الرياضة العراقية مشاكلها و اسباب تراجعها ؟

الرياضة العراقية مشاكلها و اسباب تراجعها ؟
أ. د . قاسم المندلاوي 1 – 2
هنالك جملة من المشاكل والعقبات التي تقف حاجزا منيعا للنهوض و الترقي بالرياضة العراقية و تسبب ضعفا و عجزا عند ابطالنا و فرقنا الرياضية للفوز باوسمة اولمبية و احتلال مراكز متقدمة في قائمة الميداليات الاولمبية و تأتي في المقدمة : .
اولا – سيطرت القيادات السياسية والحزبية : فمنذ زمن نظام البعث في العراق والى يومنا هذا ” اي بعد التغيير 2003 ” تدار الرياضة من قبل حزبين و سياسين ” غرباء و طارئين ” تنقصهم الثقافة الرياضية و الايمان الحقيقي باهمية الرياضة في رفع راية العراق عاليا في البطولات و المسابقات ” الدولية و الاولمبية ” ناهيك عن اهميتها في رفع الكفائة و القدرة البدنية و الصحية و النفسية وما احوج الانسان العراقي الى هذا الجانب . .
ثانيا – العنف و القسوة : في زمن نظام البعث سيطر “عدي صدام حسين و جماعته” على الرياضة الاولمبية مما ادى الى زيادة ” الرعب و الخوف ” بين الاداريين و المدربين و الرياضين و بالتالي ضعف ” الاداء و الانجاز ” و كان عمل هؤلاء جميعا دون المستوى المطلوب ، لانهم كانوا بعيدين تمام البعد عن الرياضة و لم يملكوا اية خبرة و لا كفاءة مهنية او علمية و حتى لم يشارك اي فرد منهم في اية بطولة رياضية ، كان الاعب او الفريق يعاقب باشد العقوبات عند اخفاقة او خسارته ويمكن تسمية هذه الحقبة من عمر الرياضة العراقية بزمن ” الرعب والخوف ” وبعد التغيير تكرر نفس المشهد وباسلوب اخر فانتقلت زمام الرياضة الى جماعات لم ياتو ا من اجل انقاذ الرياضة العراقية من مشاكلها و همومها و لم يكن في اهدافهم الارتقاء بالنتائج و الارقام القياسية بقدر اهتمامهم للحصول على مكاسب مادية و سفرات سياحية و الاحتفاظ على المناصب و باي ثمن .. و قد استخدموا مليشيات و عصابات لتخويف و خطف المسؤولين و الادريين و المدربين و اللاعبين و حتى وصلت الامور الى قتل كل من يقف ضد مصالحهم الشخصية او يشكل خطرا عليها … و نتيجة لهذا الوضع السيء هرب كثير من العلماء و الخبراء و غيرهم الى خارج العراق خوفا على انفسهم و عوائلهم و هناك شواهد و ادلة حقيقية على هذه الافعال الاجرامية وعلى سبيل المثال : اختطاف رئيس اللجنة الاولمبية ” احمد الحجية ” و الدكتور عامر عبد الجبار ” الامين العام للجنة الاولمبية ” و هديب مجهول و غيرهم من المسؤولين و المدربين و الرياضين و لا يعرف مصيرهم الى الوقت الحاضر .. ..
ثالثا – التبريرات الكاذبة : التي تصدر من المسؤولين في القيادات الرياضية عن اسباب فشل ابطالنا و فرقنا في البطولات و المسابقات العربية و الاسيوية و الاولمبية ” ويرمون فشلهم على ” اللاعب و المدرب ” فيقولون ” بان الخسارة و الفشل يعود الى ضعف الرياضيين انفسهم و عدم قدرتهم للفوز و تحقيق ارقام قياسية و يرمون باللوم و المسؤولية ايضا على مدربيهم ” .. ان مثل هذه التبريرات تتكرر و بشكل دائم بعد كل بطولة عربية او آسيوية او دورة اولمبية و هي بالطبع مرفوضة وباطلة لانه من غير المعقول ان يقبل و يرضى البطل الرياضي على نفسه ” او ” الفريق الرياضي ” او المدرب بالخسارة بل العكس يبذل كل طاقاته للفوز و تسجيل الارقام الجديدة .. اذن اين تكمن المشكلة يا ترى ؟ خاصة اذا علمنا انها لا تتعلق لا بالبطل الرياضي و لا حتى بالمدرب في اكثر الحالات ، و السؤال الذي يطرح نفسه : ما اسباب فشل ابطالنا و فرقنا الرياضية و عجزهم احراز اوسمة اولمبية منذ اول مشاركة في لندن دورة 1948 والى دورة ريو 2016 في البرازيل سوى وسام برونزي واحد في رفع الاثقال من خلال الرباع عبد الواحد عزيز في دورة روما 1960 ؟ .. في راينا هناك عوامل اخرى مهمة تقف حاجزا منيعا امام عجلة التطور الرياضي منها . :
رابعا – الصراعات و العداوات : داخل القيادات الرياضية بدءا بوزارة الشباب و الرياضة واللجنة الاولمبية العراقية الوطنية ، مرورا بالاتحادات و الاندية االرياضية و غيرها من المؤسسات الرياضية الاخرى .. و في اعتقادنا ان جوهر الخلافات و الصراعات بين تلك المؤسسات القيادية حول المكاسب الشخصية .. وفي كثير من الحالات وصلت الى حد التهديد بالقتل .. وكما ذكرنا انفا .. وتبرز هنا واضحا السيطرة التامة للطارئين والدخلاء من الحزبيين و السياسين و غيرهم على هذة المؤسسات الرياضية الحيوية ، فهؤلاء باقون في مناصبهم و مسيطرون على كل شيء ليس حبا بالرياضة العراقية و سمعتها .. و نجحوا في ابعاد الخبراء و العقول العلمية الرياضية و محاربتهم بشتى الوسائل .. و اصبحت الرياضة تدار بعقول ” عنصرية – طائفية – مذهبية ” مشبعة بروح العدوانية و التفرقة و الكراهية وبعيدة تمام البعد عن الروح الرياضية العالية .. مما سبب تدهورا وخرابا و ركودا و تراجعا في كافة الالعاب الرياضية . .
خامسا – القاعدة الرياضية : اين هي ؟ لماذا اصبحت غائبة بل معدومة في كافة مدارس العراق ؟ أبتدءا بالمرحلة الابتدائية و المتوسطة و الثانوية ولجميع الالعاب الفردية و الفرقية .. وما سبب حذف ” درس التربية الرياضية ” من جدول الدروس او يكتب في الجدول و يدرس بدلها دروس علمية ؟ ويمكن القول غياب ” البيئة المناسبة للرياضة في مدارسنا و للاسباب التالية : 1 – عدم وجود ساحات و ملاعب و مسابح و صالات مغلقة و مكيفة لممارسة الرياضة – سيما في ظروف جو العراق ” حار شديد صيفا و بارد قارص شتاءا 2 – خلو المدارس من التجهيزات الرياضية الحديثة ” وحتى القديمة لا تفيد الرياضة .. 3 – افتقار المدارس الى معلمين ذوي الخبرة الرياضية العالية .. 4 – افتقار المدارس الى مدربين و مدربات باختصاصات مختلفة .. 5 – الغاء الاستعراضات الرياضية و المسابقات و البطولات المدرسية داخل المدارس و بين المحافظات ولعموم العراق .. 6 – المشكلة تزداد عمقا و ثقلا عند الحديث عن “الرياضة الجامعية ” فالمصيبة اكبر بكثير ….لان الطلبة محرومين تماما من ممارسة الرياضة في المعاهد و الكليات و الجامعات العراقية و لنفس الاسباب المذكور انفا . . .
سادسا – الاندية الرياضية : كانت لها مكانة مرموقة و سمعة عالية وجمهور واسع في فترة الستينيات و السبعينيات .و كانت عبارة عن مصانع للابطال وفي تخصصات رياضية مختلفة .. ” رغم قلة مواردها و دعمها المادي آنذاك ” و قدمت نجاحات وانجازات كبيرة عربيا و اسيويا و حتى دوليا .. ولكن في فترة ” نظام البعث ” اصابها الركود ودخلت في غيبوبة و سبات عميق بسبب استخدامها لاغراض حزبية و سياسية بدلا من الرياضة .. لذا انحرفت الاندية الرياضية عن دورها الاساس فأخذت تتراجع للوراء يوما بعد يوم .. و لا تزال اغلب الاندية الرياضية تعاني من قلة الدعم المادي و نقص المنشآت الرياضية و الاجهزة و الادوات الرياضية فضلا عن استغلالها ايضا لامور غير رياضية ” حزبية و سياسية ” كما في السابق . .
سابعا المواهب الرياضية : وكما يقول المثل ” خذوهم صغارا ” المواهب الرياضية المدرسية هم العمود الفقري والنواة الاساسية لبناء و توسيع القاعدة الرياضية .. ومع الاسف لا يوجد في عموم مدآرسنا ” مراكز تدريبية ” ولا تتوفر ساحات و ملاعب و مدربين لكشف المواهب الصغيره من الجنسين و صقلهم و تدريبهم و وضع خطط و برامج تتناسب مع اعمارهم و قدراتهم ..كما لا توجد سباقات و بطولات مدرسية منتظمة و لا توجد رعاية صحية و طبية و غذائية .. وبشكل عام لا تهتم المدارس العراقية بالجوانب الصحية و الاجتماعية و النفسية للتلامذة و الطلبة . .
– يتبع –

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here