صراع محتدم بين الإرادة الوطنية واللاوطنية في العراق

كاظم حبيب

لم أكن في شك يوما، كما يزداد يقيني يوماً بعد آخر، بأن الدولة العميقة في العراق بكل مؤسساتها ومنشآتها والقوى الفاعلة فيها هي التالية:

أولاً: الجهات غير الرسمية

1. جميع قادة الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية منها والسنية، العربية منها والكردية والتركمانية، إنها القوى التي تشكل النخب القيادية الحاكمة، سواء أكانت في الحكم أم خارجه؛

2. جميع قادة وكوادر المليشيات الطائفية المسلحة الشيعية، وتلك القوى المسلحة السنية التابعة للأحزاب الاسلامية السنية؛

3. قوى الحشد الشيعي التي تشكل المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة هيكل الحشد العظمي وقياداته الفاعلة والمؤثرة؛

4. المكاتب الاقتصادية التابعة للمليشيات الطائفية المسلحة وللحشد الشعبي التي تمارس يومياً بطرق شتى استنزاف المجتمع وتمارس شتى صور الإرهاب ضده؛

5. الغالبية العظمى من المصارف الخاصة التي تتركز مهمتها في ابتلاع المزيد من العملة الصعبة من البنك المركزي العراقي عبر أساليب مختلفة، منها أسلوب مميز هو مزاد العملة الصعبة؛

6. منظمات المجتمع المدني، منها منظمات حقوق الإنسان التابعة لتلك الاحزاب، والحسينيات وبعض مواكب التعازي المرتبطة مباشرة بالأحزاب الإسلامية السياسية وبشخصيات فاسدة وبإيران؛

7. جمهرة كبيرة من المكاتب التجارية والعاملين في التجارة الخارجية والمقاولات واصحاب مكاتب العقارات والعقاريين السماسرة المرتبطين بالأزاب والقوى الحاكمة؛

8. المرجعيات والمؤسسات والشيوخ الدينية، الشيعية منها والسنية، التي وقفت حتى الآن إلى جانب احزاب الإسلام السياسي الحاكمة والتي لم تتورع عن تأييدها السري والعلني، ونقدها في حالات نادرة حين لا يمكن السكوت ويفتضح التعاون والتنسيق والتكام وتوزيع الأدوار؛

9. قوى عشائرية متعاونة مع النخب الحاكمة من جهة، وبعض المرجعيات الدينية المتخلفة والمنحرفة كلية عن دورها الديني والاجتماعي، والتي تعتبر ضمن قوى البلطجة، وهي غير محترمة في عرف العشائر الوطنية.

10. جماعات الجريمة المنظمة المتعاملة بالجنس والمخدرات وشراء وبيع أعضاء جسم الإنسان، لاسيما الأطفال، والسطو وغيرها، والتي لها خيوط ممتدة في أجهزة الدولة.

إن جميع هذه الجهات والقوى والشخصيات غير الرسمية المتشابكة في ما بينها بالمصالح المشتركة المناهضة لمصالح الشعب أولا، ثم علاقاتها المباشرة وغير المباشرة، تعيش تبعية شديدة لمصالح النظام الإيراني والقوى الدينية الحاكمة في إيران، لاسيما خضوعها لولي الفقيه الإيراني علي خامنئي، ورئيس الحرس الثوري الإيراني، ورئيس جهاز صيانة النظام وحماية الدستور، وفيلق القدس ورئاسة جهاز الامن الإيراني الداخلي التابع لوزارة المخابرات الإيرانية ثانياً.

ثانيا: الجهات الرسمية

1. لا يخلو جهاز رسمي تابع للدولة العراقية الحالية بسلطاتها الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضاء) ومؤسساتها المستقلة ومنشآتها من قوى منظمة جيدا ومرتبطة عضوياً ومصلحياً بالدولة العميقة. (وليس كل أجهزة شخصيات الدولة)، لقد بدأت هذه العملية بالتشكل والتكامل منذ فترة حكومة الشيعي المتطرف والخائب الفاسد ابراهيم الجعفري، ثم تواصلت وتفاقمت في فترة حكم المالكي الأكثر طائفية وتطرفا والأكثر إفساداً وعدوانية، ومرورا بالعبادي، (باعتبار الساكت عن الحق مشارك فيه وإبليس أخرس)، واستكمالها في فترة حكم جزار الشعب والفاسد حتى النخاع عادل عبد المهدي. وهذه الحالة لاتزال قائمة في فترة حكم الكاظمي حيث تواجه اليوم تآمراً من كل تلك الأطراف، رغم إن حكومة الكاظمي لم تقم بشيء يذكر حتى الآن في مواجهة هذه القوى وما فعلته بالعراق وشعب العراق؛

2. لكن الأجهزة الاكثر خطورة التي تهيمن عليها الدولة العميقة تبرز في وزارة الداخلية والأمن الوطني والحشد الشعبي، وكذلك في الجهاز الدبلوماسي العراقي-وزارة الخارجية- وكثير من السفارات والسفراء والقناصل والموظفين والأجهزة الأمنية فيها؛

3. كما إن الأخطر من كل ذلك يبرز في وجودها الفاعل في جهاز القضاء العراقي المسيس والمبتلى بالطائفية والفساد والخاضع للتهديد المستمر والخشية من القتل أو الاختطاف على أيدي قوى المليشيات الشيعية المسلحة والمتطرفة أو الأجهزة الأمنية التابعة لإيران والعاملة بقوة في جميع محافظات العراق دون استثناء. والخطورة الكبرى في جهاز القضاء العراقي تبرز باتجاهين اساسيين: أ) إما ان يكون مع الشعب ويتخذ مواقف شجاعة ومسؤولة وعادلة إلى جانب روح ومضامين الدستور الأساسية؛ وإما وب) أن يكون ضد الشعب ومع النخب والفئات الحاكمة ويصدر أحكاماً وتفاسير للدستور تتناغم ومصالح القوى الحاكمة واستمرارها في الحكم الطائفي الفاسد. ويمكن ان تنشأ الحالة الثانية، كما هو الواقع الجاري في العراق، بسبب التهديدات بالقتل والاختطاف للقضاة الذين يتخذون مواقف عادلة وسليمة الى جانب الشعب. ويشتد هذا الأمر حين تكون القوى الديمقراطية المعارضة ضعيفة وعاجزة عن مد يد العون للقضاة لكي يحكموا بالعدل. وهو أمر يبعد القضاة عن الالتزام الثابت بالقسم الدستوري والأخلاقي للقضاة في البلاد.

إن صيغة العمل المشترك بين هاتين الجهتين الرسمية وغير الرسمية تقوم على أساس مركزي هو خضوع الجهات الرسمية في الدولة العراقية (لأنها لا تشمل الدولة كلها) لقيادة الدولة العميقة التي تشرف وتنسق وتوحد عمل الجهات غير الرسمية. وكانت قيادة الدولة العميقة في العراق بيد الجنرال الإيراني قاسم سليماني (1957-2020) ومساعده الميداني جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم الملقب بـ (أبو مهدي المهندس) (1954-2020)، حتى اغتيالهما، وكان نوري المالكي النائب السياسي الفعلي لقاسم سليماني في العراق. واليوم حل نوري المالكي، المدلل الأكبر لدى الخامنئي، مكان القائد السابق، فهو القائد السياسي والعسكري والميداني الفعلي للدولة العميقة في البلاد بكل اطرافها وتشعباتها واتساع نشاطاتها. وللمالكي اكثر من مساعد عراقي ومستشار إيراني يشكلون مكتباً سياسياً، عسكرياً ودينياً لقيادة العمليات المشاركة ضد اي تغيير يراد تحقيقه في العراق اولا، والسعي بكل السبل بما في ذلك اشعال حرب داخلية لإخراج القوات الامريكية والتحالف عموما من العراق إن تطلب الأمر ذلك ثانيا، وتكريس دور إيران السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري في العراق ثالثا، والهدف الأخير يشكل في المحصلة النهائية لهدف إيران الراهن في العراق.

ان عمليات القصف الصاروخي للسفارة الامريكية أو المنطقة الخضراء أو مطار بغداد أو عمليات اخرى استفزازية، كما حصل اخيراً، هي أجزاء وإجراءات من مخطط يهدف إلى إبعاد العراق عن أي امل في التغيير المنشود من قبل الشعب، ولإجهاض أي محاولة لضرب قوى الدولة العميقة. وقد برز ذلك بوضوح في محاولة حكومة الكاظمي توجيه اول ضربة مهمة لجزء من الدولة العميقة قام بتوجيه صواريخه للمرة العاشرة للمنطقة الخضراء وغيرها، وبالتحديد ضد قوى حزب الله، التي تعتبر الخط الأمامي والأول لإيران في صراعها الراهن في العراق، هذه المحاولة الجادة والمشروعة قد أفشلها القضاء العراقي المُسيَّس التابع للحشد بادعاء عدم كفاية الأدلة والافراج عن 14 معتقلا من حزب الله الإيراني، من بينهم بعض القادة البارزين لهذه الميليشيا الطائفية المسلحة وبينهم إيراني أيضاً. كم كان المناضل الأممي ارنستو تشي جيفارا على صواب حين قال بحق:

“اذا استطعت ان تُقنع الذبابة بأن الزهور أفضل من القمامة…، حينها تستطيع ان تقنع الخونة بأن الوطن أغلي من المال.”

فخيانة الشعب ومصالحه وخيانة الوطن واستقلاله وسيادته لم ولن تتخذ صيغة واحدة أو أسلوبا واحداً، بل تتنوع في الممارسة اليومية ابتداءً من نهج الطائفية والتمييز الطائفي والديني ومرورا بالتمييز القومي الشوفيني ومواصلته بالتمييز ضد المرأة ومعاداتها ومحاولة إصدار قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وممارسة الفساد، وسرقة المال العام والتفريط به بشتى السبل، والسماح لدولة جارة مثل إيران التدخل الفظ والكامل بشؤون البلاد والهيمنة على مصائر شعبه، أو الاتفاق مع تركيا على الولوج المحرم دولياً إلى داخل الأراضي العراقية لضرب الشعب العراقي بذريعة ملاحقة أعضاء حزب العمال الكردستاني.

إن الصراع الجاري في العراق اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يدور بين القوى الوطنية والقوى اللاوطنية، بين من يريد دولة وطنية وديمقراطية علمانية مستقلة، وبين من يريد دولة هامشية تسيطر عليها الدولة العميقة وتقودها الى الحضيض والسماح بهيمنة الأجنبي على مقدرات البلد والشعب والمستقبل، بين قوى الدفاع عن مصالح الشعب، وبين تلك القوى التي تخون يومياً هذه المصالح. ان هذا هو ما رفضه ويرفضه المنتفضون والمنتفضات جملة وتفصيلا، وهم يهتفون اليوم أيضاً بـ “نازلين نأخذ حقنا” و”نريد وطن حر ومستقل”، وهما الشعاران اللذان سيحققهما الشعب العراقي بالرغم من كل المناورات والمؤامرات والخيانات للشعب والوطن. إنه الصراع المتفاقم بين الشعب وبين أعداء الشعب.

لم أكن في شك يوما، كما يزداد يقيني يوماً بعد آخر، بأن الدولة العميقة في العراق بكل مؤسساتها ومنشآتها والقوى الفاعلة فيها هي التالية:

أولاً: الجهات غير الرسمية

1. جميع قادة الأحزاب الإسلامية السياسية الشيعية منها والسنية، العربية منها والكردية والتركمانية، إنها القوى التي تشكل النخب القيادية الحاكمة، سواء أكانت في الحكم أم خارجه؛

2. جميع قادة وكوادر المليشيات الطائفية المسلحة الشيعية، وتلك القوى المسلحة السنية التابعة للأحزاب الاسلامية السنية؛

3. قوى الحشد الشيعي التي تشكل المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة هيكل الحشد العظمي وقياداته الفاعلة والمؤثرة؛

4. المكاتب الاقتصادية التابعة للمليشيات الطائفية المسلحة وللحشد الشعبي التي تمارس يومياً بطرق شتى استنزاف المجتمع وتمارس شتى صور الإرهاب ضده؛

5. الغالبية العظمى من المصارف الخاصة التي تتركز مهمتها في ابتلاع المزيد من العملة الصعبة من البنك المركزي العراقي عبر أساليب مختلفة، منها أسلوب مميز هو مزاد العملة الصعبة؛

6. منظمات المجتمع المدني، منها منظمات حقوق الإنسان التابعة لتلك الاحزاب، والحسينيات وبعض مواكب التعازي المرتبطة مباشرة بالأحزاب الإسلامية السياسية وبشخصيات فاسدة وبإيران؛

7. جمهرة كبيرة من المكاتب التجارية والعاملين في التجارة الخارجية والمقاولات واصحاب مكاتب العقارات والعقاريين السماسرة المرتبطين بالأزاب والقوى الحاكمة؛

8. المرجعيات والمؤسسات والشيوخ الدينية، الشيعية منها والسنية، التي وقفت حتى الآن إلى جانب احزاب الإسلام السياسي الحاكمة والتي لم تتورع عن تأييدها السري والعلني، ونقدها في حالات نادرة حين لا يمكن السكوت ويفتضح التعاون والتنسيق والتكام وتوزيع الأدوار؛

9. قوى عشائرية متعاونة مع النخب الحاكمة من جهة، وبعض المرجعيات الدينية المتخلفة والمنحرفة كلية عن دورها الديني والاجتماعي، والتي تعتبر ضمن قوى البلطجة، وهي غير محترمة في عرف العشائر الوطنية.

10. جماعات الجريمة المنظمة المتعاملة بالجنس والمخدرات وشراء وبيع أعضاء جسم الإنسان، لاسيما الأطفال، والسطو وغيرها، والتي لها خيوط ممتدة في أجهزة الدولة.

إن جميع هذه الجهات والقوى والشخصيات غير الرسمية المتشابكة في ما بينها بالمصالح المشتركة المناهضة لمصالح الشعب أولا، ثم علاقاتها المباشرة وغير المباشرة، تعيش تبعية شديدة لمصالح النظام الإيراني والقوى الدينية الحاكمة في إيران، لاسيما خضوعها لولي الفقيه الإيراني علي خامنئي، ورئيس الحرس الثوري الإيراني، ورئيس جهاز صيانة النظام وحماية الدستور، وفيلق القدس ورئاسة جهاز الامن الإيراني الداخلي التابع لوزارة المخابرات الإيرانية ثانياً.

ثانيا: الجهات الرسمية

1. لا يخلو جهاز رسمي تابع للدولة العراقية الحالية بسلطاتها الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضاء) ومؤسساتها المستقلة ومنشآتها من قوى منظمة جيدا ومرتبطة عضوياً ومصلحياً بالدولة العميقة. (وليس كل أجهزة شخصيات الدولة)، لقد بدأت هذه العملية بالتشكل والتكامل منذ فترة حكومة الشيعي المتطرف والخائب الفاسد ابراهيم الجعفري، ثم تواصلت وتفاقمت في فترة حكم المالكي الأكثر طائفية وتطرفا والأكثر إفساداً وعدوانية، ومرورا بالعبادي، (باعتبار الساكت عن الحق مشارك فيه وإبليس أخرس)، واستكمالها في فترة حكم جزار الشعب والفاسد حتى النخاع عادل عبد المهدي. وهذه الحالة لاتزال قائمة في فترة حكم الكاظمي حيث تواجه اليوم تآمراً من كل تلك الأطراف، رغم إن حكومة الكاظمي لم تقم بشيء يذكر حتى الآن في مواجهة هذه القوى وما فعلته بالعراق وشعب العراق؛

2. لكن الأجهزة الاكثر خطورة التي تهيمن عليها الدولة العميقة تبرز في وزارة الداخلية والأمن الوطني والحشد الشعبي، وكذلك في الجهاز الدبلوماسي العراقي-وزارة الخارجية- وكثير من السفارات والسفراء والقناصل والموظفين والأجهزة الأمنية فيها؛

3. كما إن الأخطر من كل ذلك يبرز في وجودها الفاعل في جهاز القضاء العراقي المسيس والمبتلى بالطائفية والفساد والخاضع للتهديد المستمر والخشية من القتل أو الاختطاف على أيدي قوى المليشيات الشيعية المسلحة والمتطرفة أو الأجهزة الأمنية التابعة لإيران والعاملة بقوة في جميع محافظات العراق دون استثناء. والخطورة الكبرى في جهاز القضاء العراقي تبرز باتجاهين اساسيين: أ) إما ان يكون مع الشعب ويتخذ مواقف شجاعة ومسؤولة وعادلة إلى جانب روح ومضامين الدستور الأساسية؛ وإما وب) أن يكون ضد الشعب ومع النخب والفئات الحاكمة ويصدر أحكاماً وتفاسير للدستور تتناغم ومصالح القوى الحاكمة واستمرارها في الحكم الطائفي الفاسد. ويمكن ان تنشأ الحالة الثانية، كما هو الواقع الجاري في العراق، بسبب التهديدات بالقتل والاختطاف للقضاة الذين يتخذون مواقف عادلة وسليمة الى جانب الشعب. ويشتد هذا الأمر حين تكون القوى الديمقراطية المعارضة ضعيفة وعاجزة عن مد يد العون للقضاة لكي يحكموا بالعدل. وهو أمر يبعد القضاة عن الالتزام الثابت بالقسم الدستوري والأخلاقي للقضاة في البلاد.

إن صيغة العمل المشترك بين هاتين الجهتين الرسمية وغير الرسمية تقوم على أساس مركزي هو خضوع الجهات الرسمية في الدولة العراقية (لأنها لا تشمل الدولة كلها) لقيادة الدولة العميقة التي تشرف وتنسق وتوحد عمل الجهات غير الرسمية. وكانت قيادة الدولة العميقة في العراق بيد الجنرال الإيراني قاسم سليماني (1957-2020) ومساعده الميداني جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم الملقب بـ (أبو مهدي المهندس) (1954-2020)، حتى اغتيالهما، وكان نوري المالكي النائب السياسي الفعلي لقاسم سليماني في العراق. واليوم حل نوري المالكي، المدلل الأكبر لدى الخامنئي، مكان القائد السابق، فهو القائد السياسي والعسكري والميداني الفعلي للدولة العميقة في البلاد بكل اطرافها وتشعباتها واتساع نشاطاتها. وللمالكي اكثر من مساعد عراقي ومستشار إيراني يشكلون مكتباً سياسياً، عسكرياً ودينياً لقيادة العمليات المشاركة ضد اي تغيير يراد تحقيقه في العراق اولا، والسعي بكل السبل بما في ذلك اشعال حرب داخلية لإخراج القوات الامريكية والتحالف عموما من العراق إن تطلب الأمر ذلك ثانيا، وتكريس دور إيران السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري في العراق ثالثا، والهدف الأخير يشكل في المحصلة النهائية لهدف إيران الراهن في العراق.

ان عمليات القصف الصاروخي للسفارة الامريكية أو المنطقة الخضراء أو مطار بغداد أو عمليات اخرى استفزازية، كما حصل اخيراً، هي أجزاء وإجراءات من مخطط يهدف إلى إبعاد العراق عن أي امل في التغيير المنشود من قبل الشعب، ولإجهاض أي محاولة لضرب قوى الدولة العميقة. وقد برز ذلك بوضوح في محاولة حكومة الكاظمي توجيه اول ضربة مهمة لجزء من الدولة العميقة قام بتوجيه صواريخه للمرة العاشرة للمنطقة الخضراء وغيرها، وبالتحديد ضد قوى حزب الله، التي تعتبر الخط الأمامي والأول لإيران في صراعها الراهن في العراق، هذه المحاولة الجادة والمشروعة قد أفشلها القضاء العراقي المُسيَّس التابع للحشد بادعاء عدم كفاية الأدلة والافراج عن 14 معتقلا من حزب الله الإيراني، من بينهم بعض القادة البارزين لهذه الميليشيا الطائفية المسلحة وبينهم إيراني أيضاً. كم كان المناضل الأممي ارنستو تشي جيفارا على صواب حين قال بحق:

“اذا استطعت ان تُقنع الذبابة بأن الزهور أفضل من القمامة…، حينها تستطيع ان تقنع الخونة بأن الوطن أغلي من المال.”

فخيانة الشعب ومصالحه وخيانة الوطن واستقلاله وسيادته لم ولن تتخذ صيغة واحدة أو أسلوبا واحداً، بل تتنوع في الممارسة اليومية ابتداءً من نهج الطائفية والتمييز الطائفي والديني ومرورا بالتمييز القومي الشوفيني ومواصلته بالتمييز ضد المرأة ومعاداتها ومحاولة إصدار قانون الأحوال الشخصية الجعفري، وممارسة الفساد، وسرقة المال العام والتفريط به بشتى السبل، والسماح لدولة جارة مثل إيران التدخل الفظ والكامل بشؤون البلاد والهيمنة على مصائر شعبه، أو الاتفاق مع تركيا على الولوج المحرم دولياً إلى داخل الأراضي العراقية لضرب الشعب العراقي بذريعة ملاحقة أعضاء حزب العمال الكردستاني.

إن الصراع الجاري في العراق اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يدور بين القوى الوطنية والقوى اللاوطنية، بين من يريد دولة وطنية وديمقراطية علمانية مستقلة، وبين من يريد دولة هامشية تسيطر عليها الدولة العميقة وتقودها الى الحضيض والسماح بهيمنة الأجنبي على مقدرات البلد والشعب والمستقبل، بين قوى الدفاع عن مصالح الشعب، وبين تلك القوى التي تخون يومياً هذه المصالح. ان هذا هو ما رفضه ويرفضه المنتفضون والمنتفضات جملة وتفصيلا، وهم يهتفون اليوم أيضاً بـ “نازلين نأخذ حقنا” و”نريد وطن حر ومستقل”، وهما الشعاران اللذان سيحققهما الشعب العراقي بالرغم من كل المناورات والمؤامرات والخيانات للشعب والوطن. إنه الصراع المتفاقم بين الشعب وبين أعداء الشعب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here