المهام الاساسية لمجلس الحبوب في انتاج واستهلاك القمح في العراق

المهام الاساسية لمجلس الحبوب في انتاج واستهلاك القمح في العراق

د. حيدر عبدالامير الغريباوي/وزارة التجارة

تتصف التجارة الخارجية لمجلس الحبوب العراقي بالتعقيد والتشابك بسبب تأثرها بالعديد من العوامل الطبيعية والاقتصادية والسياسية التي تؤثر في نموها واتجاهاتها، وفي كثير من الحالات تسيطر العوامل السياسية على العوامل الاقتصادية ، كما ترتبط بالسياسات الزراعية العامة للدولة والتي تشمل السياسات السعرية للمنتجات ومستلزمات الانتاج والسياسات التسويقية ضمن السياسة السعرية وسياسة تخطيط زراعة وتنمية انتاج المحاصيل التصديرية والتي تمتلك الدولة ميزة نسبية في انتاجها ، بمعنى آخر هناك تشابكات كثيرة في مجال سياسات التجارة الخارجية للمنتجات الزراعية وليست منفصلة عن السياسات الاقتصادية العامة

تعد تحديد التوقعات المستقبلية لإنتاج القمح في العراق من المهام الاساسية لمجلس الحبوب العراقي وذلك من خلال أعداد الدراسات والابحاث في تقييم الأمن الغذائي والتي عن طريقها يمكن معرفة كمية الاحتياجات المستقبلية من الحبوب وبالتالي برمجة الانتاج وفقاً للحاجة الاستهلاكية ومقدار نمو الطلب المتعلق بأذواق المستهلكين ومن ثم تحديد الفجوة الحبوبية (القمحية) ومقدار الكمية الواجب استيرادها أو زراعتها فتحديد الكمية المطلوبة للاستهلاك تمكننا من تحديد حجم الفجوة القمحية.

الجهاز المركزي للإحصاء المرتبط بوزارة التخطيط اعتمد معدل نمو سكاني يبلغ (3%) حتى عام 2020 . وهو اقل من معدل نمو السكان في عام 2009 والبالغ (3.2) اذا ما اعتمدنا سنة أساس 2009 لقياس احجام السكان المستقبلية، وعلى أساس معدل النمو السنوي من المتوقع إن يصل عدد السكان في عام 2025 إلى (47115780) نسمة مما يشكل ضغط اً كبيراً في الطلب على المحاصيل الغذائية ولاسيما الحبوب، وحسب تقديرات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي إن الشعب العراقي يتسم بارتفاع الفئة العمرية الفتية التي تقل أعمارهما عن (14( سنة)خارج سن العمل) إذ شكلت نسبة 44.2 من إجمالي السكان فهناك زيادة سكانية بمعدلات تفوق الزيادة في معدلات إنتاج الغذاء، اذ إن العراق يتسم بارتفاع نسبة نموه السنوي، مما يعني إن نسبة الإعالة تصل الى أكثر من 45% من السكان مما يعكس حجم الجهود المبذولة لإعالتهم.

ونشير بهذا الصدد الى ان مجموع الطلب الاستهلاكي للقمح الذي يرتبط بأعداد السكان بلغ (6.424.871) طن عام 2020 حسب التقارير المعتمدة في وزارة التخطيط العراقية وذلك باعتماد معدل استهلاك بشري يقارب (172 كغم/ للفرد/ بالسنة). وبدورها قدرت اللجنة الوطنية للأمن الغذائي (NFSC) استهلاك الحبوب بـ 46 غم/ الفرد / اليوم في عام 2018، من أجل برنامجه لدعم الغذاء يحتاج العراق ما بين 4.5 مليون طن من القمح سنويا يتم خلطها بالقمح المحلي مع حبوب مستوردة .

تقدر المساحة الزراعية الخصبة بــ 48 مليون دونم والتي تشكل حوالي (7%) من المساحة الاجمالية والتي تبلغ نحو 435 الف كم2 بما فيها المياه التي تغطي نحو 942 كم2 بنسبة(2%) من هذه المساحة , ومع كل الامكانيات التي يتمتع بها هذا القطاع في العراق الا ان مستوى الانتاج لايزال قاصراً عن الايفاء بالطلب المحلي للمنتجات الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.علماً أن وزارة الزراعة لا تستطيع اليوم أن تزرع دونمًا واحدًا من دون الاتفاق المسبق، والتفاهم مع وزارة الموارد المائية؛ بسبب الجفاف وقلة المياه، حيث أن نصف المساحة الصالحة للزراعة في العراق، وهي 22 مليون دونم تعتمد على الإرواء، وتحتاج كميات مياه لا يمكن توفيرها؛ بسبب الجفاف والمشاريع المقامة على الأنهار من قبل دول الجوار، وهو ما يدفع بوزارة الزراعة إلى وضع خطتها الزراعية، بالتنسيق مع وزارة الموارد المائية، حتى تستطيع معرفة حجم الأراضي الممكن زراعتها.

وبالنسبة لآلية تسعير الحبوب المنتجة محلياً، فأن ذلك يخضع لعدة اعتبارات داخلية تتمثل في (تنظيم السوق وتدخلات الدولة في تحديد حد اعلى لأسعار الحبوب المنتجة في العراق) ولاعتبارات خارجية تتمثل في المضاربات وانخفاض المعروض وارتفاع المعروض وارتفاع اسعار البترول حيث تكاليف الوقود أدى الى : زيادة اسعار الاسمدة ، زيادة تكاليف الانتاج التي تستخدم المكننة الزراعية ، فضلاً عن زيادة تكاليف التسويق ممثلة بارتفاع تكاليف النقل .

ان الارتفاع الحاد في اسعار المواد الغذائية والتي سببتها عوامل الجفاف وقلة الانتاج العالمي فضلاً عن ما يعانيه العراق من مشاكل احتباس كميات المياه في دول الجوار والتي تؤثر على انتاجية العراق من الحبوب ,

وفي الوضع الحالي تتمثل المهام الاساسية لمجلس الحبوب العراقي في انتاج واستهلاك القمح وذلك في اطار التدابير التي تقرها البرامج الحكومية في مجال ضبط الواردات من الحبوب والحفاظ على الانتاج الوطني، فضلاً عن توفير العملة الصعبة المترتبة على تحجيم وضبط الواردات ولعل من ابرزها التمكن من تحقيق نقلة نوعية في انتاج القمح وصلت الى انتاج (4,750) مليون طن ما مكنها من الوصول الى اعتاب الاكتفاء الذاتي ومن ثم تقليص الكميات المستوردة من الحبوب .

ويعد أيضاً مجلس الحبوب في العراق الدعامة الاساسية للأمن الغذائي في البلاد ويعتبر ركيزة للدفع بحركية تطوير القطاع الزراعي وازدهار الاقتصاد الوطني بصفة عامة، فضلاً عن الجهود المبذولة من قبل الفلاحين والمزارعين المنتجين للحبوب بصفة خاصة، والذي يقود لتحقيق الامن الغذائي والاستغناء تدريجياً عن الاستيراد الذي يثقل كاهل الخزينة العامة، مع فتح آفاق التصدير مستقبلاً، والبرامج الحكومية واستراتيجياتها عازمة لتحقيق هذه الاهداف الاستراتيجية مع توفير كامل الدعم والمساندة للقطاع الزراعي واعتبار هذه الاتجاهات استراتيجية لرفع من مستويات انتاج الحبوب ميزة نسبية تمكن من تكثيف الجهود ومجال كبير لامتصاص الايدي العاملة ومضاعفة الانتاج وتشجيع الشباب للتوجه للمشاريع الاستثمارية في المجال الزراعي وزراعة الحبوب بصفة خاصة من خلال إنشاء التعاونيات الفلاحية المنظمة لذلك .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here