وجدت جماهير الشعب في صحافة الحزب الشيوعي العراقي آمالها وطموحاتها وهمومها

وجدت جماهير الشعب في صحافة الحزب الشيوعي العراقي آمالها وطموحاتها وهمومها

يوسف أبو الفوز

لم يكن صدور، «كفاح الشعب»، أول صحيفة شيوعية عراقية، في31 تموز 1935، وبشكل سري، رغبة شخصية لقائد سياسي، وإنما جاء تنفيذا لسياسة حزب بدأ بمد جذوره عميقا في تربة الوطن وحاجته إلى صحيفة مركزية ناطقة باسمه لتنشر أفكاره وسياسته وبرامجه، وليكسر احتكار الأفكار ونشر المعلومات الذي كانت تقوم به الصحافة الرسمية الحكومية المرتهنة سياساتها بعجلة الاستعمار والاحتكار، والتي كانت تظلل جماهير الشعب بأفكارها الرجعية والعميلة. هكذا أصبحت “كفاح الشعب” أول صحيفة عراقية تصدر سرا، لتفتح السجل النضالي الحافل للصحافة الشيوعية في العراق، التي لعبت دورا نضاليا بارزا في نضال القوى الوطنية المكافحة من اجل سعادة الشعب وحرية الوطن، ووفقا للمبدأ اللينيني، في العمل السياسي والفكري، الذي آمن بأن «الصحيفة ليست فقط داعية جماعيا ومحرضا جماعيا، بل هي في الوقت نفسه منظم جماعي». ان المؤرخ والمتابع لتاريخ الصحافة الشيوعية في العراق، لا يمكنه تجاوز دورها المجيد في ارساء تقاليد عمل جديدة في تاريخ الصحافة العراقية، ولا يمكنه الا ان يذكر دورها الريادي في كشف وفضح سياسات الحكومات العميلة المرتبطة بسياسة الاستعمار وقوى الاحتكار، وتبنيها لتطلعات الكادحين. ومع توالي اصدار الحزب الشيوعي، العديد من الصحف السرية والعلنية، التي تعددت مسمياتها، ارتباطا بالظروف النضالية والسياسية التي عاشها، فإن الصحافة الشيوعية ظلت وفية ومخلصة للمبادئ التي ارساها الرواد الأوائل، فلم تكن مجرد صوت لإيصال سياسة الحزب وبرامجه فقط، بل كانت ميدانا لنشر الفكر التقدمي في مختلف جوانب الحياة. أصبحت جماهير الشعب تقرأ في صحافة الحزب الشيوعي العراقي آمالها وطموحاتها وهمومها، ولهذا كان انتظام صدور صحافة الحزب يشكل معنى كبيرا لدى جماهير الكادحين وأعضاء وأصدقاء الحزب، ولهذا السبب كانت صحافة الحزب السرية في فترات نضالية عديدة توزع أعدادا أكثر من الصحف العلنية الرسمية، واصبحت مدرسة لأجيال من الصحفيين والمثقفين العراقيين، الذين على صفحاتها تعلموا وشقوا طريقهم في ميدان العمل في الصحافة والأدب. وخلال مسيرتها النضالية الحافلة بالأمجاد من اجل مستقبل أفضل لأبناء شعبنا، قدمت صحافة الحزب الشيوعي العراقي كوكبة خالدة من الشهداء المناضلين والصحفيين، نستذكر منهم الشهداء محمد الشبيبي، عبد الرحيم شريف، محمد حسين أبو العيس، جمال الحيدري، نافع يونس، عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)، عدنان البراك، ولا ننسى زكي خيري وشمران الياسري وعامر عبد الله وغيرهم كثيرون ممن يطول تعداد أسمائهم.
هذا الملف، تقدمه طريق الشعب، تحية للذكرى الخامسة والثمانين لصدور اول صحيفة شيوعية، وإجلالا لذكرى الرواد الأوائل، وشهداء الصحافة الشيوعية الذين بدمهم قبل الحبر سطروا مجد الكلمة المناضلة الصادقة.
تحية التقدير لآلاف المراسلين المجهولين الذين كانوا يغذون صحافة الحزب بالمعلومات والوقائع ويجعلونها صحافة الناس التي تعبر عن امالهم وتطلعاتهم وقريبة الى نبض الكادحين.
تحية للجهود المثابرة التي تواصل العمل، رغم كل العوائق، لتبقى صحافة الحزب ميدانا للأفكار الشجاعة والتقدمية، التي تعمل لأجل بناء عراق ديمقراطي، فيدرالي، تعددي، ينعم فيه المواطن بحياة حرة كريمة تحت ظل القانون، بعيدا عن أي فكر تعسفي ظلامي، يصادر حق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة الآمنة.

*عن طريق الشعب العدد 182 ليوم 31 تموز 2020/ كلمة الملف الخاص بمناسبة الاحتفال بيوم الصحافة الشيوعية العراقية
** البوستر للفنان المبدع فراس البصري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here