هل أثّرت أزمة كورونا على تجارة المخدرات في العراق

دعاء يوسف

أكد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ، عبر تقريره العالمي للمخدرات لعام 2020 عن أن تأثير جائحة كوفيد-19 على أسواق المخدرات غير معروف تماماً حتى الآن، إلاّ أن القيود الحدودية والقيود الأخرى المرتبطة بالتصدي لها، تسببت بنقص فعلي في المخدرات في الشوارع، مما أدى إلى زيادة الأسعار وانخفاض في درجة النقاء.

وجاء في التقرير “نتيجة للتداعيات الناتجة عن كوفيد-19، قد يضطر المتاجرون إلى إيجاد طرق وأساليب جديدة، وتزداد أنشطة التهريب عبر الشبكة المظلمة والشحنات عبر البريد، على الرغم من تعطل سلسلة التوريد البريدية الدولية”.

وأشار إلى أن الوباء “تسبب في نقص المواد الأفيونية مما قد يؤدي إلى بحث الأشخاص عن المواد المتاحة بسهولة أكبر مثل الكحول أو البنزوديازيبينات أو الخلط بالعقاقير الاصطناعية. وقد تظهر أنماط استخدام أكثر ضرراً مع تحول بعض المستخدمين إلى الحقن، أو الحقن بشكل متكرر”.

صناعة المخدرات وتجارتها

من جهته، حذّر الخبير القانوني ياسر حميد من أن ارتفاع معدلات البطالة بسبب فايروس كورونا قد يدفع بالكثيرين لتعاطي المخدرات أو العمل في توزيعها.

يقول “من شبه المؤكد أن تجار المخدرات الآن يعانون بسبب صعوبة توزيعها. وهذا قد يدفعهم للبحث عن منافذ جديدة وموزعين، خاصة أن صناعة المخدرات شائعة في البلاد”.

وكان القضاء العراقي أكد في وقت سابق وجود تجار يسعون لنقل تجربة صناعة مادة الكريستال واستحداث مصانع لهذا الشأن بعضها قيد الإنشاء في العراق.

يضيف حميد “عندما تنعدم فرص العمل يبدأ العاطل باستغلال الفرصة والانخراط بسوق المخدرات للحصول على بعض المال، كما سيضطر المدمن إلى المقايضة بأي شيء أو الاقتراض ودفع ضعف الثمن مقابل منحه المخدرات”.

وأصدر القضاء العراقي تقريراً أشار فيه إلى “تزايد خطير” في ظاهرة تعاطي المخدرات لاسيما النوع الذي يطلق عليه اسم الكريستال، خاصة في صفوف شبان الأحياء الفقيرة، إذ بلغت المعدلات في الرصافة وحدها نحو 50 قضية خلال اليوم الواحد.

وتعليقاً على ذلك، يقول حميد “هذه المعدلات كانت قبل تفشي الوباء، ولكنها في تزايد الآن، لأن عملية صناعة المخدرات وتجارتها في أزمة كورونا تحتاج لمتعاطين جدد، لتلقي الأموال التي تتفاوت عادة بحسب جودة المخدرات”.

قانونياً

وفق قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد على ثلاث سنوات. وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من أستورد أو أنتج أوصنّع أو حاز أو أحرز أو اشترى مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو زرع نباتاً من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو أشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي”.

وكذلك عاقبت المادة (33) من القانون نفسه بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار كل من سمح للغير بتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية في أي مكان عائد له ولو كان بدون مقابل

كما نصت المادة (288) من القانون نفسه على “عقوبة السجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد على ثلاثين مليون كل من أدار أو أعد أو هيأ مكاناً لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية ومن أغوى حدثاً وشجع زوجه أو أحد أقربائه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية وللمحكمة بدلاً من أن تفرض العقوبة أن تلزم من تعاطى المواد المخدرة بمراجعة عيادة نفسية تنشأ لهذا الغرض لمساعدته على التخلص من عادة تعاطي المخدرات”.

في هذا السياق، يقول المحامي ناظم كريم إن “صناعة المخدرات وتجارتها واسعة في البلاد وخاصة في الوسط والجنوب.

ويضيف “عصابات المخدرات في البلاد لديها خبرة ومسلحة وربّما تتلقى الدعم حتى من شخصيات متنفذة، لذا ليس من السهولة السيطرة عليها”.

ويتابع كريم أن “الفساد المستشري في البلاد كان له الدور الكبير في تنامي هذه صناعة وتجارة وتعاطي، لأن الرشاوى والمحسوبية من ضمن أنشطة هذه العصابات”.

“خشية الفضيحة”

ويعد مخدر الكريستال من أكثر أنواع المخدرات رواجاً في البلاد، فبعد أن كان العراق ممراً للمخدرات إلى الدول المجاورة بات الآن من أكثر دول المنطقة استهلاكا لهذا النوع من المخدرات، حسب مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية.

ونشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية في منتصف آب 2019، تقريراً أشارت فيه إلى أن محافظة البصرة أقصى الجنوب العراقي أصبحت مركزاً لمرور المخدرات من إيران لا سيما الكريستال، وأكدت أن سجون المدينة تكتظ بالمدمنين ومهربي المخدرات من التجار الصغار وأفراد العصابات.

تقول الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي إن “تعاطي المخدرات يبدأ عادة بورطة صغيرة لا تقوى الضحية على مواجهتها خشية الفضيحة”.

وتضيف “لو كان المتعاطي من أسرة غير فقيرة لما تورط لدرجة تهديده باستهداف أفراد أسرته فيما لو حاول الابتعاد عن هذا الطريق”.

وهناك الكثيرون ممن أدمنوا على تعاطي المخدرات ونجحوا في الإقلاع عنها. لكن بمساعدة عوائلهم في ذلك، أما العوائل المفككة فسينتهي الحال بالمتعاطي إلى السجن أو الانتحار، وفق الصالحي.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان كشفت عام 2019، عن تسجيل أكثر من سبعة آلاف محكوم بقضايا المخدرات منهم 125 من الإناث.

وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان، فاضل الغراوي، إن “أغلب أنواع المخدرات التي يتعاطاها المدمنون هي مادة الكريستال بالدرجة الأولى تليها ماده الكبتاغون أو ما يعرف (0-1). والفئات العمرية الأكثر تعاطيا (25-39) سنة تليها (16-25) سنة، ما يعني أنهم جميعاً شباب”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here