ابراهيم الدقاق .. مناضلًا ومثقفًا ومتأدبًا

ابراهيم الدقاق .. مناضلًا ومثقفًا ومتأدبًا

بقلم : شاكر فريد حسن

ابراهيم الدقاق، الذي تصادف ذكرى وفاته في حزيران المشؤوم، هو شخصية مقدسية وطنية واعتبارية وقيادية نضالية. كان من قيادات العمل الوطني الفلسطيني بعد الاحتلال، ومن مؤسسي الجبهة الوطنية الفلسطينية التي حملت أعباء العمل السياسي الجماهيري الفلسطيني في السبعينيات مع مجموعة من الشخصيات الوطنية البارزة كحيدر عبد الشافي وبسام الشكعة وكريم خلف وبشير البرغوثي ووحيد الحمد اللـه وسميحة خليل واحمد حمزة النتشة وسواهم.

أشغل الدقاق سكرتير لجنة التوجيه الوطني الفلسطيني في الأرض المحتلة، ونقيب المهندسين في الضفة الغربية، وساهم في تأسيس الكثير من مؤسسات المجتمع المدني كمجلس التعليم العالي والملتقى الفكري العربي، وكان المدير المؤسس لمشفى المقاصد الخيرية في القدس، وتولى مهمة اعمار المسجد الأقصى بعد إحراقه، وهو من الذين ساهموا وعملوا على إطلاق المبادرة الوطنية الفلسطينية مع المرحومين حيدر عبد الشافي وادوار سعيد والدكتور مصطفى البرغوثي أطال اللـه بعمره.

واتصف ابراهيم الدقاق بصلابة مواقفه واستقامته ونظافة يديه ونقاء فكره، وعرف بمبدئيته ودفاعه عن الحقوق الديمقراطية والحريات وفي تطوير برامج التنمية المقاومة والصمود في شتى المجالات. عاش حياته متواضعًا مكافحًا بشرف، لم يلهث وراء المال والمصالح والمكاسب الشخصية ولم تغره المناصب، ولم يكن بحاجة لها. فكان مدرسة فكرية نضالية حقيقية ترسخ دورها عبر تأسيس وتطوير منظمات المجتمع المدني الفلسطيني.

تمتع الدقاق بوعي سياسي وفكري ثاقب، وتسلح بثقافة تقدمية طليعية مستنيرة، كان مثقفًا عضويًا نقديًا مشتبكًا، ومساهمًا فاعلًا في الانشطة الوطنية والثقافية والأدبية والفعاليات السياسية المناهضة للاحتلال. وعندما انعقد المهرجان الأدبي الفلسطيني في القدس إبان معركة بيروت العام 1982 ارتفع صوت ابراهيم الدقائق قائلًا : ” الصوت الفلسطيني من خلف حصار بيروت يعلن انه حمل الرسالة وأضاء الطريق. وصراع الكلمات في الأوزاعي وبرج البراجنة وصيدا وشاتيلا يحقق اصابات : ما ت نيتشت وعاش الانسان الفلسطيني ليردد ” الحق قوة “. دمنا البيروتي يلتقي بنهر الدم الذي تفجر في دير ياسين وقبية وكفر قاسم ويوم الأرض، ويعمد طريق الخلاص. الحرف يدخل المعركة ويجند نفسه أبجدية كاملة للتصدي، والكلمات تخرج من بطن الكتب وترتدي ملابس الميدان. أنتم جنود الكلمة. وانتم امناء الابجدية تعلمون ان الابجدية لم تهزم في ساحة الرايخستاغ ولا امام مكتبة ليننغراد ولا على درج الكونغرس الامريكي! فلماذا يريدونها ان تهزم امام مبنى جامعة بيروت العربية؟. لن تهزم الابجدية ولن يهزم الانسان “.

كان ابراهيم الدقاق يهوى الأدب والقراءة والكتابة السردية القصصية. وهو كاتب واقعي، كتب ونشر العديد من القصص في الصحافة الوطنية الفلسطينية وفي مجلة ” الجديد ” الثقافية الفكرية المحتجبة. وتميزت قصصه بواقعيتها وطوابعها الوطنية والتزامها بالهم الوطني السياسي الفلسطيني، وقضايا الإنسان المسحوق الكادح، واستمد موضوعاتها من صميم الواقع الحياتي المعيش في ظل الاحتلال البغيض.

وفي هذه القصص يرتفع الدقاق إلى مستوى القضية الوطنية – الطبقية، ويحاول تصوير المعاناة في ظل القهر والعسف والبطش اليومي الذي يتعرض له الانسان الفلسطيني، وتسجيل تاريخ شعب في صموده ومقاومته وتصديه للمحتل والخلاص منه، وفيها يتكئ على لغة أدبية وصياغات جميلة متقنة وجمل وعبارات مكثفة موحية بعيدًا عن الترهل السردي، وزج القارئ في عمق الحدث المتنامي والتعايش معه وفي الحوار المقتضب الذي يساعد في بلورة الشخصيات.

في ذكراك يا ابراهيم الدقاق سلامًا لروحك، وكم نحتاجك في هذه الأيام العصيبة والمرحلة الاستثنائية التي يعيشها شعبنا في الوطن المحتل. نم هانئًا وارقد بسلام يا عاشق الوطن والتراب. وكم كنا نأمل وننشد أن يبادر رفاق دربك واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين تجميع قصصك وكتاباتك في صحف ومجلات الوطن واصدارها في كتاب يحفظ ارثك واسمك، وتقديمها للأجيال الفلسطينية الجديدة والقادمة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here