياء “، ” المغفلين “، ” منافع الطب ” ” الظرفاء ” منهاج القاصدين ” مجلدان، ” الوفا بفضائل المصطفى ” مجلدان ، مناقب أبي بكر ” مجلد، ” مناقب عمر ” مجلد، ” مناقب علي ” مجلد، التحقيق في مسائل الخلاف ” مجلدان، ” مشكل الصحاح ” أربعة مجلدات، ” الموضوعات ” مجلدان، ” الواهيات ” مجلدان . ” الضعفاء ” مجلد، ” تلقيح الفهوم ” مجلد، ” المنتظم في التاريخ ” عشرة مجلدات،، واشهر كتبه ” تلبيس ابليس “. أخبار الظرّاف والمتماجنين. أخبار النساء، أعمار الأعيان. بستان الواعظين.وغيرها العشرات .
ويبقى السؤال الملح هنا سواء اكان القبر ﻷبن الجوزي أم لغيره هو أين إختفى القبر فضلا عن جثمان صاحبه بعد المطالبة بصيانته ومن الذي له المصلحة في ذلك، اذ ان البلد الذي ﻻيسلم فيه حتى الاموات وأكفانهم و شواهد قبورهم من الاخفاء والسرقة ..أهله ميتون وان كانوا فوق الارض احياء .
وبمجرد ان يتم رفع الحظر سأذهب بإذنه تعالى الى هناك بنفسي لأتأكد من الموضوع وهل ما يزال القبر مرمما أم لا ؟! اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here