قبيل العيد.. الركود يضرب السوق و انعدام طقوس الأضحى

بغداد /عديلة شاهين

أصبح نشاط الأسواق محدوداً بالرغم من صرف الرواتب الحكومية و ذلك لتجنب الأغلبية الذهاب الى الأسواق خوفاً من انتقال عدوى فايروس كورونا إضافة الى تجريد الكثير من وظائفهم و تقطع سبل رزقهم في ظل أزمة كورونا و الأغلاق الذي تبعها، أدخل هذه الشريحة في دوامة البطالة لذا انسحقت القدرة الشرائية لدى الأغلبية،

و مع اقتراب عيد الأضحى المبارك عجز ذوي الدخل المحدود عن تلبية احتياجات العيد لأكتوائهم بنار الأحوال المعيشية الصعبة لذا اتجه معظم المواطنين الى خفض عدد السلع التي يحتاجونها للعيد و تأجيل شراء الملابس و الأضاحي للعام المقبل، و أقبلوا على اقتناء السلع الأساسية أما ما تبقى من احتياجات العائلة فيتم تدوينها في دفتر الديون أو الشراء بالتقسيط بالاتفاق مع أصحاب المحال التجارية الذين وجدوا أنفسهم أمام خيارات عدة لتصريف بضائعهم كوضع مغريات و عروض و خصومات لركود حركة البيع .

العيد بثياب قديمة!

يشهد سوق الملابس رواجاً كبيراً خاصة في مواسم الأعياد إلا أنه لم يشهد الإقبال نفسه هذا العام مما أدى الى زيادة المعروض في السوق ، يقول السيد محمد أحمد /صاحب محل ملابس نسائية : كنا دائماً نستعد لهذه الأيام التي تسبق الأعياد لتصريف الكثير من البضائع أما الآن، أصبح هدفنا الوحيد بيع ما يتوفر في المحلات لاقتناء معظم الناس الملابس الضرورية جداً، و مشهد الإقبال على شراء الملابس في هذه الأيام لم يعد نفسه كالسابق و لم يتم بيع قطعة ملابس إلا بعد مفاوضات طويلة ربما تنتهي بالبيع بسعر التكلفة ، لذا أجبرنا على تخفيض الأسعار و تقديم العروض مثلاً (اشتري قطعة و الثانية مجاناً) لمواجهة ضعف القدرة الشرائية للمواطن الناتجة عن وباء كورونا الذي طمس فرحة العيد و غيره من أنماط الحياة الاجتماعية .

و التقط طرف الحديث السيد علي هادي /صاحب محل بيع ملابس “الباله” أو (اللانكه) ليقول : مع ضعف الأقبال و الطلب على الألبسة الجاهزة لهذا الموسم اتجهت شريحة كبيرة من المجتمع الى شراء الملابس من أسواق “الباله” و ذلك لانخفاض أسعارها و جودة أقمشتها و تتوفر قطع ممتازة بحكم الجديدة، و في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي فرضه كورونا لم تتمكن معظم العوائل و التي تمتلك ٥ أو ٦ أفراد من شراء الملابس الجديدة ، و يتحدث زبائني دائماً عن غلاء أسعار الملابس الجاهزة مع رداءة جودتها قياساً بملابس “الباله”، و أضاف السيد علي للمدى : إن جميع الملابس التي تصلنا تأتي معقمة من المصدر المورد لنا و هي خاضعة لعمليات عدة من غسل و تطهير قبل دخولها البلاد و بالرغم من ذلك يتم تعقيمها مرة أخرى من قبل الزبون بعد الشراء

أضحى بلا أضحية

و شهدت أسواق المواشي أيضاً إقبالاً متواضعاً هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية بسبب الالتزامات المالية الكثيرة للأسرة في ظل وباء كورونا يقول السيد خالد عبد الله (تاجر مواشي) : تراجع الإقبال على أضاحي العيد مقارنة بالعام الماضي نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطن أولاً و تخوف الكثير من التجمعات أثناء الذبح ثانياً مؤكداً للمدى : أن أسعار الاضاحي هذا العام لم تختلف عن العام الماضي حيث يتراوح سعر الخروف من ٣٠٠ الى ٤٠٠ ألف دينار عراقي و سعر المفرد من الجاموس و الأبقار من مليون الى مليون و نصف دينار عراقي و إن الإقبال على شراء الماعز و الأغنام أكثر من معدلات شراء الأبقار و الجاموس و لأن العيد هذا العام يأتي في ظروف خاصة و تعذر الكثيرين من توفير قوتهم اليومي فيعد شراؤهم للأضحية ضرباً من الخيال، أيضاً الانقطاع المستمر في التيار الكهربائي أدى الى عزوف البعض عن شراء الأضاحي تخوفاً من تلف اللحوم سريعاً في هذه الأجواء شديدة الحرارة.

مضيفاً : الكثير من الزبائن الذين اعرفهم فقدوا عملهم بسبب الجائحة لذا تعذر عليهم الشراء هذا العيد و هم بحاجة الى مد يد العون و مساعدتهم، و نحن تجار المواشي نعاني أيضاً من ارتفاع تكلفة تربية المواشي و ارتفاع أسعار الأعلاف فعندما يقل الطلب على شرائها سنواجه أزمة اقتصادية كبيرة لذا سنضطر الى البيع بنظام التقسيط للزبائن المعروفين لمواجهة هذا التراجع الحاد في الإقبال على الأضاحي بالرغم من عدم موافقتنا في السابق على البيع بالتقسيط و سيتبارى تجار المواشي في المنافسة لتقديم أفضل الأسعار و الخدمات كتوصيل الأضحية الى المنازل أو الذبح بالمجان مع تقديم تطمينات للزبون بالالتزام بالشروط الصحية و تطبيق التباعد الاجتماعي تجنباً للتجمهر عند ذبح الأضاحي ، أيضاً سيتجه الكثير من الزبائن هذا العام الى الشراكة في الذبح و لربما يشترك ٧ أو ٨ أفراد في جمع ثمن عجل أو بقرة لوفرة لحومها و لسد حاجة التوزيع على الأهل و الأصدقاء و الجيران و الاحتفاظ بالجزء اليسير منها للاستهلاك الشخصي.

مصابو كورونا أقل من المفلسين

و يعتبر الخبير الاقتصادي السيد حسن الطائي أن أعداد مصابي كورونا و قتلاه أقل بكثير ممن تعرضوا لضائقة مادية نتيجة ترك أعمالهم منذ انتشار الوباء لذا لم تعد لهم مقدرة على شراء مستلزمات العيد و الأضاحي. لافتاً الى أن السلع دائماً تخضع للعرض و الطلب و مع ضعف الاقبال عليها و اكتفاء الكثير من المواطنين بالسلع الأساسية أدى ذلك الى كساد الأسواق،

مؤكداً : إن عيد الاضحى هذا العام هو الأسوأ اقتصادياً بسبب أزمة فايروس كورونا و ارتفاع معدلات البطالة و الفقر

و أوضح الطائي : إن الكثير من الحكومات تتدخل عند بدء كساد الأسواق و ذلك بضخ أموال على شكل قروض لتحريك عجلة الاقتصاد أما في بلادنا فأن قطاعات كثيرة وقعت في فخ المديونية و إذا ما استمر الوضع الاقتصادي على ما هو عليه فإن السيولة ستنفذ لدى التجار مما يؤدي الى نتائج سلبية بعيدة المدى و انخفاض النشاط الاقتصادي بشكل عام مع هبوط في مؤشر النمو الاقتصادي و ستكون الأضرار طويلة الأجل لجائحة كورونا شديدة على الاقتصاد المحلي الذي يعاني في الأصل من أزمات مالية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here