قوى سياسية منقسمة حول عودة السياسيين المطلوبين إلى العراق

وجهت أطراف شيعية متعددة اتهامات إلى رئيس الجمهورية برهم صالح بأنه وراء عودة وزير المالية الأسبق رافع العيساوي إلى بغداد. وتحدثوا عن “صفقة سياسية” لا تقف عند العيساوي بل تحضر لإعادة عدد من الشخصيات السياسية المدانة والمطلوبة للقضاء إلى بغداد.

بالمقابل رد تحالف القوى العراقية الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي على الاتهامات. وقال ان الجهود السياسية الرامية لإعادة عدد من الشخصيات إلى الساحة السياسية مجددا تأتي انسجاما مع توجهات رئيس الجمهورية الرامية للبدء في حوار وطني. واشارت إلى ان الطريق بات مفتوحا امام من يرغب بالمثول امام القضاء للنظر في التهم التي وجهت له في وقت سابق.

ويقول بهاء الدين النوري، المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون في تصريح لـ(المدى) ان “عودة وزير المالية الأسبق رافع العيساوي إلى بغداد أتت وفق صفقة سياسية يقف وراءها رئيس الجمهورية برهم صالح”، مبينا أن كتلته “ترفض هذه المساعي التي تحضر لإعادة شخصيات سياسية عديدة مطلوبة ومدانة من قبل القضاء”.

وفي السادس عشر من شهر حزيران الجاري أعلن مجلس القضاء الأعلى عن توقيف وزير المالية الأسبق رافع العيساوي بعد تسليم نفسه استنادا لأحكام قانون مكافحة الإرهاب لإجراء التحقيق معه عن الجرائم المتهم بها، مضيفًا أن المتهم المذكور سبق وأن صدرت بحقه أحكام غيابية بالسجن عن جرائم فساد إداري عندما كان يشغل منصب وزير المالية.

ويضيف المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون، أن “هناك معلومات شبه مؤكدة وصلت إلينا تشير إلى أن رئيس الجمهورية جزء من هذه الصفقات السياسية”، لافتا إلى أن “كتلة ائتلاف دولة القانون ستتابع عملية التحقيقات الجديدة التي سيقوم بها القضاء”. ومنذ عدة أشهر بدأ الحديث عن مساعٍ يقودها رئيس الجمهورية برهم صالح لتسوية الملفات الخلافية عبر تبنيه فكرة إجراء حوار وطني لمعالجة الأوضاع الراهنة والمضي قدما باتجاه خطوات فعالة لتعزيز الإصلاح.

ويقول النائب عن محافظة ميسان إن “القانون العراقي لا يجيز إعادة التحقيق مع مدان صدرت بحقه أحكام قضائية سابقا إلا بترتيب سياسي معين”، مطالبا “الكتل والجهات السياسية بعدم التدخل في الشأن القضائي”.

وكان بيان القضاء قد أوضح انه “سبق ان صدرت بحق العيساوي احكام غيابية بالسجن عن جرائم فساد اداري عندما كان يشغل منصب وزير المالية وان هذه الاحكام في حال الاعتراض عليها سوف تعاد محاكمته عنها حسب احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تجيز للمحكوم غيابيا بالسجن الاعتراض على الحكم ومحاكمته مجددا حضوريا وفق القانون”. ويوضح المختص بالشأن القانوني طارق حرب في تصريح إن المحكومين بالسجن مدة تزيد على 5 سنوات غيابيًا، كحالة السيد رافع العيساوي، منحهم قانون أصول المحاكمات الجزائية (الرقم 23 لسنة 1971) النافذ حاليًا، امتيازًا قانونيًا يتمثل بوجوب إعادة محاكمتهم مجددًا عند تسليم أنفسهم أو القبض عليهم بصرف النظر عن الحكم السابق الذي يعتبر من الوجه القانوني (ملغيًا) طالما تم التسليم أو القبض”.

وأضاف حرب أن “هنالك فرقًا بين أن يكون المحكوم حاضرًا للمحكمة، والذي يمكن وقتها أن يدافع عن نفسه، وبين أن يكون غائبًا عن المحكمة، ووقتها تصدر الأخيرة حكمها وفق ما متوفر لها من أدلة”، لافتًا إلى أنه “في حال تقديم المحكوم غيابيًا أدلة تثبت براءته، فذلك قد ينجيه من الحكم الصادر غيابيًا بحقه”. وقبل سنوات، أدت محاولات اعتقال العيساوي، وزير المالية ونائب رئيس الوزراء في حكومتي نوري المالكي، إلى انطلاق احتجاجات في مسقط رأسه محافظة الأنبار، بدأت بأفراد من عشيرته وتوسعت لتتجاوز الأنبار إلى محافظات نينوى وصلاح الدين.

واتهم العيساوي وقتها رئيس الوزراء نوري المالكي بـ”الديكتاتورية وعدم احترام القانون وإرسال ميليشيات” لاعتقاله. لكن المالكي واجهه باتهامات بدعم الإرهاب، وعرضت اعترافات لـ”عناصر من حماية العيساوي” قيل إنهم متورطون بدعم داعش، فيما أدانه القضاء بتهم فساد. واصدرت محكمة الجنايات في 2016 حكمًا غيابيًا بالسجن سبع سنوات بحق العيساوي والمتهمين معه بالسجن سبع سنوات على إحدى القضايا التي أحالتها هيئة النزاهة. ويؤكد النائب النوري أن “الصفقة السياسية ستشمل عودة علي حاتم السلمان، وطارق الهاشمي، ورافع العيساوي، واثيل النجيفي واحمد العلواني وعدد من الشخصيات السياسية الأخرى”، مشيرا إلى أن “هذه الصفقة لن تمرر بوجود القضاء العراقي والقوى السياسية التي ستتابع الملف”. ويلفت المتحدث باسم دولة القانون إلى أنه “في حال اضطرارنا سنلجأ إلى الشارع العراقي للاحتجاج على عودة هذه الشخصيات مرة أخرى للساحة السياسية”، متوقعا “حصول ضغط سياسي داخلي وخارجي على القضاء لتمرير هذه الصفقة لكن القضاء سيرفض”. ودعا زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الاربعاء الماضي، القضاء إلى الابتعاد عن التسييس وعدم الخضوع لأي ضغوط سياسية. وقال المالكي في تغريدة إنه “يجب أن يلتزم القضاء العراقي بمهنيته المعهودة والتزامه البعيد عن التسييس، وأن لا يخضع لأي ضغوط سياسية، اذا حاول البعض ممارستها عليه من خلال صفقات سياسية مرفوضة يتحمل القضاء تبعاتها”. وكتب نائب رئيس الجمهورية الأسبق طارق الهاشمي المدان بأحكام قضائية، في صفحته على الفيسبوك أن “الأخ رافع العيساوي يمثل للقضاء بمحض إرادته، للإجابة عن تهم عديدة، الكل مقتنع أنه بريء منها، المهم أن يحظى بالتقاضي العادل وفق الدستور، ويستعيد وضعه الطبيعي ليواصل خدمة وطنه وهو بحاجة. ويسألونك عن الاستقرار؛ فقل يتحقق بالعدالة وحكم القانون”.

بدوره، يقول عامر الفايز، النائب المستقل في مجلس النواب ان “هناك احتمالية وجود صفقة سياسية ساهمت بعودة رافع العيساوي إلى بغداد ومثوله أمام القضاء”، داعيا القضاء الى “اخذ دوره المهني والمحايد عند مراجعة ملفات المتهمين”.

ويضيف الفايز في تصريح لـ(المدى) أن “عودة العيساوي إلى بغداد واستعداد طارق الهاشمي واثيل النجيفي وعلي حاتم السليمان للمثول امام القضاء لم تأت ألا عن طريق صفقة سياسية”، مؤكدا ان “الصفقة ستشمل هؤلاء الأربعة لإعادة محاكمتهم”.

وهاجمت أطراف شيعية أخرى عودة العيساوي إلى البلاد. ودعت الى إجراء التحقيق معه عن تهم سابقة بحقه.

وقال عضو مجلس النواب عن كتلة صادقون النيابية، حسن سالم في تغريدة على (تويتر): إنه “اذا تمت تبرئة رافع العيساوي، فهذا يعني ان المقبور صدام لو كان حيًا وسلم نفسه اليوم لأصبح مظلومًا ويبرأ من جرائمه”.

من جهته اكد القيادي في جبهة الانقاذ والتنمية اثيل النجيفي، ان قضيته “قد تحل بعد رافع العيساوي”. وقال النجيفي في تصريح صحفي “كنا متابعين لقضية رافع العيساوي، واعتقد موضوعي قريب جدا بعد العيساوي”.

من جهته، يرى يحيى المحمدي، النائب عن كتلة تحالف القوى أن “الخلافات السياسية هي من أدت إلى تعرض رافع العيساوي لمشاكل قانونية”، مبينا أن “توجه العيساوي إلى القضاء هدفه تبرئة نفسه من التهم الموجهة إليه”.

ويبين المحمدي في تصريح لـ(المدى) أن “الطريق بات مفتوحا لكل من يرغب بالمثول أمام القضاء لتبرئة نفسه عن كل التهم الموجهة إليه”، مؤكدا “وجود جهود سياسية ساهمت في حلحلة هذه الملفات كون أن الاستهداف كان سياسيا”. ويضيف عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب أن “الجهود السياسية التي تدفع لإعادة عدد من الشخصيات إلى الساحة السياسية تصب في مصلحة الأفكار والاطروحات التي يتبناها رئيس الجمهورية الذي دعا إلى حوار وطني”.

وعد رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي في تغريدة، أن “القضاء العادل ملجأ المواطن بوجه انحراف السلطة، وإنصاف المظلوم وحماية المجتمع شرف ومسؤولية، والدولة العادلة ضرورية لمجتمع ناجح آمن، وثقتنا كبيرة بالقضاء العراقي في معالجة الظلم الذي وقع على الأخ رافع العيساوي وتوجيه رسالة إيجابية للمؤمنين بوطنهم ولحمته واستقراره”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here