مقترحات الموازنة.. إيقاف التعيينات وتقليص مالي يطال قضايا مهمة

ترجمة / حامد احمد

لم يمر شهر على تسلمه للسلطة ورئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي يواجه أزمة اقتصادية قد تترك ملايين من العراقيين يعانون الافلاس وقد تنجم عن ذلك مشاكل جديدة في البلاد التي تعاني اصلا من ازمات .

الهبوط الحاد الاخير باسعار النفط، فضلا عن تفشي وباء كورونا ومرور اشهر من اضطراب سياسي قد ترك وضع العراق المالي وضعا باليا . ويلوح في الافق عدم قدرة بغداد على تأمين مرتبات الشهرين القادمين لموظفي القطاع العام أو عدم دفع مستحقات ومنافع المتقاعدين، هبوط في الدخل قد يؤثر على غالبية الاسر العراقية .

العراق الذي يعتبر ثاني اكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدر للنفط أوبك، يعتمد اقتصاده كليا على واردات صادراته النفطية والتي تشكل 90% من احتياطيات ميزانية الدولة . الكاظمي يحتاج 12 تريليون دينار (10 مليار دولار) لتأمين مرتبات اكثر من اربعة ملايين موظف ومتقاعد ومنتفع لشهري حزيران وتموز، فضلا عن تغطية نفقات جهود مواجهة وباء كورونا ومعونات غذائية للعوائل الفقيرة .

مع ذلك، فان حربا باسعار النفط في آذار بين روسيا والسعودية أدت الى هبوط قيمة صادرات العراق هبوطا عموديا، وقال مسؤولون لموقع مدل ايست آي الاخباري ان صادرات العراق لشهري نيسان و أيار لم تجلب سوى 3.49 مليار دولار لخزينة الدولة .

رغم ان اسعار النفط بدأت بالانتعاش، مع وصول سعر البرميل الى 40 دولارا عبر الايام القليلة الماضية، فان شحة الموارد المالية في العراق القت بظلالها الطويلة على شهري حزيران وتموز، على اعتبار ان البلاد ستتلقى العوائد النقدية لصادراتها بعد شهرين من موعد البيع .

فيصل العيساوي، عضو اللجنة المالية في البرلمان، قال لمدل ايست آي: “الازمة حقيقية ولا يمكن تفاديها وضربت جميع البلدان، ولكن تبعاتها في العراق كانت اكثر وضوحا لان الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل اساسي على عوائد تصدير النفط .”

واضاف العيساوي قائلا “الحكومة ملزمة بتسديد رواتب الموظفين والمتقاعدين ومستحقات الرعاية الاجتماعية، ولكن الازمة ستكون جلية اكثر خلال هذين الشهرين .”واعتبر مسؤولون اعتماد العراق المفرط على النفط بمثابة كارثة ستحل بالبلد عاجلا ام آجلا .

وتم تشكيل لجنة برلمانية – حكومية مشتركة قبل أشهر مضت لمناقشة العجز المالي ومحاولة ايجاد مصادر اضافية غير النفط لتعزيز موارد الميزانية المالية السنوية للبلاد . وقدمت اللجنة حزمة من المعالجات والمقترحات لرئيس الحكومة السابقة عادل عبد المهدي قبل فترة وجيرة من تنحيه عن السلطة في وقت سابق من هذا العام، ولكنه تجاهلها .

نسخة معدلة من مشروع القانون هذا يتم عرضها الان أمام الكاظمي، استعدادا للتصويت والمصادقة عليها خلال اجتماع الكابينة الحكومية المقبل.

مسودة القانون، التي حصلت مدل ايست آي على نسخة منها، تطرح مجموعة من المعالجات العاجلة لما وصف “بعجز كبير في تمويل ميزانية الدولة بسبب الهبوط الحاصل في العوائد النفطية وغير النفطية، الذي تسبب بازمة مالية حادة .” وتضمنت المقترحات: ايقاف صرف نفقات حكومية غير ضرورية، تقليص تمويل ما يتعلق بالاشياء ذات الاولوية العليا، التفاوض من جديد مع شركات نفط تعمل في العراق وفقا لجولات التراخيص لمراجعة العقود، وتخفيف الاعباء المالية على الدولة، فرض الضرائب على بعض القطاعات، ايقاف التعيينات الجديدة، تجميد المنح والعلاوات الى اشعار آخر .

علاوات ممنوحة لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء ورئيس البرلمان ووزراء واعضاء برلمان ودبلوماسيين وعمداء كليات وقضاة ومسؤولين حكوميين آخرين ستقلص بنسبة تتراوح ما بين 50 الى 80 % . من بين المعالجات الاخرى تقليص الرواتب التقاعدية والمعاشات المستلمة من قبل ضحايا النظام السابق والتي ستمنع بموجبها اشخاص من تلقي اكثر من راتب شهريا. المقترحات، التي تسرب كثير منها للاعلام خلال الاسبوعين الماضيين، اغضبت غالبية موظفي الدولة والمنتفعين، الذين يرون بان رواتبهم حق مكتسب ليس للحكومة الحق بالمساس بها لاي سبب .

رئيس الوزراء الكاظمي، كتب في تغريدة له قبيل جلسة مجلس الوزراء، قال فيها “نحن عازمون على تخطي الازمة المالية سوية. لن ندع ان تكون حلول الازمة المالية على حساب حقوق الموظفين ذوي الدخول المحدودة والمتقاعدين ومستحقات ذوي الرعاية الاجتماعية”.

واستنادا لبيان من المكتب الاعلامي للكاظمي فان اجتماع مجلس الوزراء الذي استمر لساعات لم يخرج باي تصويت على المقترحات. ولكن بدلا من ذلك “تقرر عقد جلسة خاصة لمناقشة الازمة المالية الحالية والاجراءات المطلوبة .”

مسؤولون ومراقبون أكدوا ان الكاظمي يهدف الى امتصاص زخم اولئك الذين يعارضون قراراته وتفادي حصول ردود افعال شعبية حادة تعرقل مناقشة مسودة القانون والمصادقة عليه .

احمد الصفار، عضو اللجنة المالية في البرلمان، قال لمدل ايست آي “الكل يعرف ان اي تأثير على رواتب الموظفين في ظل الظروف التي يمر بها العراق حاليا ستشكل تهديدا كبيرا لاستقرار الحكومة. هؤلاء الموظفين يعانون اصلا من ارتفاع الاسعار والتضخم. تقليص رواتبهم سيعني تعريضهم لضغط اضافي وهذا سيؤدي بالتأكيد الى انفجار. خصم الرواتب وتخفيضها قد يؤدي الى هيجان شعبي ومظاهرات واسعة .”

عضو اللجنة المالية العيساوي يقول ان مشاكل شهري حزيران و تموز يمكن تجاوزها بإجراءات قصيرة الاجل اقل ضررا، مشيرا الى انه رغم ذلك فان “مشكلة عجز الميزانية ستظل قائمة .”

ومضى العيساوي بقوله “نحن غير قلقين بخصوص الازمة الحالية ، سنتجاوزها في غضون شهرين او ثلاثة. ولكن اذا لم يحصل ذلك فان الكل سيقتنع بان الوقت قد حان لتغيير سياستنا الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية، عكس ذلك فان الاقتصاد العراقي سينهار عاجلا ام آجلا .” واضاف قائلا “هذا اول اختبار لحكومة الكاظمي، والرسالة التي بعثها لنا توحي بانه جدي في ايجاد حلول جذرية للمشكلة.”

عن: مدل ايست آي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here