البرلمان الكردستاني … الغائب الدائم الا عن المباركات

البرلمان الكردستاني … الغائب الدائم الا عن المباركات

سامان نوح

تقول الاخبار القادمة من “ولاية” السليمانية معقل الاتحاد الوطني، والتي تم ومنذ اشهر وبحجة مواجهة “كورونا” قطع جميع طرقها البرية عن ولاية “اربيل” عاصمة الديمقراطي الكردستاني، ان قيادة الاتحاد قررت تعليق مشاركة كتلتها في جلسات برلمان كردستان، بما في ذلك حضور رئيسة البرلمان القيادية في الاتحاد. وان بعض القادة الجدد في الاتحاد هددوا بتعليق أعمال فریقهم في حکومة الإقليم في الفترة المقبلة، رغم اعتراض قادة بارزين في الاتحاد على الخطوة التصعيدية.

يطالب الاتحاد الوطني، الذي يقاد حاليا بقيادة شابة مشتركة من لاهور شيخ جنكي وبافل طالباني بالشراكة الحقيقية في الحكومة، وفق الاتفاق الموقع مع الديمقراطي الكردستاني لتشكيل الحكومة، وليس المشاركة فيها، وان يتم التشاور والاتفاق معا قبل اصدار اي قرار مهم.

ويرفض الاتحاد القرارات الفردية التي يتخذها الحزب الديمقراطي الذي يسيطر على رئاستي الاقليم والحكومة وحتى رئاسة البرلمان رغم ان رئيسته من الاتحاد. ويصر الاتحاد على استقلالية قراره الامني والعسكري، الى جانب مطالبته باعتماد اللامركزية الادارية والمالية.

ويعترض الاتحاد على اصرار الديمقراطي على قراراته الحزبية، حتى التي ترفضها جميع القوى السياسية الكردية الأخرى مثل قرار رفع الحصانة عن النائب البارز سوران عمر، وهو احد ابرز نواب البرلمان والذي كان يتحدث بشكل مستمر عن ملفات الفساد، وهو مطلوب حاليا للمحاكمة في اربيل بتهمة نشر معلومات غير صحيحة عن رئيس الحكومة.

وقرر الإتحاد الوطني الكردستاني، عقب اجتماع لقيادته الجديدة عقد الأحد، تعليق حضوره لجلسات برلمان الإقليم، بما في ذلك رئيسة البرلمان ريواز فائق، رغم اعتراض بعض قادته الذين يشغلون مواقع في المكتب السياسي، وسط حديث عن استمرار الاختلاف في وجهات النظر بين بافل ولاهور.

يقول صحفيون ونشطاء مدنيون، ان تعطيل البرلمان تحصيل حاصل، فبرلمان اقليم كردستان عمليا هو معطل منذ سنوات بعيدة، يداوم شهر ويغيب عشرة، وهو لم يستطع أبدا ومنذ تأسيسه أداء أهم دورين له، المراقبة والمحاسبة، كما ان دوره في تشريع القوانين تراجع بشكل كبير في وقت ان الكثير من القوانين التي يصدرها لا تطبق اصلا، ولا صوت له ولا تأثير في اي ملف مهم. الدور الوحيد للبرلمان هو مباركة شرعية الحكومة عقب كل انتخابات درامية.

ويقول آخرون، ان الاتحاد الوطني ومعه حركة التغيير، شريكان في المصائب التي تنهال على المواطنين، بسبب مفاسد الأحزاب القائدة التي لا تتوقف، والتي معها يواصلون بناء ابراجهم التجارية العملاقة وتمديد خطوط استثماراتهم، فيما لا يستطيع الموظفون الحصول على رواتبهم، فبالكاد تسلموا قبل ايام 80% من راتب شهر شباط، وربما لن يستلموا الا في نهاية آب 60% او 70% من راتب شهر آذار.

يسأل كثيرون عن الأحجية التي تجعل أهالي الاقليم مشلولين أمام كل ما تقوم به احزابهم “التقدمية الديمقراطية” بما فيه قطع رواتبهم. والجواب رغم كل تعقيداته بسيط: لقد دمروا خلال 25 سنة من التهليل والتصفيق، الحياة الحزبية ومنعوا ولادة أحزاب حقيقية (حتى الاتحاد والديمقراطي لم يعودا حزبين)، وحولوا البرلمان الى هيكل لمهرجانات مباركة “الشرعية الانتخابية”، وأحرقوا اي امكانية لبناء مجتمع مدني بعد ان أسسوا مئات المنظمات والجمعيات الحزبية تحت يافطة المدنية، وهشموا الاعلام عقب حروبهم ضد الصحافة المستقلة وتأسيسهم “لاعلام الظل” الممول من مالهم الحلال، وتحويلهم لمئات الكتاب الى موظفين صغار عند الرفاق لا يجرؤ أكبرهم على مط شفتيه بتعليق، وفككوا القضاء وأوثقوه، وحولوا الجامعات الى كتاتيب، واحتكروا كل مفاصل العمل والاقتصاد… فكيف يمكن مواجهتهم في ظل غياب المؤسسات والأدوات.

وسط هذا الجو الملبد بألف مصيبة ومصيبة، يجري الحديث بكل تفاؤل عن الاصلاح!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here