5 سنوات على رحيل الكاتب الناقد والأكاديمي د. حبيب بولس

5 سنوات على رحيل الكاتب الناقد والأكاديمي د. حبيب بولس

بقلم : شاكر فريد حسن

تحل اليوم، الذكرى الخامسة لرحيل الكاتب الناقد والباحث الأكاديمي الدكتور حبيب بولس، الذي يُعد أحد أبرز النقاد الفلسطينيين في الداخل بمجال الأدب والمسرح، ومن أهم الدارسين الذين واكبوا الحياة الأدبية والثقافية الفلسطينية في بلادنا، بالدراسة والتحليل، التاريخ والتأصيل، واتاح لنا عشرات البحوث والدراسات المهمة وذات الفائدة لنا نحن المقيمين في الوطن. فقد كرس معظم جهده النقدي، أكثر من أي ناقد آخر، على الثقافة المحلية والأدب العربي الفلسطيني في الداخل، وما يسم نقده، وضوح واستقامة الطرح والتناول النقدي. وتنوعت إصداراته الثقافية، فألف عشرات الكتب النقدية والبحثية حول الشعر والقصة والمسرح والكتب الثقافية والسياسية والتعليمية نذكر منها : ” أبحاث في الأدب العربي، في الرواية المعاصرة، ألوان وأجناس أدبية “، وخمسة كتب في ميدان الدراسة النقدية أبرزها كتابه ” أنطولوجيا القصة العربية الفلسطينية القصيرة “، بالإضافة إلى ” لغة الابهام والواقع “، و” مقالات في الفن المسرحي “.

وصدر له أيضًا كتابه النوستالجي ” قرويات ” وهو أحد كتبه الجميلة، وفيه يكشف ثراء شعبنا وأصالته وعمق جذوره في هذه الأرض الطيبة، ويسجل للتراث الشعبي المتوارث شفويًا، ويروي قصة صمود ونضال شعبنا الذي بقي في أرضه ووطنه، وحكايات قرانا وريفنا الفلسطيني.

وفي مجموع كتبه ودراساته ابتعد حبيب بولس بشكل جلي وواضح عن أسلوب معتمد لدى عدد كبير من النقاد والدارسين والباحثين العرب، وهو الأسلوب المعتمد على حشد واسع للمصطلحات النقدية والفنية واللغوية مصحوبة بعرض النظريات النقدية الحديثة الأجنبية، إن احتاجها أو لم يحتجها في سياق العمل الأدبي المنقود، وذلك للسيطرة النفسية المسبقة على القارئ، بان هذا الناقد هو مثقف وموسوعي ومتابع لأحدث النظريات النقدية. فهو لم يكن مثل هؤلاء بل كان أكاديميًا اتبع النقد الأكاديمي وحاول إقامة جسر بين القارئ والمبدع في فهم العمل الأدبي الإبداعي، وكشف خباياه بحكم تحصصه، وفي الوقت نفسه إفادة الكاتب بنواقص كتابه وسلبياته. وهذا هو أسلوب النقاد الكبار الذين يعون دورهم ومسؤولياتهم. ونجد أمثلة وتطبيقات ميدانية بنقده الأكاديمي في عدد كبير من كتبه منها ” الصوت والصدى “، و” قضايا ومواقف أدبية “. وفي هذا الكتاب الأخير يسلط الضوء على عدد من الأصوات والأقلام الإبداعية النسوية اللواتي شاركن في المهرجان الرابع للمبدعات العربيات بمدرسة الفرنسيسكان في الناصرة العام 1996، كذلك يعرض ويناقش فيه العديد من القضايا والمسائل الخاصة بالأدب العربي والثقافة العربية الفلسطينية في البلاد.

حبيب بولس لم يكتب من برجه العالي، بل كان جزءًا هامًا وفاعلًا في الحركة الأدبية الفلسطينية والثقافية، ومساهمًا في الفعاليات الثقافية ومتحدثًا في الأمسيات والندوات والمهرجانات والمؤتمرات الثقافية، وعضوًا في عدد من المؤسسات والأجسام الأدبية والثقافية، راصدًا حركتنا الثقافية، ومتابعًا الإبداعات الأدبية المحلية بقلمه الناصع الصادق الجاد والمسؤول.

وسيبقى حبيب بولس بإرثه النقدي ومنجزاته البحثية والأدبية زادًا وزوادة ومرجعًا للباحثين والأكاديميين والمهتمين بالحركة الأدبية الفلسطينية في البلاد. فله المجد والخلود، وسلامًا لروحه في ذكراه العطرة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here