( الاستقطاعات ) سرطان جديد في جسد الموظف العراقي

( الاستقطاعات )
سرطان جديد في جسد الموظف العراقي
د . خالد القرة غولي ..
أعلى درجات الفساد في أي بلد مهما كان فقيرا أن تلجأ حكومته إلى حلول تؤثر على قوت المواطن اليومي خاصة رواتب الموظفين والمتقاعدين.. وفي العراق وفي ظل حكومة تغرق مؤسساتها بالفساد لم تجد حلا لمشاكلها المالية سوى استقطاع نسب من رواتب الموظفين والمتقاعدين ..
العراق يصدر أكثر من أربعة ملايين برميل من النفط يوميا بمتوسط سنوي تم تثبيته بسعر 40 دولارا للبرميل الواحد في ميزانية عام 2019 أي بوارد سنوي مقداره أكثر من ثمانية وخمسين مليار دولار وبما يعادل أكثر من مئة وعشرين مليون دينار عراقي ! وعلى وفق الإحصاءات المقدمة لصندوق النقد الدولي فإن للعراق موارد مالية أخرى تجاوزت في عام 2015 أكثر من خمسة عشر مليار دولار كان معظمها يعتمد على السياحة الدينية والتبادل التجاري والضرائب الداخلية والرسوم الكمركية والمتغيرات الروتينية في أسعار النفط وهي في مجملها تتجاوز الأربعين دولاراً .. تضاف هذه المبالغ إلى الاستقطاعات الثابتة والنسب المستوفاة من الأرباح والقروض والسلف والجبايات والموارد الأخرى .. في العراق ونتيجة لتحكم إمبراطورية كاملة من الطغاة الفاسدين على اللجان المالية في مجلس النواب ومستشاري الرئاسات الثلاث الماليين وبعض المرجعيات السياسية التي أنهكت العراقيين بغبائها .. فإنهم لم يجدوا حلا لمشاكل العراق وأزماته غير اللجوء إلى رواتب الموظفين في كل ميزانية وبحجج عجيبة جميعها كاذبة .. في بداية ما يسمى بالأزمة الاقتصادية تم استقطاع نسبة من الرواتب بحجة التقشف تلتها استقطاعات أخرى للحشد الشعبي والنازحين .. الأمر الأهم أن هذه الاستقطاعات ما تلبث أن تدخل في معاجم الفاسدين حتى يخرج لك حوت من الحكومة يبكي بعد فوات الأوان ويعلن أن رواتب الحشد الشعبي لم تصل إليه ولم توزع الأموال المخصصة للنازحين لأنها سرقت من هذا الفاسد في رأس السلطة أو ذاك! وتبدأ العودة مرة أخرى إلى رواتب الموظفين لتحديد نسب من استقطاع جديد وكأن الموظفين والمتقاعدين يعملون تحت قبة وبيوت هؤلاء ! رواتب الموظفين خطوط حمر تستند وتعتمد على أسس دستورية وقواعد وقوانين ثابتة لا يمكن لأحد في السلطتين التشريعية والتنفيذية أن يتلاعب بها على مزاجه وما تم استقطاعه من الرواتب لعبة سياسية وثغرة كبيرة لفساد اقترحه متلاعبون بمصير أكثر من عشرة ملايين موظف وعوائلهم المنتظرة الخبز الحلال كل شهر.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here