الفرق البين بين الدولتين

الخطوة الأولى و الأهم في حفظ هيبة الدولة و احترام مؤسساتها و صيانة أمن المواطنيين هو المنع التام و الحظر الصارم لأي شكل من اشكال المظاهر المسلحة و التي تكون خارج شرعية الدولة و هي بالتالي تكون خارجة على النظام العام و القانون و لا توجد دولة محترمة في هذا العالم تستحق ذلك الوصف و ان تكون هناك ميليشيات مسلحة و عصابات اجرامية تهيمن و تهدد حياة المواطنيين و لا تستطيع اجهزة الدولة تلك من ردع تلك المجاميع المسلحة و القاء القبض على زعمائها و افرادها و تجريدهم من السلاح و اغلاق مقارهم و مكاتبهم و الزج بهم في السجون و المعتقلات و كذلك ايقاف منابرهم الأعلامية حيث لا يمكن ان تكون للعصابات الأجرامية الخارجة على القانون صحف و اذاعات و حتى قنوات تلفزيونية تروج لأفكارها و معتقداتها و تبرر اعمالها .

كانت الفصائل المسلحة في العراق قد تشكلت حتى قبل الأحتلال ( الداعشي ) فقد كانت تلك الفصائل تقاتل وتحارب تنظيم ( القاعدة ) و كان من ابرز تلك الفصائل ( جيش المهدي ) التابع الى التيار الصدري و الذي انشق عنه العديد من القيادات التي شكلت مجاميع مسلحة خاصة بها و كانت الحرب الأهلية السورية المناسبة النموذجية لتلك الفصائل في اثبات وجودها و قدراتها العسكرية و كان من ابرز تلك الفصائل التي شاركت و بفعالية في الحرب السورية ( عصائب اهل الحق ) و التي يترأسها ( قيس الخزعلي ) و كذلك فصيل ( النجباء ) و غيرها من المجاميع المسلحة التي ذهبت الى سوريا للدفاع عن المقدسات حسب ما صرح به قادتها .

كان هجوم ( داعش ) و سقوط المحافظات العراقية الثلاث تحت هيمنة و سطوة التنظيم الأجرامي ( داعش ) و التهديد الخطير الذي طال كل ارجاء البلاد و ذلك بتقصير متعمد او غير متعمد من القيادات ( السياسية و العسكرية ) و التي كان من واجبها ان تحافظ على أمن العراق و سلامة ارضه و شعبه و كان موقف تلك ( القيادات ) يصنف في مرتبة الخيانة العظمى فكان لابد من عمل شيئ ما يوقف ذلك الهجوم المتصاعد و يحد من زخمه و كانت الفتوى الشهيرة ( الجهاد الكفائي ) التي اعادت ترتيب الصفوف و تمتين حاجز الصد امام الغزاة فكان ( الحشد الشعبي ) الذي تشكل من ابناء الشعب العراقي الذين هبوا للدفاع عن بلدهم و وهبوا ارواحهم رخيصة في الذود عن العراق و شعبه .

وجدت تلك الفصائل ( الولائية ) في مؤسسة ( الحشد الشعبي ) الستار الشرعي و القانوني لممارساتها اللأشرعية و اللأقانونية فتبرقت به و من تحت خيمة الحشد الشعبي و عنوانه صارت تلك المجاميع المسلحة تهاجم الدولة و مؤسساتها و البعثات الدبلوماسية و العسكرية المعتمدة و تكيل التهديدات و تملي على( الحكومات ) المتعاقبة رسم سياساتها فكان رؤساء تلك ( الوزارات ) اما متواطئة و منسقة مع تلك الفصائل المسلحة كما حصل مع وزارة ( نوري المالكي ) او كانت خائفة حينها و تؤجل الأصطدام لما بعد الأستقرار الأمني كما كان الحال مع وزارة ( حيدر العبادي ) او كانت الأثنين معآ متواطئة و خائفة كما حصل مع وزارة المقال ( عادل عبد المهدي ) .

دولة او اللادولة هناك من يريد الدولة و هم الأكثرية الساحقة من الشعب العراقي و تعني الدولة الأمن و الأستقرار و سيادة القانون و ترسيخ النظام ما يوفر البيئة الآمنة و المطمئنة في استقدام رؤوس الأموال المستثمرة في المشاريع الأقتصادية و في مختلف المجالات و الفعاليات ما يعزز من توفير فرص العمل لعشرات الالاف من القوى العاطلة ما يقضي على البطالة و يقلص اعداد العاطلين عن العمل من خلال توفير الالاف من الوظائف و بالتالي سوف ينعكس ذلك ايجابيآ على الأقتصاد العراقي الذي سوف ينمو و يزدهر و ينهمك الجميع حينها في البناء و الأعمار و اعادة دوران عجلة الأقتصاد من جديد .

اما العصابات و الميليشيات الأجرامية هؤلاء هم من يريد اللأدولة حيث لا نظام و لا قانون يستطيع الحد من سطوتهم و سلطتهم و هؤلاء هم المستفيدين من غياب او ضعف الحكومة و اجهزتها الأمنية حتى يمارسوا اعمالهم الأجرامية في السطو و الأبتزاز و الخطف و القتل بكل حرية و علنية دون خوف من رقيب او وجل من حسيب و حينها تصبح البلاد في فوضى عارمة و طاردة للأستثمار و رؤوس الأموال المحلية و الأجنبية و حيث تعطل الصناعة و تهمل الزراعة و يزدهر التهريب و تقع موارد البلاد الأقتصادية تحت سيطرة تلك الميليشيات و العصابات و التي سوف تستحوذ على تلك الثروات التي تدخل في حسابات قادتها في البنوك العالمية و كما حدث و يحدث مع قادة الأحزاب و الميليشيات و العصابات ( العراقية ) .

لا وجود لطريق ثالث ينتصف المسافة بين الدولة و اللأدولة و الأختيار بين الأثنين واضح و جلي و على الشعب العراقي الأختيار بين الأستقرار الأمني و الأزدهار الأقتصادي و البناء و الأعمار الذي تمثله الدولة بأجهزتها و مؤسساتها السياسية و الأمنية و الأقتصادية و ان تكون جماهير الشعب المساند و الداعم القوي خلف تلك الحكومة المتصدية للعصابات و الميليشيات المسلحة ( ان كانت جادة و حازمة ) او ان يكون الشعب العراقي ( و هذا الأحتمال اقرب الى المستحيل ) في صف تلك العصابات الأجرامية التي تسرق لقمة عيشه و تعرض أمنه للخطر و تهدد كيانه السياسي و الأجتماعي بالتفكك و الأنهيار و هذا ما هو حاصل فعلآ حين تهاجم مقرات الحكومة و مؤسساتها بأسلحة و آليات الحكومة و يا للمهزلة .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here