عنِ الفايروس والسِّيادة وأَشياءَ أُخرى! [الجُزء الأَوَّل]

لِقنواتِ [زاگروس] [اليَوم] [Extra News] [النُّجباء] [RT] [الحدث نيوز] ولراديو [النَّجف الأَشرف] و [المهاجر]؛
عنِ الفايروس والسِّيادة وأَشياءَ أُخرى!
[الجُزء الأَوَّل]
نـــــــــــــزار حيدر
١/ لا أَعتقدُ أَنَّ عاقلاً ظلَّ مسكوناً بنظريَّة المُؤامرة فيما يخصُّ [فايروس كورونا] إِلى الآن بعد كلِّ الذي لمِستهُ البشريَّة من مُعاناةٍ وعلى مُختلفِ الأَصعدةِ ومن دونِ استثناءٍ!.
لذلك يلزمنا أَن نتعاملَ مع البلاءِ كأَمرٍ واقعٍ فنتعايشَ معهُ بمفهومِ [الوجوب العيني] وليس الكِفائي وعلى مُستويَينِ حتَّى يأذنَ الله تعالى فيرفعَ بلاءهُ المُستطير عن عبادهِ {الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ}؛
*الإِلتزام بالتَّعليمات الصحيَّة، فلا يكفي أَن تلتزمَ بها مجموعةٌ لتسقطَ عن أُخرى، بل يلزم التَّعامل معها بصورةٍ جديَّةٍ من قبلِ كلِّ واحدٍ منَّا بغضِّ النَّظر عن إِلتزام الآخرين بها أَو تهاوُنهم.
*أَخذ العِبرة وإِعادة النَّظر بسلوكيَّاتنا وعلاقاتِنا، فالبلاءُ عندما يعمُّ على وجهِ الخصُوص يشبه كثيراً المَوت، لا ينبغي أَن تعتبِر بهِ مجموعةٌ وتتجاهلهُ أُخرى، بل يلزم الإِعتبار بهِ من قِبل كلِّ واحدٍ منَّا سواءً إِعتبرَ بهِ الآخرُون أَم تجاهلُوا العِبرةَ والدَّرس.
يقولُ تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
٢/ هنالكَ اسلُوبان للتَّعامل معَ مثلِ هذهِ الحالات، الإِلتزم للوقايةِ أَو التَّخويف، وهُما أُسلوبان قُرآنيَّان، فتارةً يحثُّ المُشرِّع عبادهُ للإِلتزام فيستوعبُوا التَّوجيه السَّماوي حتى إِذا كانَ بالإِشارةِ فضلاً عن سَوق قصصِ القرُونِ السَّابقةِ، فيلتزمُوا بهِ ويعتدونَ بهديهِ، وهؤُلاء يقولُ عنهُم ربُّ العزَّة {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ثمَّ يُردفُ قولهُ {وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا} وقولهُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ}.
أَمَّا الذين لا يكفيهِم التَّوجيه والتَّحذير والتَّنبيه والتَّبشير، فهؤلاء يُخوِّفهم الله تعالى {وَنُخَوِّفُهُمْ} وهؤُلاء على نوعَين؛ فمِنهم مَن يخافُ بالتَّخويف فيرتدع ويلتزم ويسير بالجادَّة الصَّحيحة، ومِنهم مَن تصفهُم الآية الكريمة {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا} وإِلى جهنَّم وساءت مصيراً.
للأَسف الشَّديد، فإِنَّ مُجتمعنا انقسمَ على نفسهِ بكلِّ هذهِ الأَنواع؛ فمنهُم مَن يُبادر إِلى الإِلتزام بالتَّعليمات الصحيَّة بغضِّ النَّظر عن إِلتزام أَو تجاهُل الآخرين لها، وهو يوظِّف البلاء لتحسينِ سلوكهِ بالعَودةِ إِلى اللهِ تعالى وإِلى ذاتهِ ويُعيد النَّظر بعلاقاتهِ مع مَن حولهُ ومَع طريقة تعاطيه معَ موقعِ عملهِ ومع الحياةِ بشكلٍ عامٍّ، بغضِّ النَّظر عمَّا إِذا فعلَ الآخرون هذا الشَّيء أَم لم يفعلُوا.
هذا النَّوع هو الذي يصفهُ القُرآن الكريم بقولهِ {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
النَّوع الثَّاني هو المُعاند الذي تُعشعش في ذهنهِ الخُرافات بشأنِ البلاء، جهلاً أَو تضليلاً أَو إِستخفافاً واستهزاءً، والله تعالى يقولُ {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} و {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} فلا يلتزم بتعليماتٍ ولا يكترث بفتاوى الفُقهاء والعُلماء والمراجع التي تحثُّ على الإِلتزام بتوصيات ذوي الإِختصاص بهذا المجال، ولكنهُ معَ كلِّ ذلكَ فإِذا خُوِّفَ من العاقبةِ ارتدعَ ولم يركب رأسهُ على حدِّ وصفِ العراقيِّين.
وهو نموذجٌ حسنٌ في نِهايةِ الأَمرِ، يأخذ بالكلامِ ولا يُكابر أَو يُعاند إِلى آخِر خط السِّباق.
أَمَّا النَّوع الثَّالث وهوَ الأَسوء في المجتمعِ على الإِطلاقِ والذي ينبغي ردعهُ بكلِّ الطُّرق والوسائل حتَّى يأذنَ الله بهدايتهِ أَو هلاكهِ {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} على الأَقل بالمُقاطعةِ وعدمِ الإِصغاءِ إِليهِ أَو مخالطتهِ {إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} فهذا مصيرهُ الضَّياع وعاقبتهُ السُّوء وبئسَ المصيرُ.
فالتَّافهُ والمجنُون والأَحمقُ هوَ الذي تمرُّ عليهِ الآيات التي يُرسلُها ربُّ العزَّةِ على عبادهِ بقولهِ {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} ولا يرتدع، وهو القائلُ {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ}.
إِنَّها الذِّكرى التي يجب أَن تنبِّهنا من غفلتِنا ولهوِنا.
٣/ حتَّى على المُستوى البشري، تعتمد النُّظم السياسيَّة الاسلوبَين لفرضِ القانون، فمثلاً على مُستوى تنظيم المرُور في المدينةِ، فإِنَّ السُّلطات المُختصَّة تضع قوانين وعلامات وإِشارات لتنظيمِ المرورِ وحمايةِ حقوقِ وأَرواحِ النَّاس، فمنهُم مَن يلتزم بها فيحمي نفسهُ والآخرين ويتحاشى حوادث المرُور والغرامات والمحاكِم، ومنهُم مَن لا يلتزم بها فيتورَّط بالمشاكلِ ويورِّط الآخرين.
وهناك أَحياناً تضع السُّلطات المُختصَّة كاميرات مُراقبة وتُعلن عنها، لمزيدٍ من الرَّدعِ والتَّخويفِ.
وكلَّما كانت العقوبات والغرامات المروريَّة أَشدُّ وأَقسى، كلَّما قلَّ تجاهل النِّظام وبالتَّالي قلَّت حوادث المرُور والتَّجاوزات على القوانين، والعكس هو الصَّحيح، فإِذا تساهل القانون مع المُخالفين وغَير المُلتزمين ولم يردعهُم بعقوباتٍ قاسيةٍ زادت حوادث المرُور وزادت أَعداد الضحايا سواءً من القتلى أَو الجرحى والمُعَوَّقين، واكتظَّت المحاكِم وغابَ الأَمن المروري فلم يعُد الشَّارع آمناً لأَحدٍ.
٤/ اليَوم وبعدَ مرورِ أَشهر على الجائحة، ينبغي أَن نتوقَّفَ قليلاً عندَ الأَخبار التي كانت تُمطرنا بها مصادِرها في كلِّ لحظةٍ! لنعيدَ قراءة ما كان يصلنا ونتداولهُ وننشرهُ من أَخبارٍ وتقارير وصوَر وأَفلام عن الجائحةِ، فسنكتشف الكمِّ الكبير للتَّضليل الذي تعرَّضنا لهُ فيما يخصُّ أَسبابها وتفسيرها، والتي بدأَت بنظريَّةِ المُؤامرة لتنتهي، إِلى الآن على الأَقلِّ، بنظريات الأَدوية المُختلفة والتَّوقيتاتِ المُتوقَّعةِ لنِهايتِها.
إِعادةِ القراءة تنفعُنا في؛
*التثبُّت من مصادرِنا لنُميِّز غِثَّها من سمينِها، حتَّى نعرف كيفَ نتعامل معها في المُستقبل، ونسبة الدقَّة في معلوماتِها؟! وما هي أَجنداتِها؟؟ فلا نُكرِّر القَول في كلِّ مرَّةٍ عندما نُصادف صديقنا حيّاً لم يمُت [أَنَّ الذي نقلَ لنا الخبر ثقةٌ لا يكذِب] فإِلى متى نظلُّ عُرضةً للتَّضليل والخِداع من قِبَلِ الجيُوش الاليكترونيَّة المشبوهةِ التي شُغلها الشَّاغل نشر الأَكاذيب لتضليلِ الرَّأي العام وإِشغالهِ عن الحقائِقِ بشأنِ كلِّ قضيَّةٍ نمرُّ بها؟!.
*لنتعلمَّ أَن لا نصدِّق كلَّ ما يصلنا قبلَ التثبُّت وقبلَ أَن نعرضهُ على عقُولِنا أَو نسأَل بهِ خبيراً، وإِذا صدَّقنا شيئاً فلا نستعجلَ استنساخهُ ونشرهُ، وإِذا قرَّرنا نشرهُ فليس مِن دونِ تمييزٍ بين المُتلقِّين، وهكذا.
كفى أَن نكونَ ظهراً للجيُوشِ الاليكترونيَّة تمتطيها لنشرِ أَجنداتِها والوصولِ بها إِلى حيثُ مقصدِها.
كفى أَن نكونَ ضرعاً تحلبهُ الجيُوش الإِليكترونيَّة لتروي بهِ ضمأَها من العقُولِ التي تصدِّق كلَّ ما ترى وتسمع وتقرأ.
إِذا بقينا على هذهِ الحال فإِنَّ مستقبلاً مُظلماً ينتظرنا.
*يتبع…
٢ تمُّوز ٢٠٢٠
لِلتَّواصُل؛
‏E_mail: [email protected]
‏Face Book: Nazar Haidar
‏Twitter: @NazarHaidar2
‏Skype: nazarhaidar1
‏WhatsApp, Telegram & Viber : + 1(804) 837-3920
*التلِغرام؛
‏https://t.me/NHIRAQ
*الواتس آب
‏https://chat.whatsapp.com/KtL7ZL3dfh

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here