على هامش الدفاع عن تقاعد الرفحاويين  : يوجد فارق كبير بين عدل و انتقام 

بقلم مهدي قاسم

 بين حين وآخر يبرز إلى الواجهة قانون الرفحاء  مثيرا كثيرا من جدل وسجال في أوساط و فئات  اجتماعية مختلفة  ، من حيث هو و بمعظمه  ، و الذي أقره مجلس النهّاب العراقي كان قانونا ظالما و مجحفا في أوجه كثيرة و أن احتوى في الوقت نفسه على  إحقاق  حقوق  أيضا  من جانب آخر ، وكما هو ، أنه  قد أُقر لأسباب سياسية  بحتة  ، بهدف كسب جماهيري لأحزاب الإسلام السياسي الفاسدة لتكون لها قاعدة تصويتية انتخابية  على مدى بعيد ، دون أخذ بنظر الاعتبار تأثيرات ذلك  على  الأوضاع المالية  المستقبلية للبلد والتي بدون هذا قد تمت عملية نهبها عن أخر فلس ،  بحيث اضطرت و تضطر  الحكومة للاستدانة و أخذ القروض  باهظة الثمن و الشروط   ولكن بتوسل  وإثارة شفقة في هذه المرة ! لتمشية رواتب الموظفين والمتقاعدين على حساب زيادة القروض و الديون المثقلة والمتراكمة سنة بعد أخرى ، وفي الحقيقة  ليس لم يؤخذ بنظر الاعتبار   الانعكاسات والتأثيرات السلبية المالية لهذا القرارفقط   إنما ضُرب بعرض الحائط قانون التقاعد العام  ذاته الذي بموجب مواده وبنوده  تجري عملية الإحالة إلى التقاعد أي بعد استكمال كل الشروط الموجبة  و المستوفية في قانون التقاعد ، ولعل أهمها أن يكون الشخص قد خدم خدمة فعلية سواء كحد أدنى أو اقصى المثبتين في القانون، و دفع استقطاعات إلزامية  شهرية للتقاعد إلى كذا سنوات  كشروط  تكميلية  مشروعة للإحالة  ،  إذ يُفترض أن  الخزين المالي لصندوق التقاعد العام يتكون من دافعي الاستحقاق الملزم لجميع العاملين بشكل رسمي و حتى غير رسمي ممن يبغون الإحالة إلى التقاعد في نهاية خدمتهم ، فضلا  ــ و كحالات استثنائية ــ عن الإحالة الطبية مشكلّة من لجنة ذات مصداقية مهنية وتخصصية معترف بها رسميا  و لأسباب صحية و ليس سياسية أو فئوية ، وهذا يعني أن من كان محتجزا في معسكر رفحاء للاجئين * و الذي سبق له أن عمل موظفا أو مستخدما أو عسكريا في الجيش كذا سنوات ،  فتُحتسب له فترة مكوثه في معسكر اللاجئين  ليرجع  و يكمّل الخدمة ليكون متقاعدا بشكل مشروع و قانوني ، طبعا كخدمة فعلية  مدة و سنا على حد سواء ، عندها يكون قد استوفى شروط الحق القانوني للإحالة ، أما الذي لم يخدم إطلاقا حتى ولا يوما واحدا، لا موظفا ولا عاملا و لا عسكريا ، فعلى أي أساس تجري عملية إحالته على التقاعد  هو أو غيره ،  سواء كان مجاهدا أومناضلا أو جلادا بعثيا أم لاجئا هاربا !! ، و فوق ذلك  ليس  الرفحاوي وحده أُحيل على التقاعد أنما كامل أعضاء عائلته أيضا  ، أي  حتى الأطفال الذين ولدوا في بلدان اللجوء المرفهة ؟!!.. و إذا كان لابد من  تعويض لهؤلاء المحتجزين والذين لم يخدموا سابقا  في مؤسسات ودوائر الدولة فكان من المفروض أن يكون هذا التعويض على شكل مبلغ مقطوع  ولمرة واحدة فقط ، ولكن إذا عرفنا  أن عددا من نواب  لم يخدموا سابقا ولا يوما واحد ا و أن عمر بعض منهم لم يتجاوز الثلاثين عاما قد أُحيلوا على التقاعد  بعد أربع سنوات ” خدمة ” نعاس  وتثاؤب  في مجلس النواب !! فآنذاك يجب أن لا نستغرب  إّذا عرفنا من هم أولئك الذين شرّعوا وأقّروا  قانون تقاعد الرفحاويين و غيرهم  من السجناء السياسيين الذين لم يخدموا سابقا في أية دائرة في الدولة ،.، إذ  إن مَن سمح لنفسه أن ينهب المال العام عن طريق مشاريع شكلية لا توجد إلا على ورق  لشركات وهمية ،  فسيان عنده تماما إذا كل الناس في العالم قد أصبحوا متقاعدين في العراق !! ، وذلك انطلاقا من سياسة :

ــ فليكن من بعدي الطوفان ..

و لذا فمن الضروري إعادة النظر في هذا القانون  المجحف ليس للبرفحاويين فقط وإنما لغيرهم أيضا و على أساس معايير الحق و العدل و قانون التقاعد العام ، لكي  يحصل على التقاعد من يستحقه فعلا  و على أساس قانون التقاعد العام  ، و يجُرد منه  كل من  أُحيل على التقاعد  بدون أي استحقاق قانوني ، نقول ذلك لأنه  ينهك خزينة الدولة إرهاقا شديدا ولا سيما الآن  بعد الشحة المالية الخانقة التي يعاني منها العراق ..

و يبقى أن نقول أن استخدام مصطلح  ” الاحتجاز ” بالنسبة للرفاوحيين ليس دقيقا تماما ، إذ أن معنى الاحتجاز يعني عدم المغادرة إلى أي مكان  قطعا ، و تحت أية ظروف كانت ، بينما نحن نعلم  ــ وعندنا شهود عيان على ذلك مِمَن عاشوا هناك ــ أن عددا  من اللاجئين في معسكر رفحاء قد رجعوا إلى العراق ــ صحيح أن بعضا منهم  قد اعتقل لفترة قصيرة وخُضع لاستجواب ضربا ومهانة ــ  بينما  قسم آخر منهم قد غادر إلى  إيران  و كذلك إلى بلدان  أخرى كسوريا و لبنان ، فضلا عن بلدان اللجوء ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here