ثورة العشرين وتداعياتها في القرن العشرين!!

ثورة العشرين وتداعياتها في القرن العشرين!!
نعيش الذكرى المئوية لثورة العشرين التي إنطلقت في مدينة الرميثة العراقية , الأصيلة الكفاح والنضال والإصرار على العزة والكرامة الإنسانية والوطنية.
وقصة الثورة معروفة وكُتبَ عنها الكثير من الكتب والمقالات , ومجّدتها القصائد والإبداعات العراقية الأخرى , وسأقترب منها من زاوية مغايرة , فلهذه الثورة تداعياتها ونتائجها التي قبضت على مصير القرن العشرين , ولا تزال فاعلة في واقع المنطقة منذ ذلك الحين.
فالثورة تسببت بخسائر فادحة للقوات البريطانية وكلفت ميزانيتها ما لا تستطيعه من الأموال , فتصدى للموقف الصعب وزير المستعمرات البريطاني آنذاك ووستن تشرتشل , فاستدعى قادة الإنتداب البريطاني في المنطقة لحضور مؤتمر القاهرة , في فندق سميراميس , وإستمر لمدة إسبوعين متواصلين بالنشاط (12\3 – 23\3\1921) , لتدارس موقف المستعمرات البريطانية والوصول إلى آليات أقل كلفة وخسارة من الإحتلال المباشر, وقد شارك في مؤتمر القاهرة من العراق جعفر العسكري وحسقيل ساسون.
وبسبب المناداة بإنهاء الإنتداب الذي عَصفت في الواقع الإعلامي البريطاني آنذاك , لخسائر ثورة العشرين الفادحة , تقرر التفاعل بأساليب أخرى تضمن مصالح الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.
فبقيت سوريا ولبنان تحت الإدارة الفرنسية , وتواصل الإنتداب البريطاني على فلسطين , وأصبح فيصل الأول ملكا على العراق , والحسين شريف مكة بقيَ ملكا على الحجاز , وتولى عبدالعزيز بن سعود حكم نجد. وأعطيت إمارة شرقي الأردن لعبداللة بن الحسين. وخُوِّلَ السير برسي كوكس بإتخاذ ما يراه مناسبا بشأن العراق.
وبموجب مقررات هذا المؤتمر تشكّل المجلس التأسيسي لمملكة العراق بعضوية نوري السعيد , رشيد عالي الكيلاني , جعفر العسكري , ياسين الهاشمي وعبد الوهاب النعيمي , وانتخب السيد عبد الرحمن النقيب رئيسا للوزراء , والذي نادى بالأمير فيصل الأول ملكا على عرش العراق في (11\7\1921) , وتم تتويجه في 23\8\1923.
فوضعَ الدستور وأنشأ مجلس الأمة , ونظّم العلاقة بين العراق وبريطانيا وفقا لمعاهدات , وقام بإصلاحات ومشروعات عديدة.
فمؤتمر القاهرة في جوهر فكرته الإجابة على سؤال كيف ندير مستعمراتنا بأقل الخسائر , والجواب الواضح أن ننصب عليها حكومات منها تعمل لصالحنا , وكانت هذه الفكرة جذابة ومغرية وقليلة التكاليف , بل مربحة وتساهم في تنمية الإقتصاد وتعافيه من الأزمات.
ومنذ ذلك الحين تأسست حكومات في المنطقة تخدم مصالح القوى الطامعة فيها , ولا يجوز لحكومة أن تعمل لصالح البلد ومواطنيه , وأي قائد يبرز معبّرا عن الإرادة الوطنية يتم الفتك به ومحاصرته إعلاميا والنيل منه وتسفيه أحلامه.
وعلى هذا المنوال تجري الألاعيب السياسية , بناءً على ما تمخضت عنه ثورة العشرين من دروس ومعطيات تحققَ توظيفها لصالح الدول المستعمرة للمنطقة , والتي لا تزال تحسبها مستعمراتها , ولكن بتقنيات وآليات معاصرة توهم الآخرين بأنها غير ذلك.
وأوضح مثال ما جرى في العراق منذ تأسيس مملكته وحتى اليوم , فهل وجدتم حكومة عملت لصالح الوطن والمواطنين , ولم تتعرض للنكبات والنكسات والتورط بالعدوان على ذاتها وموضوعها؟
إنها لعبة عمرها مئة سنة وستتواصل لمئة أخرى , مادام في المنطقة مَن تسوّغ لهم أنفسهم تأدية وظيفة الدمية والمَطية لإرادة الآخرين!!
وهل تصدقون أن تشرتشل لا يزال فاعلا فينا؟!!
ومَن لديه دليل على أن الدول العربية ذات سيادة تامة عليه أن يأتي به؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here