الاستراتيجية الامريكية—والسيادة الوطنية العراقية

الاستراتيجية الامريكية—والسيادة الوطنية العراقية
عبد الخالق الفلاح

أياً كانت حقيقة نوايا الولايات المتحدة الامريكية،للضغوط التي تمارسها من خلال توجد قوّاتها على الحكومة العراقيّة لكي تحصيل موافقتها على اتّفاقيّة اياً كانت تسمياتها يعكِس “تقزيمًا” للعِراق وإهانةً للعقل البشريّ فيه، فالغزو ومن ثمّ الاحتلال، لم يتمّا بطلبٍ عِراقي، وجسّدَ عُدوانًا قام على ذرائعٍ كاذبةٍ، والمؤدّية إلى محاولات لفقدان العراق سيادته الوطنيّة ، وقبوله بالذلّ والهوان . وبغض النظر عن ما سوف تنتج عنها المباحثات التي من المؤمل اجراءها خلال الايام القادم مع الحكومة العراقية حول استراتيجية وجودها من عدمه في العراق، وما إذا كانت صادقة في نواياها وحازمة في خيارها، ومصرة على تنفيذ اجنداتها، والحكومة العر اقية غيرعابئةٍ بالعقوبات ولا خائفة من التهديدات، ولا تقلقها التصريحات ، ولا تعنيها المواقف وردود الفعل الأمريكية، ولا تبالي بالتصريحات الغير مسؤولة، وتصر على المضي قدماً في فرض قيود التنسيق الأمني الذي يهم مصالح بلدها وفك وبراثن الارتباط معها ، اوحبك عقدها بطريقةٍ تجعل من الحكومة الحالية عيننا لها، وأذناً تسمع وتراقب، وتدون وتسجل، وتضبط وتقمع، وتضرب وتبطش، وتعتقل وتعذب، وتسيء وتظلم.

وأياً كان الدافع وراء هذه المباحثات والنتائج التي سوف تخرج منها، الذي أخذته بنفسها بناءً على قناعاتٍ راسخةٍ، وحقائق دامغةٍ، أو نتيجة يأسٍ وقنوطٍ، وانسداد الطرق و هذه الاتفاقية يجب ان لا تكون مؤامرة للهيمنة على العراق واستغلاله كقاعدة للانطلاق منها لمهاجمة الدول الجارة في نهاية المطاف بتاسيس قواعد ومعسكرات طويلة الامد كما هي في العديد من البلدان العربية القريبة مثل قطر والسعودية والبحرين كقصد للحماية البقرة الحلوبة مقابل المليارات من الدولارات . ومن هذا المنطلق يرى بعض المراقبين في المفاوضات الجارية حول الاتفاقية الاستراتيجية الأمريكية-العراقية كمؤشراً لحرب بالوكالة في العراق بين الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة التي لنا معها اوثق العلاقات ووقفت الى جانبه في الشدائد في تقديم الدعم المعنوي والمادي ولنا معهم روابط تاريخية واجتماعية متأصلة لا يمكن فكها بسهولة .

وقد تمتلك الكتل الموجودة في البرلمان العراقي، والتي تعارض الاتفاقية موضع النقاش في الوقت الراهن، من القوة السياسية ما يكفيها لإفشال اي نوايا تحاول ان تفرضها في الاجتماعات القادمة اذا لم ترتخي امام مطالب القوى المنبطحة والعميلة. ويجب ان تخضع لسلسة سريعة من المناقشات والاقتراحات المضادة وعدم الاغفال عنها لان هذه الاجتماعات مصيرية ومهمة للاجيال القادمة لترسم مستقبلهم ، لاسيما ما يتعلق بالبنود التي قد تثير حساسية خاصة مثل تلك المتعلقة بالمرونة التشغيلية للقوات الأمريكية في العراق، وتقليص تلك المرونة بالشكل الذي يمكن من خلاله تحديد مَن هم الذين يجب أن تقاتلهم القوات الأمريكية في العراق او منعهم دون مشورة الحكومة ،ولتعلم كل القوى الطامعة أن شعبنا أبيٌ كريمٌ، حرٌ عزيزٌ النفس، شريفٌ الاصل، لا يقايض وطنه بكسرة خبز، ولا يستبدل جوعه بفتات طعامٍ، ولا تذله التهديدات، ولا تخضعه ممارسات واشنطن، ولن يسكت عن نوايا الضيم وقرارات حجب حريته، وسيسقط بقوته سياسيه الاحتلال وسينتصر عليه، وسينال منه ما يتطلع إليه ويصبو له، وهو يثق بعد الاتكال على الله عز وجل بقوته ومقاومته، وثباته وصموده، ويقينه وإصراره، فلا تخذله اي جهة خانعة، ولا تغدر به قيادته، ولا تعبث وتتلاعب بمصيره، ولتمض في موقفها، على الجديد الأفضل، تنسيقاً مع القوى العراقية، والتفاتاً إلى مصالح شعبه وانحيازاً له دون غيره، فذاك هو سبيل النجاة، والخطوة الأولى نحو استعادة القرار الوطني الحر والموحد. بينما تريد الولايات المتحدة أكبر قدر ممكن من المرونة لكي تستطيع توفير الحماية لقواتها في العراق، ولكي تقرر هي من هو “العدو” الذي يجب أن تقاتله. رغم صعوبة تصور وجود صيغة ترضي الطرفين في الوقت الحالي.

وسواء كان القرار استراتيجياً ثابتاً ، أو تكتيكياً وطنياً مؤقتاً، فإنه يبقى قراراً صائباً وموقفاً لازماً اذا كان يهم مصالح ارضه وسمائه وعدم التأخير في صدوره، وتعطل تنفيذه، والحلم كله في عدم التسرع باتخاذه، ويدل على صدق قواه الوطنية الحقيقية في تنفيذه، فقد نال ما نال الشعب من معرة التنسيق الأمني الغير المستقل، وتضرر وعانا من مقاومته، وأساء إلى تاريخه المشرف و استقلاله الوطني ، وحاول تشويه صورته السامية وتلطيخ سمعته الطاهرة، وأطلق العنان للأصوات الشاذة التي تطالب بتواجدها غلة وطعنا من امرار مصالح انية وشخصية.

يكاد العراقيون لا يصدقون أن سلطتهم قد تمضي في قراراتها، وتلتزم بوعودها دون مشورة ابناء شعبها الغيارى وخاصة وان الحكومة الحالية قليلة التجربة في العمل السياسي او قد تفتح ثغرة من بين صفوف الوفد المشارك في المباحثات وتكون المصيبة والطامة الكبرى، فيجب ان تكون حذرة وتتوقف عن القيام بالتوقيع على معاهدة قذرة وانابية،، لكي تتبرأ من التهم، وتطهر نفسها من رجسها بشرفٍ على ذله وهوانه و تحررالعراق من قيده، لان التاريخ سوف يلعنهم، وأنَّ أمنه الداخليّ يحظى بالأولويّة، والاهتمام البالغ، ولن يسمح بأن يكون ساحة صراع أو ممرًّا لتنفيذ اعتداءات أو مقرًّا لاستخدام أراضيه للإضرار بدول الجوار، والتي يبرأ منها الشعب العراقي من بعده ويستعيذ بالله السميع العليم من شرورها وآثامها.علمًا أن الاحتلال بقيادة الأرعن (ترمب) قد يستغل الفساد المستشري من جهة والهوة الكبيرة بين الساسة والشعب من جهة أخرى لشراء بعض الذمم الضعيفة ، لذا على الجميع التنازل عن المغانم والسلطة من أجل رفاهية الشعب وكرامته.. ولتعلم واشنطن بأن الامة لن تسمح بأن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات السياسية والعسكرية إنما تريد عراقًا قويًا ومستقلً كذلك يتم التشاور مع الشركاء الأوروبيين المنضوين في التحالف الدولي لقتال داعش للخروج بموقف موحد في ما يخص آليات العمل ومستقبل تواجد قوات التحالف في العراق يجب ان تصدم الولايات المتحدة الامريكية بجدية بموقف الشعب العراقي وارباكها، مباشرة وغير مباشرة، بشكل قوي وقاسي، والابتعاد عن الميوعة والدبلوماسية الناعمة والرقيقة، وابعاد الامور التدريبية الامنية عن المسائل الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية ودعوتها للتراجع عن قرارتها، المتعالية والعدول عن مواقفها التي تمس استقلال البلد ، والعودة إلى مربعات التنسيق الأمني والتفاهم الثنائي بالتحديد ، ولعلها سوف تستمر في محاولاتها لي عنق الحكومة العراقية وتثبيت قراراتها هي، والخوف من ضعف الاشخاص المندوبين لهذه المهمة الصعبة ، حتى تكون قد عجزت من القيام بما اعتادة عليه من فرض الوصايا، بعد أن أصبحت في مواجهة الشعب وعلى تماسٍ مع رجال الوطن المخلصين ، إنها فرصة كبيرة، لكشف المستور و الاستفادة منها ، لا ينبغي التراجع عن الحقوق الوطنية مهما كانت الأسباب، ولا يجوز العبث بمشاعر الشعب العراقي وروحه الوطنية، ويجب ان تكون امريكا الخاسرة الوحيدة و المتضررة ، وهي التي انقطعت بها الاسباب وغرقت في سفن بلا اشرعة ولا تمد لها طود النجاة،، ولا تنقذها الممارسات الحالية إلإ وفقاً للاتفاقات الدولية للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الفقرة الأولى حول الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع البشر والحقوق المتساوية لكل البشرفي الحرية والعدل والسلام في هذا العالم التي تحكم العلاقة بين قوى الدولية والشعوب الحرة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here