الاقتصاد العراقي بين قرار مفوضية الاتحاد الاوروبي وتطلعات البناء

الاقتصاد العراقي بين قرار مفوضية الاتحاد الاوروبي وتطلعات البناء

الباحث الاقتصادي

هــيثـم المنصـــور

تموز 2020

يعد قرار مفوضية الاتحاد الأوروبيEUC) ) المتضمن ادراج العراق ضمن لائحة الدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي، اجراءاَ من المحتمل ان يكون له تداعيات على سياسة العراق الاقتصادية بتأثيراته المباشرة وغير مباشرة على واقع التنمية والاستثمار في حال تشديد قيود النظام المالي لبنوك الاتحاد الاوروبي ازاء نشاطات العراق المالية الدولية، اذا ماعلمنا عدم كفاية ايرادات الناتج النفطي العراقي في تمويل نشاطاته الاستثمارية الضرورية منها والسيتراتيجية ولجوئه الى الاستثمار والتمويل الخارجي من الدول الصديقة ولاسيما الاتحاد الاوروبي والبنوك الاوروبية الرئيسة، لسد العجز الحاصل في حجم ونوعية الاستثمارات اللازمة للنمو، لذا سيشكل هذا القرار في حال تنفيذه تداعيا خطيرا على مفصل مهم من مفاصل حركة التمويل والاعمار، اذ ان ادراج العراق في اللائحة المذكورة من شانه ان يهدد عملية استقطاب الاستثمار بشقيه المباشر وغير المباشر في البنى التحتية ولاسيما قطاعي النفط والكهرباء وغيرها من القطاعات التي يتطلع العراق من خلال الشراكة الاوروبية الى دعم استثماري وتكنولوجي متقدمين.

ان تنفيذ هذا القرار من شأنه ان يثير التردد والقلق للكثير من اصحاب الشركات ورؤوس الاموال في عملية نقل رأس المال او التكنولوجيا للعراق مما يعيق عملية التمويل الدولي للمشاريع والاستثمارات الضرورية لقطاع البناء والتعمير.

من جانب ذي صلة فان تأثير القرار المذكور اذا ما تم تطبيقه فعلا قد يلقي بضلاله على النظام المالي ونظام الاسعار في العراق، في اشارة الى امتداد تأثيره الى بنوك ومؤسسات دولية اخرى يتعامل معها العراق في المحافل الاقتصادية والمالية الدولية من امثلتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمنظمات المالية الاخرى فضلا عن بنوك الولايات المتحدة الاميركية،وبالتالي فان قرارا من هذا النوع سيحد من تلك التعاملات ويقلص من تأثيراتها التنموية، اذا ماعلمنا ان العراق يمتلك استثمارات غير مباشرة طويلة الاجل في مؤسسات مالية رصينة كالخزانة الاميركية، هي الاخرى قد تتأثر بهذا القرار وبشكل ينعكس على تقييمها للقدرة الائتمانية العراقية وبالتالي على مستوى الائتمان الممنوح للعراق، واعادة تقييم لوضعه المالي الدولي قد يؤثر سلبا على سياسته الاقتصادية والتنموية طويلة الاجل .

يذكر أن وزير الخارجية قد بعث رسالة لنظرائه الأوربيين مؤكدا فيها على التزام العراق ببنود مكافحة غسيل الاموال، وتمويل الإرهاب، وتخفيف المخاطر المرتبطة بهما، استنادا الى تقرير مجموعة العمل المالي (FATF) الذي اكد وجود الإجراءات الحكومية المتخذة من الجانب العراقي لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب (AML / CFT). حيث ابدى الوزير من جانبه استغرابه لما قدَّمته اللجنة من تبرير لقرارها بشأن العراق، وبين بان السلطات العراقية المُختصّة كانت تعمل طوال العامين الاخيرين لتوفير المعلومات عبر القنوات الرسمية بشأن تلبية متطلبات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بشكل جعل العراق يحقّق تطورا ملحوظا في عام 2019 ادى إلى شطبه من القائمة العالمية من قبل فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية الدولية للبلدان التي تعاني من قصور ستراتيجي في عمليات مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب.

وهنا بات لازما للحكومة العراقية ومؤسساتها المعنية، ان تزيد من احكام ضبطها لعمليات غسيل الاموال وتمويل الارهاب من خلال تنظيم حركة النشاط المالي في العراق بشكل اكثر فاعلية من ذي قبل، عبر رسم وتطبيق سيتراتيجية مالية تقنية تستقطب برنامج واضح المعالم لاستقدام التكنولوجيا الحديثة للكشف عن العمليات المذكورة وملاحقتها فنيا وقانونيا، والتقليل من آثارها على واقع حركة النشاط الاستثماري والتمويل الدولي لمشاريع البناء السيتراتيجية، ومن ثم تعزيز قدرة العراق على اجراء مفاوضات ناجحة مع الجانب الاوروبي لالغاء قرارها والتراجع في الامد المنظور.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here