ناشطون يرحبون بكشف قتلة الاحتجاجات الأخيرة: ملف شهداء تشرين تعرقله جهات سياسية

توقع ناشطون ومتظاهرون ان تواجه الحكومة صعوبات في كشف هوية باقي قتلة المحتجين في اعقاب احداث تشرين، بعد أن كشفت الاخيرة عن المتورطين في مقتل متظاهرين في الموجة الجديدة للاحتجاجات.

ويعتقد معنيون بالحراك الشعبي، ان العنف الذي رافق الاحتجاج منذ اندلاعه قبل 10 اشهر، كان موجهًا من قبل ضباط كبار في الاجهزة الامنية وفصائل مسلحة مرتبطة بزعامات سياسية. وأكد رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الخميس الماضي، “وفاء” حكومته بوعدها في الكشف عن قتلة متظاهري ساحة التحرير يوم الاثنين الماضي خلال 72 ساعة.

وقال في تغريدة على حسابه في تويتر: “وعدنا شعبنا بكشف الحقائق حول أحداث ساحة التحرير خلال 72 ساعة، وفعلنا، ونحن ماضون إلى فتح التحقيق بكل المتورطين بالدم العراقي بعد أن أعلنا قوائم الشهداء”.

وأضاف، أن “قوى الأمن البطلة هدفها حماية أرواح العراقيين. المتجاوزون لا يمثلون مؤسساتنا الأمنية، شعبنا هو ثروتنا ورصيدنا”. واعلن وزير الداخلية، عثمان الغانمي، الخميس الماضي، نتائج لجنة تقصي الحقائق بأحداث ساحتي التحرير والطيران في بغداد ليلة 26/27 تموز الجاري والتي أسفرت عن مقتل اثنين من المتظاهرين. وقال الغانمي في مؤتمر صحفي إن “التحقيقات أثبتت بأن الشهيدين من المتظاهرين أصيبا ببنادق صيد”. وأضاف أن بنادق الصيد استخدمت من قبل 3 منتسبين بشكل شخصي، مبينًا أن قاضي التحقيق قرر إيقاف المنتسبين المتهمين بإطلاق النار على المتظاهرين. ويأتي هذا الاعتراف متناقضا مع تصريحات وزارة الداخلية التي قالت في وقت سابق، بانها كانت قد رصدت “عصابات” و”مجرمين” في داخل ساحة التحرير، تهدف الى تخريب التظاهرات. والمتهمون الثلاثة بقتل المتظاهرين، كما أعلنهم وزير الداخلية عثمان الغانمي هم كل من الرائد أحمد سلام غضيب، معاون آمر الفوج الرابع من اللواء الثاني في قوة حفظ القانون، واعترف صراحة باستخدامه سلاحه الشخصي وتم العثور عليه في سيارته مع 143 خرطوشة، والملازم حسين جبار جهاد، آمر السرية الثانية، واعترف باستخدامه بندقية الصيد، والمنتسب علاء فاضل من قوة حفظ القانون، وقد صدقت أقوالهم أمام قاضي التحقيق المختص، وقرر توقيفهم وفق المادة 406 من قانون العقوبات العراقي. وكان الناطق باسم الحكومة احمد ملا طلال، قال في وقت سابق ان نتائج التحقيقات اظهرت مقتل متظاهر بـ”الرصاص الحي برصاصة قريبة، رغم ان القوات الامنية تبعد 45 مترا عن المتظاهرين”، وهي رواية تناقض تصريحات الداخلية. وأشار الغانمي في المؤتمر الاخير، إلى تشكيل مجلس تحقيق في وزارة الداخلية لمحاسبة المقصرين، داعيًا المتظاهرين السلميين إلى الحفاظ على سلمية التظاهر.

من يصدر الأوامر؟

موسى رضا، ناشط في بغداد يقول لـ(المدى): “خطوة جيدة من الحكومة انها كشفت اسماء القتلة، لكننا غير مقتنعين ان تلك الجرائم جاءت بقرارات شخصية وليست وراءها جهات اخرى”. وكانت نتائج تحقيق اللجنة التي شكلتها حكومة عادل عبد المهدي، باحداث اول 10 ايام من الاحتجاجات في تشرين الاول الماضي، غطت على “اوامر” ضرب المتظاهرين و”هوية القناصين”. ويضيف رضا: “لم نفارق ساحات الاحتجاجات، ونعرف ان فصائل مسلحة وضابط كبار متورطين في قتل المتظاهرين، لكن يتم التستر عليهم لحسابات سياسية”.

واوصت لجنة تحقيق عبد المهدي في حينها، بإحالة عدد كبير من كبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية للقضاء على خلفية مقتل متظاهرين.

وقال تقرير اللجنة إن 149 مدنيا و8 من قوات الأمن قُتلوا في تلك الاضطرابات.

ويتابع الناشط في بغداد قائلا: “لم نسمع باحكام صدرت عن تلك الجهات الامنية، كما ان قائد عمليات ذي قار المتهم بقتل المتظاهرين، تمت مكافأته باحالته الى التقاعد!”.

وفي تموز الماضي، نقلت وكالة الأنباء الرسمية خبرا مفاده بأن الدفاع أصدرت قرارًا بنقل الفريق الركن جميل الشمري إلى امرة الوزارة، فيما كلفت الفريق الركن سعد العلاق برئاسة جامعة الدفاع. يذكر أن الفريق جميل الشمري كان يدير قيادة عمليات محافظة ذي قار وتشير أصابع الاتهام إلى أنه المسؤول عن مقتل 30 متظاهرًا في الناصرية وجرح 250 آخرين في أحداث التظاهرات الأخيرة.

لكن وزارة الدفاع رفضت اتهام الشمري ووصفته بـ”الهجمة الشرسة” بحقه، وتحميله مسؤولية دماء الضحايا من المتظاهرين في محافظة ذي قار. وظهر الشمري مطلع العام الحالي، في جامعة الدفاع الوطني للدراسات العسكرية برفقة وزير الخارجية السابق محمد الحكيم وعدد من الضباط، على الرغم من صدور مذكرة قبض بحقه منذ 1 كانون الأول 2019.

واكد تقرير الحكومة السابقة، انه لم يثبت وجود أي توجيهات رسمية من الحكومة في قمع التظاهرات، أو استخدام العنف ضد المتظاهرين، فيما بينت تعرض متظاهرين الى نيران “قناصين” لكنها لم تكشف عن هوية القناصين.

وأوصت اللجنة آنذاك بإعفاء قادة شرطة النجف والقادسية وذي قار وواسط وميسان وبغداد، وقائد عمليات ذي قار (عمليات الرافدين)، وقائد عمليات بغداد، وقائد الفرقة 11 بالجيش، وقائد الفرقة الأولى بالشرطة، وقائد اللواء 45 بالجيش، إضافة الى إحالة ضباط وعناصر أمن آخرين للقضاء لتورطهم المباشر بقتل متظاهرين.

بانتظار النتائج الكبيرة

من جهته قال الناشط مهند البغدادي لـ(المدى): “نحن بانتظار نتائج تحقيقات الحكومة بمقتل الخبير الامني هشام الهاشمي، وامجد الدهامات، ومئات الشباب الذين ذهبوا ضحية القناصة، وعشرات المفقودين الآخرين”.

واعلنت الحكومة، الخميس، أن حصيلة ضحايا الحراك الشعبي الذي شهدته البلاد منذ نحو 10 أشهر بلغت 560 قتيلا. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقده هشام داود مستشار رئيس الوزراء في بغداد، في أول تصريح رسمي بحصيلة ضحايا الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ تشرين الأول الماضي.

وقال داود إن “مجموع الشهداء منذ اندلاع ثورة تشرين الأول وحتى الآن بلغ قرابة 560 شهيدا من المدنيين والعسكريين، المظاهرات رافقها عنف غير مبرر بحق الشباب (المحتجين)”.

وأعلن داود “تشكيل الحكومة العراقية لجنة تقصي حقائق لكشف ملابسات الأحداث، وإعلان الجهات المتورطة في العنف ضد المتظاهرين”.

وأكد أن “الحكومة تسعى إلى الحد من ظاهرة الاختطاف والتغييب القسري، هدفنا دولة قانون ذات هيبة”. ولم يشر داوود في الإحصائية إلى عدد المصابين او المفقودين.

وكان مكتب الكاظمي قال في ليلة الاعترافات الكبيرة، يوم الخميس الماضي، بعدم وجود سجناء من المتظاهرين وأصحاب الرأي.

واكد المكتب في بيان صحفي، إن “الكاظمي أجرى زيارة ليلية تفقدية إلى سجن التحقيق المركزي في مطار المثنى ببغداد”.

وأضاف، أن “رئيس الحكومة اطلع على أوضاع السجناء وتأكد بنفسه من عدم وجود سجناء من المتظاهرين، وأصحاب الرأي”.

بالمقابل يقول البغدادي وعدد من المحامين المعنيين بمتابعة ملف المتظاهرين ان “هناك نحو 60 صحفيا وناشطا ومحاميا في عداد المفقودين” ابرزهم توفيق التميمي، مازن لطيف، والمحامي علي جاسب.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here