الحكومة بلا إحصائيات عن المعابر السرية و6 منافذ حدودية تخرج عن السيطرة بعد الظهر

تستعد حكومة مصطفى الكاظمي، للإعلان عن خطة أمنية لبسط نفوذها على جميع المنافذ الحدودية في المحافظات. وقدرت اللجنة المالية في مجلس النواب حجم الفساد المستشري في المنافذ الحدودية بـ12 مليار دولار سنويا، وتقول إن المنافذ خاضعة لسلطة الجماعات المسلحة والعشائر والفاسدين.

وبحسب اوساط سياسية ان الحكومة تفقد سيطرتها على ستة منافذ حدودية بشكل يومي منذ الساعة الرابعة عصرا حتى الثامنة من صباح اليوم التالي. كما تستغل جهات مسلحة منافذ ثانوية غير مرخصة، وتدخل السلع والبضائع والادوية الفاسدة، وحتى المواد المحرمة كالمخدرات إلى العراق بالتنسيق مع شخصيات متنفذة.

ويقول جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في مجلس النواب في تصريح لـ(المدى)، إن “عدد المنافذ الحدودية الرسمية التي يتم التعامل بها بشكل قانوني وأصولي تصل إلى (22) منفذا حدوديا موزعة على مختلف محافظات العراقية، فضلا عن وجود منافذ ثانوية غير مسجلة لا تخضع للرقابة الحكومية”.

ويضيف عضو اللجنة المالية أن لجنته “لا تمتلك إحصائيات دقيقة عن أعداد المنافذ الحدودية غير الشرعية الموجودة في مدن عراقية مختلفة”.

يعتبر فساد المنافذ الحدودية في العراق أحد أكبر ملفات الفساد الذي حاول البرلمان السابق والحالي إيجاد حلول له، إلا أن الملف لم يحسم بسبب سيطرة ميليشيات مسلحة في محافظات الوسط والجنوب على إدارة تلك المنافذ.

ويتطرق رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني الى اوجه الفساد المستشري في المنافذ الحدودية بالقول ان “الفساد في المنافذ يتمثل بوجود منافذ غير رسمية، وسيطرة الأحزاب والجماعات المسلحة والعشائر، وكذلك وجود مكاتب اقتصادية تابعة لأحزاب ومليشيات داخل المنافذ أو خارج المنافذ”. ويضيف أنه “من ضمن عمليات الفساد الحاصلة في المنافذ هي تزوير الكميات التي تدخل والتعمد بتقليلها وعدم الكشف عن حمولات الشاحنات الحقيقية من اجل تفادي الكمرك والضرائب، فضلا عن التزوير في النوعية والمنشأ حيث تسجل البضائع (بعد تغيير المنشأ والنوعية) باسم دول معينة كالأردن التي لديها إعفاءات كمركية أو يدخلون البضائع باسم هيئات او مؤسسات ومنظمات خيرية”. ويكمل النائب عن محافظة دهوك حديثه قائلا انه “من ضمن عمليات الفساد الحاصلة في المنافذ الحدودية هي غض الطرف عن إدخال بعض المواد الفاسدة أو المحرمة قانونا كالمخدرات أو إدخال الأدوية الفاسدة التي تكون في الأغلب تابعة إلى إحدى الجهات المسلحة حيث تدخل بضائعها عن طريق تنسيقها مع بعض الشخصيات التي تمتلك نفوذا على من هم داخل المنفذ”، لافتا إلى أن “الجهات الرسمية لا علم لها بعملية إدخال هذه المواد”. ويضيف أن “هناك جماعات في المنافذ الحدودية تؤخر ادخال بعض البضائع إلى ما بعد انتهاء الدوام الرسمي والذي يكون عند الثالثة عصرا يوميا، حيث تعتمد هذه الجماعات أسعار أخرى وتعاملا مختلفا عما كان متبعا في الدوام الرسمي”، لافتا إلى أن “هناك فسادا منظما بين المخلص والتجار مع عناصر داخل المنفذ”.

وشكل مجلس النواب في وقت سابق لجنة نيابية مصغرة للتحقيق مع كبار المسؤولين في إدارة ملف المنافذ الحدودية بعدما أشرت تقارير أعدتها اللجنة المالية النيابية سيطرة جماعات مسلحة، وأخرى عشائرية على العديد من المنافذ الحدودية. ويتابع النائب الكردي حديثه بالقول إن “هناك معلومات سابقة حصلت عليها اللجنة المالية تفيد بوجود ستة منافذ حدودية تفقد الجهات الحكومية السيطرة عليها بعد انتهاء الدوام الرسمي”، مشيرا إلى أن “الجهات الرسمية لا تعلم حجم الإيرادات الحقيقية للمنافذ الحدودية”.

وكانت هيئة المنافذ الحدودية قدمت تقارير مفصلة إلى الحكومة والبرلمان في وقت سابق تؤشر وجود حالات فساد مالي مستشري في الدوائر العاملة في المنافذ، فضلا عن عدد المعابر والمنافذ غير المرخصة التي تعمل خارج سيطرة الحكومة الاتحادية.

ويضيف كوجر أنه ” بعد العام 2003 فتحت منافذ حدودية من قبل أحزاب ثم تحولت إلى منافذ حكومية، وبالتالي منذ ذلك الوقت حصلت عمليات فساد وما زالت مستمرة”، مبينا أن “إيرادات المنافذ السنوية تقدر في كل موازنة بـ12 مليار دولار سنويا لكن الإيرادات التي تصل إلى خزينة الدولة لا تتعدى (2) المليارين دولار”.

ويؤكد أن “الفساد المتوقع في المنافذ الحدودية يتراوح بين 12 إلى 10 مليارات دولار سنويا”، معتقدا أن “الأحزاب والشخصيات باتت أقوى من الحكومة من خلال تحكمها بمفاصل الدولة المختلفة وسيطرتها على ادارة الدولة لصالحها”.

ويرى النائب كوجر انه “من المفترض تغيير هذه المعادلة من خلال أن تكون الحكومة اقوى من الأحزاب، والسلطة فيها تكون اكبر من الشخصيات عن طريق وضع خطة محكمة للسيطرة على المنافذ الحدودية بشكل تدريجي حسب الأهمية”. وتؤكد تقارير سابقة صادرة من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية تكبد الدولة العراقية خسائر باهظة نتيجة الفساد في المنافذ الحدودية ويشتمل على تمرير بضائع غير قانونية أو تغيير نوعها لإعفائها من الرسوم أو تخفيضها والتلاعب بالكميات التي تدخل البلاد.

ويعتقد أن “معالجة مشكلة المنافذ يتمثل في السيطرة عليها من قبل قوة عسكرية اقدر وأكفأ من الجهات المسلحة، وحصر إدارة المنافذ من قبل جهة حكومية معينة، وتحويل نظام العمل من يدوي إلى الالكتروني، مع تبديل الكوادر بشكل مستمر وحل مشكلة الفساد في المناصب الادارية، وتعزيز القدرات الرقابية، وجعل ادارة المنافذ مركزية، وتنفيذ العقوبات الخاصة بالتزوير والتهريب، والتعاقد مع شركات أجنبية رصينة للعمل في المنافذ، وتفعيل التنسيق مع الدوائر ذات العلاقة”. وأعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، في بداية شهر حزيران الماضي عن وضع خطة لسيطرة الدولة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية، لوقف هدر المال المقدر بمليارات الدولارات.

من جانبه يتوقع باسم جميل انطون، الخبير الاقتصادي أن “الحكومة ستنفذ عملية عسكرية واسعة لبسط سيطرتها على جميع المنافذ الحدودية خلال الفترة المقبلة”، مؤكدا أن “الخطة هي جزء من الورقة البيضاء التي أعدت مسبقا”.

وأعدّت الحكومة ورقة بيضاء للإصلاحات المرتقبة، واتخذت توصيات أولية يجري النقاش في شأنها قبل المضي قدمًا بها”، لافتا إلى “ضرورة التكامل بين الحكومة ومجلس النواب لدعم هذه الإصلاحات”.

يبين انطون في تصريح لـ(المدى) أن “تبعات عدم سيطرة الحكومة على المنافذ الحدودية كبيرة وخطيرة”، مضيفا أن “إدارة هذه المنافذ من قبل الحكومة ستعزز بإيراداتها موازنة الدولة الاتحادية وتحل الكثير من المشكلات”.

ويضيف أنه “بتطبيق التعرفة الكمركية من قبل المنافذ ستحجم السلع والبضائع الأجنبية التي تدخل وتنافس المحلي وتقوية الصناعة الوطنية”، مبينا أنه “في حال دخول بضائع ليست بقيمتها الحقيقية ستربك الصناعة العراقية”.

وفي الثلاثين من شهر حزيران الماضي أعلن المتحدث الرسمي باسم رئيس مجلس الوزراء احمد ملا طلال، عن قرب البدء بإجراءات حازمة للدولة لفرض هيبتها على المنافذ الحدودية، مبينا أن رئيس الوزراء يجري اجتماعات متواصلة مع الجهات المعنية بشأن المنافذ التي تذهب غالبية إيراداتها لجيوب الفاسدين.

ويضيف الخبير الاقتصادي أن “هناك أكثر من 22 منفذا غير مرخصة تقوم بتهريب البضائع والسلع من دول جوار إلى العراق دون اية مراقبة أو استحصال كمرك”، لافتا إلى أن “الورقة البيضاء التي أعدتها الحكومة تتحدث عن إصلاح المنافذ الحدودية وضريبة الدخل والقطاع الخاص وزيادة ايرادات الخزينة”.

وأعلنت هيئة المنافذ الحدودية، الاثنين، إحصائية بمجمل المخالفات التي تم ضبطها في المنافذ الحدودية وتحت مسميات مختلفة وبواقع (988) مخالفة للفترة من 1/1 ولغاية 6/30 لعام 2020.

وقالت الهيئة في بيان: “اندرجت إحصائية مجمل المخالفات التي تم ضبطها في المنافذ الحدودية وتحت مسميات مختلفة وبواقع (988) مخالفة للفترة من 1/1 ولغاية 6/30 لعام 2020″، مشيرة الى أن “تلك المخالفات بمسميات متعددة والمتمثلة برصد (285) مخالفة تخص الدعاوى الكمركية المحالة إلى القضاء والمراكز الكمركية”.

وأضافت، “كذلك كانت هنالك (534) مخالفة تم ضبطها من قبل مقر الهيئة من قسم متخصص بمراقبة المنافذ الحدودية بالكاميرات ودورهم في مراجعة الإجراءات الخاصة بالمعاملات الكمركية وضبط العديد من المخالفات من قبلهم فيما يتعلق بالتلاعب في استيفاء فروقات الترسيم ومحاسبة مرتكبيها باحالتهم إلى الجهات القضائية”.

وتابعت، “كما تم ضبط (129) مخالفة تحت مسمى تهريب الأدوية والعجلات دون الموديل غير المسموح باستيرادها ودخولها البلاد لمخالفتها الضوابط والتعليمات النافذة، كما كانت الجهود مكثفة ومن أولويات اهتمام هيئة المنافذ الحدودية في متابعة ورصد تهريب المخدرات حيث تم ضبط (40) مخالفة من قبل ملاكات الهيئة وبالتعاون والتنسيق المشترك مع الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية لمكافحة هذه الآفة الخطيرة التي تهدد النسيج الاجتماعي”. واوضحت، أن “ما تحقق من إنجاز ضبط المخالفات على عموم المنافذ الحدودية الاتحادية جاء نتيجة إجراءات الهيئة وتطبيق ستراتيجيتها الجديدة في تدقيق كافة الإجراءات الكمركية للمعاملات والارساليات المنجزة والتي تحقق من خلالها ضبط هذه المخالفات، وكذلك نتيجة تشديد الإجراءات الرقابية والتدقيقية الصارمة على عمل الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية مع التأكيد على عدم التدخل في الجوانب الفنية لعملها”.

واشارت الى أن “التعاون المشترك وتنفيذ سير المعاملات الكمركية وفق الضوابط والتعليمات كان له الأثر الإيجابي في زيادة الإيرادات المتحققة من عملية الحركة التجارية المتوجهة نحو تعظيم موارد الدولة ودعم الموازنة الاتحادية في ظل الظروف المالية والاقتصادية الراهنة، مع الاخذ بنظر الاعتبار دعم المنتج والصناعة المحلية والالتزام بالتعليمات الصادرة وفق الروزنامة الزراعية ومحاربة سياسة إغراق السوق بالمنتجات غير الضرورية لضمان استقرار الأسعار في الأسواق المحلية”.

وبينت أن “الارتفاع الحاصل في نسبة الإيرادات المتحققة في المنافذ الحدودية جاء بالرغم من اغلاق المنافذ الحدودية البرية مع الجارتين إيران والكويت بسبب جائحة كورونا وكذلك قرار تصفير الرسوم الكمركية للمواد الغذائية والصحية والزراعية وكل المواد المعنية بمكافحة وباء كورونا المستجد”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here