الاسوود لا تبتسم وشرُ البلية ما يُضحك, توصسيفان لظاهرة غريبة وآلية بايولوجية واحدة, صارت الان معروفة

الاسوود لا تبتسم وشرُ البلية ما يُضحك, توصسيفان لظاهرة غريبة وآلية بايولوجية واحدة, صارت الان معروفة:
د. عبد الحميد العباسي
—————-
نشرتُ المقالة في مجلة RF. Roy.Soci. Med. احدى اصدارات الجمعية الملكية للطب- لندن بعنوان *الاسوود لا تبتسم* وفي موقع*صوت العراق* بمناسبة ترك د. عادل عبدالمهدي موقع نائب رئيس الجمهورية وهجرته الى الاقليم وذلك تحت عنوان *شر البلية ما يضحك* وانشرها بتطوير اقتضته المستجدات. يُذكر تعبير شرُّ البلية ما يُضحك, على الحالة التي لا يبدوا فيها على تعابير الوجه اوتقاطيعه من امارات الحزن والامتعاض او الغضب أو البكاء والنحيب وما شاكل, مما يناغم, عادة حدثا مؤلما او فاجعة او كارثة, بل العكس قد لا يبدوا عليه شيء مما ذكرت وقد تبدوا على الوجه الابتسامة او قد ينفجر ضاحكاً, هذا ما يبدو على الوجه أما ما يُحَسُّ به فهو مختلف, فقد يعاني ذلك المرء من الحزن والالم اقساه ومن الغضب ذروته. ومع هذا لايبدوا على الوجه من هذا شيء. لم تَفُت العرب هذه الظاهرة ولا فاتهم التحسب الى سبب حدوثها, فقالوا: *إذا بلغ الشيء حدَّه إنقلب الى ضده* وهذا بالضبط ما خَلُصَت اليه
مجلة Science 1225/2012 عندما ذكرت ان مناطق معينة من الدماغ (Insula, Striatum, amygdale تنشط اثناء الانفعال, انشراح كان أو اكتئاب مشيرة الى عضلات الوجه بهذا الاتجاه او ذاك بيد انه في حالة الانفعال الشديد قد يحصل خلط وتصل الوجه اشارات عكس ما يَحِسُّه الفرد, كمَن يصل قمة التل وعندها ليس هناك ما يمنع تدحرجه الى الجانب الآخر, الا ان هذه الحال لا تستمر طويلا اذ سرعان ما تعود تعابير الوجه لتعكسَ حقيقة المشاعر. والعرب حذروا ايضا من لحظة الخلط هذه والانخداع بالمظاهر, فقالوا *إذا رأيت نيوبَ الليث بارزةً + فلا تظنن ان الليث يبتسم* وصَوَّر المتنبي هذه الظاهرة ابدع تصوير, حين قال مخاطبا سيف الدولة, * تَمُرُّ بك الابطال كَلمى هزيمة + ووجهك وضَّاحٌ وثغرُك باسمُ*. في مشهد المعركة المرعب والابطال صرعى والدماء تسيل وسيف الدولة قد لَفَّتهُ سَورَةُ غضبٍ عارم ومع ذلك لم يَبدُ على محياه شيء من هذا الغضب ولا الحسرة على مَن راح, بل العكس كانت أساريرُه مُنبسطةً وثغرُه باسماً. وقيل ان سيف الدولة قال للمتنبي لو جاء في البيت اياه *وقفت وما في الموت شكٌ لواقف…*, لكان اصوب وهذا يدلنا عل ان سيف الدولة كان في قلب المعركة يصافح الموت أنّى لَزَم. كانت الدولة الحمدانية هي الامارة العربية من بين ما تشضت اليه الخلافة العباسية وكانت هي الامارة التي بقيت تقارع الروم في تلك الازمنة. ظاهرة التناقض بين ما يبدوا على الوجه من انشراح وحبور وبين ما تعانيه النفس من آلام, هذه الظاهرة قد تكون وراء ما سُمع مِن ان مَن اعدمهم صدام ومن اعدمهم ستالِن, انهم كانوا يَهتفون باسماء مَن برصاصهم يٌعدَمون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here