الكاظمي يشعل غضب المتقاعدين.. «إصلاحات وهمية» بدأت بـ «الأربعاء الأسود»

أشعل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، غضب شريحة المتقاعدين، إثر الاستقطاع المفاجئ في رواتبهم، على وقْع الأزمة المالية التي يمر بها العراق، فيما تصاعدت حدة المطالب السياسية والشعبية، بالعدول عن هذا القرار، وتوفير إيرادات مالية من منافذ أخرى، غير النفط.

وتفاجأ ملايين الموظفين، الأربعاء، باستقطاعات متباينة في رواتبهم، وصل بعضها إلى 20 في المئة، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة، خاصة وأن الكاظمي كان وعد بعدم استقطاع أي من تلك الرواتب، وأن إصلاحاته ستتجه إلى مرتبات كبار الموظفين في الدولة، وإعادة تنظيم المنافذ المالية الأخرى، مثل الكمارك، والضرائب، وعقارات الدولة، واسترجاع الأموال المسروقة في الخارج وغيرها.

غضب سياسي

وأبلغت رئاسة مجلس النواب الأربعاء، الحكومة رفضها استقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين.

وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي، في بيان ، إنه «أبلغ وزيري المالية علي علاوي والتخطيط خالد البتال خلال استضافتهما في اجتماع اللجنة المالية النيابية اليوم، رفض مجلس النواب استقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين».

وأشار الكعبي، إلى أن «هذا الإجراء الحكومي مخالف لكل القوانين النافذة ولا أصل تشريعي له».

كما أعلنت كتلة ‹دولة القانون› النيابية، رفضها استقطاع رواتب المتقاعدين، فيما طالبت بإلغاء رواتبِ منتسبي «الأجهزةِ القمعية».

وقال رئيس الكتلة عدنان الأسدي في مؤتمر صحفي عقده بمشاركة نواب الكتلة، إننا «نطالب الحكومة بضرورةِ عدم المساس برواتب موظفي الدولة من الدرجات الدنيا والوسطى»، معبراً عن رفض الكتلة «الاستقطاع من رواتب المتقاعدين والتي هي في الحد الأدنى من الراتب مما يؤثر على معيشتهم وازدياد نسبة الفقر لديهم، علما أن قانون ضريبة الدخل يعفي المتقاعدين من استقطاع ضريبة الدخل وما حصل يعد مخالفة قانونية صريحة».

وأشار إلى «ضرورة إلغاء رواتبِ منتسبي الأجهزةِ القمعيةِ، والذين لا زالوا يمارسون الإرهاب وتخريبَ الدولةِ، وهم خارج الحدود، فليس من المعقولِ أو المقبولِ أن يتساوى ضحايا البعث المجرم مع جلادي ذلك النظام الذي دمرَّ البلاد والعباد، فهل يعقل أن تقطع الدولة راتب ذوي الشهداء والسجناء أو تستقطع جزءًا منه وفي الوقت نفسه تستمر بإعطاء الرواتب العالية لمنتسبي الأجهزة القمعية و بأعدادهم الكبيرة التي زادت عن 551 ألفاً عدا الذين كانوا سببا في معاناة شعبنا وترويعه».

سهام النقد تطال الكاظمي

وتوجهت سهام النقد إلى الكاظمي، لجهتين الأولى بشأن وعده الذي قطع في بداية تسلمه رئاسة الحكومة، وهو رفضه استقطاع رواتب الموظفين، والثاني، أن الموظفين غير مشمولين بقوانين الاستقطاع وضريبة الدخل، وهو ما أثار جدلاً قانونياً.

وبدأ الكاظمي منذ تسلمه مهامه، مهتماً بفئة المتقاعدين، حتى أصبح أول مكان يزوره بعد منحه الثقة، هو هيئة التقاعد العامة، فضلًا عن استمرار وضع المتقاعدين والاهتمام بهم، في كل تصريح وتغريدة مقارنة مع القضايا والفئات الأخرى، خصوصاً وأن قدومه للمنصب تزامن مع تأخر رواتب المتقاعدين ما جعل أولى تحركاته تنصب على تسوية قضية تأخير رواتبهم.

ومع بدء تحركات الحكومة لإيجاد حلول للأزمة المالية، والتوجه نحو استقطاع الرواتب، بدأت الاعتراضات تبرز ولا سيما لذوي الدخل المحدود من الموظفين والمتقاعدين، إلا أن تغريدة للكاظمي صدرت مطلع الشهر الجاري أعطت دفعة أمل تبين فيما بعد بأنها «وهمية».

وقال الكاظمي في تغريدته التي كتبها في 2حزيران/يونيو الجاري، «لن نسمح بأن تكون حلول الأزمة المالية على حساب حقوق الموظفين من ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين ومستحقي الرعاية الاجتماعية».

وأضاف «فقرارنا هو: خفض مرتبات الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا، وإيقاف مزدوجي الرواتب والوهميين وترشيد الانفاق الحكومي»، مشدداً بالقول: «مصممون على تجاوز الأزمة معاً».

الكاظمي بمواجهة مع "غضب" المتقاعدين.. استقطاع بعد تغريدة "الأمل ...

وبحسب خبراء قانونيين، فإن الرواتب التقاعدية، معفية من الضرائب، ولا يجوز فرض أي ضريبة عليها.

وقال الخبير القانوني علي التميمي في تصريح لـ (باسنيوز) إن «الراتب التقاعدي معفي من ضريبة الدخل وفق المادة (٧) الفقرة (٦) من قانون ضريبة الدخل رقم (١١٣) لسنة ١٩٨٢ ولا يوجد سند قانوني لمجلس الوزراء في استقطاع رواتب المتقاعدين».

وأضاف التميمي، إنه «على ممثلي المتقاعدين إقامة دعوى على رئيس الوزراء، ووزير المالية لتجاوزهم على نص قانوني نافذ، لايجوز خرقه بتعليمات وزاريه، وإنما بقانون، وهذا يخالف المادة ٢٨ من الدستور أيضاً».

بدوره، قال الخبير في الشؤون القانونية، طارق حرب إنه «كان على البرلمان تشريع قانون يتعلق باستثناء المتقاعدين والموظفين، وليس إصدار قرار لا قيمة دستورية أو قانونية له».

وأضاف، في إيضاح له، «كان الأولى على مجلس النواب كتابة قانون يتضمن كلمتين فقط وتتم قراءته قراءة أولى كمقترح قانون لإيقاف اجراءات الحكومة في استقطاع رواتب المتقاعدين والموظفين، لأن قرار مجلس النواب اليوم حول الاستقطاع الضريبي لا قيمة له، لأنه قرار تشريعي، وليس للبرلمان صلاحية إصدار قرار تشريعي في القانون والقرارالاداري فقط، إذا كان (الغاء الضريبة المفروضة على راتب ومخصصات المتقاعد والموظف)».

وتابع حرب، «هذا ما مطلوب قراءته لمقترح القانون اليوم، وبعد يومين قراءة وبعد أربعة أيام تصويت، فالعملية لا تستغرق أسبوعا واحداً، ثم بعدها يصدر قانون ينهي الموضوع وليس قرارا اصدره البرلمان لا قيمة دستورية او قانونية له وان كانت له قيمة اعتبارية، وكان عليهم الشروع بتشريع القانون التالي:

أولاً: يستثنى من ضريبة الدخل راتب ومخصصات الموظف والمتقاعد

ثانياً: ينفذ هذا القانون من تاريخ صدوره».

أين الإصلاحات ؟

ما حصل في «الأربعاء الأسود» بالنسبة للمتقاعدين، بحسب ما وصفه بعض الناشطين، انسحب سريعاً على تصريحات الإصلاح التي أطلقها الكاظمي وسط تساؤلات عن سبب ترك جملة منافذ ومواقع تدر مليارات الدولارات دون فتحها، والاتجاه مباشرة إلى مرتبات الموظفين والمتقاعدين.

لكن حكومة الكاظمي، دافعت عن نفسها في ظل الهجمة التي تتعرض لها من بعض الأطراف، إذ أكدت أن الاستقطاع طال جزءاً من المتقاعدين، وليس كلهم.

وذكر بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء، أن «1,786,771 متقاعدًا تسلموا رواتبهم كاملة دون أي استقطاعات لأنها غير مشمولة بقرار مجلس الوزراء الأخير الذي استثنى من يستلم راتباً أقل من 500,000 دينار شهريا من أي استقطاعات، و73.55%  من المتقاعدين، تسلموا رواتبهم التقاعدية بدون أي استقطاع».

وأضاف، أنه «يستثنى من يستلم راتباً أقل من 500,000 دينار شهريا من أي استقطاع، إذ أن الحكومة العراقية اعتمدت مبدأ العدالة كأسس لبرنامجها الإصلاحي وحماية ذوي الدخل المحدود والمنخفض وعدم شمولهم بأي استقطاعات».

وأشار إلى أن «30,975 شخصاً من محتجزي رفحاء، لم يتسلّموا رواتبهم، وتم الطلب منهم مراجعة مؤسسة السجناء السياسيين وإثبات أنهم يقيمون في العراق، فضلاً عن أنه 13,210 من المعتقلين السياسيين لم يتسلموا راتبهم التقاعدي لأنهم يستلمون رواتب ثانية كموظفين في الدولة العراقية».

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here