واشنطن بوست: فصائل في الحشد نأت بنفسها عن الكتائب بعد تحديها للدولة

ترجمة / حامد احمد

المداهمة التي أمر بها رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، على مجموعة مسلحة متهمة بالتخطيط للهجوم على المنطقة الخضراء وسط بغداد تشكل نقطة تحول في جهود هذه الحكومة لكبح فصائل مسلحة موالية لايران ، بحسب تقرير نشرته واشنطن بوست.

واشار التقرير إلى ان عملية القاء القبض على 14 عنصرا من كتاب حزب الله الشهر الماضي شكلت أجرأ تحرك حتى الان لم يقم به أي زعيم عراقي آخر ضد فصائل مسلحة مدعومة من ايران، والتي غالبا ما تتصرف في العراق خارج نطاق القانون.

وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي تولى المنصب في أيار الماضي، قد تعهد بايقاف هجمات الفصائل المسلحة على قوات اجنبية في البلد، وبالاخص القوات الاميركية .

ولكن رد الفصيل المسلح المتنفذ على مداهمة قوات مكافحة الارهاب له في 26 حزيران الماضي يؤكد مدى التحدي الذي سيواجهه الكاظمي في اعادة صياغة العلاقة بين الحكومة وبعض الفصائل المسلحة في البلاد .

بعد استعراض المسلحين بعجلاتهم داخل المنطقة الخضراء مطالبين بالافراج عن زملائهم، تم اخلاء سبيل معظمهم ومن ثم تم الترحيب بهم بعودتهم الى المقر كأبطال. محطات فضائية موالية لهم بثت لقطات حية لهم وهم يقومون باحراق اعلام اميركية ويطأون باقدامهم صورا لرئيس الوزراء .

مايكل نايتس، خبير بالشأن العراقي من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى، يقول “السؤال المطروح الان هو، هل سَيُسَجّل ذلك في الذاكرة كعملية اذلال لفصيل مسلح لأن الحكومة اندفعت لاعتقال افراد منهم كما لو كانوا مجموعة من مجرمين، أو سَيُسَجّل في الذاكرة على انه اليوم الذي قام به الفصيل المسلح بتطويق المنطقة الخضراء كما لو كانت ملكهم واسترجعوا زملاءهم من قبضة الحكومة؟”.

فصائل الحشد الشعبي، وبضمنهم قسم من الفصائل الموالية لايران، لعبت دورا حيويا في القتال ضد تنظيم داعش في العراق منذ العام 2014، وتشكل الان جزءا من الاجهزة الامنية الرسمية للبلد وتتلقى رواتب واسلحة من الحكومة .

ولكن قسما من الفصائل المسلحة رفضت التخلي عن استقلاليتها، وعمدت بشكل متكرر على شن هجمات صاروخية ضد قواعد عسكرية ومقرات دبلوماسية تضم رعايا أميركان مما اثار ذلك غضب الولايات المتحدة إزاء فشل الحكومة العراقية في كبح جماح هذه المجاميع .

وبينما تستعد حكومتا الولايات المتحدة والعراق لجولة مباحثات جديدة حول طبيعة علاقتهما فان تواجد قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وأمن هذه القوات سيكونان على رأس قائمة جدول الاعمال. العام الماضي كانت الولايات المتحدة وايران على شفير حرب على أرض العراق بعد هجوم صاروخي على احدى القواعد تسبب بمقتل متعاقد أميركي .

بعد تسلمه لمنصبه مباشرة، خاطب الكاظمي زعماء الفصائل المسلحة والمقاتلين وحذر من قيام بعض الفصائل بالتأثير على علاقة الحشد مع الحكومة، وكانت في ذلك اشارة مبطنة لهجمات تشنها فصائل موالية لايران على قوات اميركية .

ولكن الهجمات الصاروخية لم تتوقف كليا. ولهذا قرر الكاظمي تنفيذ مداهمة ضد مجموعة مسلحة، مؤكدا بانه تلقى معلومات استخبارية دقيقة تفيد بان المجموعة تعد لتنفيذ هجوم على المنطقة الخضراء .

وكانت قوات مكافحة الارهاب قد تلقت أوامر منذ ساعة مبكرة من الصباح لتنفيذ مهمة. واستنادا لاحد افراد قوة مكافحة الارهاب فبعد ساعات قليلة من تلقي الاوامر تم اعلامهم بالهدف. واضاف هذا الشخص طالبا عدم ذكر اسمه “بصراحة كنا متحمسين. لقد حان الوقت ليتحرك أحد ما ضدهم. انه عصر جديد. لقد ادركوا بان الهجمات ستكون لها عواقب”، مشيرا الى ان قوات مكافحة الارهاب لم تواجه اية مقاومة .

في غضون ساعات ردت العناصر المسلحة باستعراض من قبلهم يبين مدى سهولة دخول المنطقة الخضراء المحصنة ومطالبين باطلاق سراح المعتقلين المشتبه بهم. ولعدم توفر الادلة الكافية، حسب قول القاضي، فقد تم اطلاق سراحهم اجمعين ما عدا واحد فقط.

وقال نايتس “لا يمكن تَخيّل انه بامكان ذلك ان يحصل قبل تسعة أشهر. واذا يحصل هذا مرة اخرى، وهذا ما اعتقده، فسيكون ذلك بمثابة الاختبار الحقيقي. في المرة القادمة ستكون الفصائل المسلحة مستعدة اكثر للتشبث بأفرادها”.

لقد قام الكاظمي بمغامرة من خلال اغارته على فصيل تابع لكتائب حزب الله، وهو بمثابة تحد لمجموعة نادرا ما تتم مواجهتها .

سجاد جياد، زميل المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية، يقول “ربما اعتقدوا بان الكاظمي صاحب كلام فقط، ولكن هذه المداهمة بعثت رسالة تثبت عكس ذلك، أي انه مصر على ان يدعم كلامه بافعال. هناك تبادل بالتصريحات الكلامية من الجانبين، ولكن على الارض اعتقد بان كتائب حزب الله ستكون حذرة اكثر في تحركها .”

في تصريح له الاثنين، اكد الامين العام لكتائب حزب الله استقلالية الفصيل ورفض الدعوات بتسليم سلاحه للدولة، مشيرا الى ان السلاح يجب ان يستخدم في خدمة حركة المقاومة الاسلامية التي تضم مجاميع اخرى في سوريا ولبنان وابعد من ذلك .

ويؤكد الباحث جياد بان هذه النبرة الكلامية بحد ذاتها تؤكد على ان المجموعة ومؤيديها تستمد شرعيتها، الى حد ما، من كونها جزءا من القوات الامنية العراقية الرسمية .

ويضيف قائلا “ليكن بالحسبان، أن هذه الفصائل معنية بان تكون قوات حكومية تقاد من قبل القائد العام. لا يمكن لهم بان يروا انفسهم فجأة في الجانب المعارض تماما. اعتقد ان الطرفين يراجعان مواقفهما الان”.

فصائل مسلحة اخرى من قوات الحشد امتنعت عن الادلاء بموقفها من عملية المداهمة، ساعية بذلك الى النأي بنفسها عن مواقف قد تبدو معادية للحكومة .

أينا رودولف، باحثة في المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي في جامعة كنغز كوليدج في لندن، قالت: “اعتقد ان اللاعبين الاكثر رسوخا ينظرون الى اي اتجاه تهب فيه الريح”، مشيرة الى ان عناصر قيادية في الحشد قد اعربوا مؤخرا عن انزعاجهم لتولي قسم من المجاميع الموالية لايران نهجا مستقلا في تصرفهم .

مسؤولون ومحللون غربيون متابعون للشأن العراقي يقولون ان الاشهر القادمة ستكون حيوية بالنسبة لجهود الكاظمي في كبح التصرف غير المنضبط لبعض الفصائل المسلحة .

ليست هناك مؤشرات على ان الكاظمي يسعى الى اعادة ترتيب الحشد بشكل جذري او ان يضعف موقفه الرسمي المحكوم بقانون يرسم مكانة الفصائل المسلحة والعلاوات التي يتلقاها افرادها. كثير من الفصائل المسلحة لها اتباع شعبيون وممثلون في البرلمان وتستمر بلعب دور امني عبر مناطق واسعة من البلاد .

دبلوماسي غربي قال طالبا عدم ذكر اسمه ان “الكرة الان في ملعب الفصائل المسلحة. اذا اختارت ان تقذف بعدد آخر من الصواريخ، فعندها سيتعين على الكاظمي بحق ان يتحرك قدما ويتصرف تجاهها. عكس ذلك ستكون الفرصة قد ولت. وتكون الفصائل هي الفائزة.”

وتساءل مسؤول غربي آخر بقوله “هل ان الكاظمي قد ذهب بعيدا بتصرفه؟ الزمن سيكشف ذلك .”

عن: واشنطن بوست

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here