زنازين مؤقتة لاغتصاب المراهقين قرب التحرير تحت أنظار حفظ القانون

اعادت قضية تعذيب واهانة مراهق بمحيط ساحة التحرير على يد قوات امنية، الحديث عن انتهاكات “غير معلنة” جرت في ساحات الاحتجاج من قبل جهات رسمية، بالتزامن مع اعلان الحكومة مسؤولية 3 عناصر امنية عن مقتل متظاهرين في موجة الاحتجاجات الاخيرة.

وتدريجيا بدأت رواية “الطرف الثالث” – المتهم بقتل المتظاهرين والتي روجت لها الحكومة السابقة- في التراجع مع ظهور دلالات جديدة عبر التحقيقات ولقطات مصورة، تتورط فيها قوات حفظ القانون، التي شكلت نواتها قبل نحو 9 سنوات، واعيدت هيكلتها العام الماضي.

واعلنت وزارة الداخلية، امس، القبض على العناصر المتورطة بتعذيب الصبي الذي ظهر في مقطع مصور وهو يتعرض إلى الاعتداء من قبل عناصر امنية، فيما اشارت الى ان هذه العناصر ستتم محاسبتها وفق القوانين النافذة.

وقال مدير دائرة العلاقات والاعلام في الوزارة اللواء سعد معن للوكالة الرسمية انه “تم القاء القبض على الفاعلين الرئيسين الذين ظهروا في مقطع فيديو وهم يقومون بتعذيب احد المواطنين، ولاتزال الجهود مستمرة لالقاء القبض على المتورطين الآخرين”.

واضاف ان “العناصر التي ارتكبت هذا الفعل الاجرامي ستتم محاسبتهم وفق القوانين النافذة سواء قانون العقوبات او من خلال قانون الخدمة والتقاعد لقوى الامن الداخلي”.

وأعلنت وزارة الداخلية، في وقت سابق، استمرار التحقيق في حادثة الصبي الذي ظهر في مقطع مصور وهو يتعرض إلى اعتداء.

وقالت الوزارة في بيان إنه “بمتابعة وزير الداخلية، توصلت مكافحة اجرام بغداد التابعة الى وكالة الوزارة لشؤون الشرطة التحقيق في حادثة الصبي الذي ظهر في إحدى مقاطع الفيديو وهو يتعرض للاعتداء من قبل عناصر مسيئة، وان الجهة الوحيدة التي تتبنى عملية التحقيق هي وزارة الداخلية حصرًا”.

واحصت الحكومة ضمن قائمة قالت انها قد اعدتها، مقتل قرابة 560 من المدنيين والعسكريين “منذ اندلاع احتجاجات تشرين وحتى الآن”، مؤكدة أن التظاهرات رافقها “عنف غير مبرر” بحق المحتجين.

ووعدت الحكومة منذ نحو 4 اشهر، باجراء تحقيق شامل في الاحداث التي رافقت الاحتجاجات منذ اندلاعها في تشرين الاول الماضي، ووعدت مؤخرا، بانها ستعلن عن “الجهات المتورطة بالعنف ضد المتظاهرين” للحفاظ على “دولة قانون ذات هيبة”، و”محاولة الحد من ظاهرة الاختطاف والتغييب”.

ويشكك ناشطون في امكانية استمرار حياد الحكومة عن نفوذ الجهات السياسية والفصائل المسلحة، او حتى بعض التشكيلات الامنية المحمية من تلك الجهات، للوصول الى الجهات التي قتلت المتظاهرين.

ناشط ومتظاهر مستمر في التواجد في ساحة التحرير، على الرغم من تقييد الحركة بسبب اجراءات مواجهة فايروس كورونا، يقول لـ(المدى): “الطرف الثالث المسؤول عن قتل المتظاهرين صار الجزء الاكبر منه معروفا الان، بعد ان اتهمت الحكومة قوات حفظ النظام (وهي قوات رسمية) مرتين بانتهاكات وجرائم ضد المحتجين”.

وأعلنت وزارة الداخلية، فجر الاحد، إحالة قائد قوات حفظ القانون، اللواء سعد خلف، إلى الإمرة على خلفية اعتداء عناصر القوة على المراهق الذي ضجت وسائل التواصل بفيديو تعذيبه.

ويعود وجود “حفظ القانون”، الى عام 2011، حيث شكل رئيس الوزراء السابق النواة الاكبر من شكل القوات الان، والتي كانت تدعى حتى اواخر العام الماضي “قوات الشغب”.

وكشف وزير الداخلية عثمان الغانمي يوم الخميس الماضي، عن مسؤولية 3 منتسبين في “قوات حفظ القانون” في حادث مقتل متظاهرين اثنين في المصادمات الاخيرة التي جرت بين القوات الامنية والمحتجين في ساحة التحرير وسط بغداد.

وقال الغانمي في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة، ان المنتسبين الذي قتلوا المتظاهرين ببنادق صيد “شخصية”، تم توقيفهم وفق المادة 406/ أولا من قانون العقوبات الخاصة بـ”القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وعقوبتها الإعدام”.

جرائم قرب التحرير

واشار الناشط في بغداد والذي طلب عدم نشر اسمه خوفا من الملاحقة من قبل بعض الجهات المسلحة، ان “قوات حفظ النظام او الشغب كانت تستخدم وسائل بشعة في تعذيب واغتصاب المراهقين في محيط ساحة التحرير”.

واضاف: “كانت هناك غرف في البنايات التجارية قرب ساحة الخلاني، تستخدمها تلك القوات وبمشاركة فصائل مسلحة للاحتجاز المؤقت للمتظاهرين وتقوم فيها باغتصاب وتعذيب الاطفال والمراهقين”.

وذكرت وزارة الداخلية في بيان، عقب حادثة تعذيب المراهق قرب ساحة الخلاني، انه تنفيذا لتوجيهات الكاظمي، الذي أمر بتحقيق فوري ودقيق، تمت المباشرة بالتحقيقات الخاصة بحادثة الاعتداء.

واضافت، انه بعد التحقيقات الأولية وجمع المعلومات والمعطيات توصلت اللجنة التحقيقية الى أن الشخص الذي ظهر في الفيديو ووقع عليه الاعتداء، “موقوف لدى مديرية مكافحة اجرام بغداد لسرقته دراجة نارية وفق قرار قاضي تحقيق محكمة الرصافة”، مبينة ان حادث الاعتداء عليه من قبل منتسبي حفظ القانون “تمت قبل حوالي عشرين يوما من تاريخ توقيفه”.

وتابعت الوزارة، انه تم تدوين أقوال المشتكي المجني عليه الذي طالب بالشكوى وتوجيه الاتهام ضد من قام بهذا الفعل، مؤكدة انه “تم التعرف على هوية مرتكبي هذا الفعل الاجرامي، وباشرت فرق العمل بإجراءات القاء القبض عليهم واحتجازهم لاستكمال التحقيق معهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإنجاز التحقيق وعرض النتائج أمام القائد العام للقوات المسلحة”.

وكانت صفحات التواصل الاجتماعي، قد ضجت السبت، بفيديو يظهر فيه المراهق وقد جرد من ملابسه بالكامل بينما يستجوبه أفراد يرتدون ملابس تبدو عسكرية، موجهين له الإهانات، بينما يقطع أحدهم شعره باستخدام آلة حادة. ويظهر المراهق في الفيديو، وهو يتوسل “الرجال” الذين حاصروه قائلًا “والله بعد ما أجي أبدًا”، وأبلغ أحد مستجوبيه بأن اسمه محمد.

واوضحت الوزارة، انه لثبوت وجود تقصير في القيادة والسيطرة من قبل قائد قوات حفظ القانون “وجه القائد العام للقوات المسلحة بإحالته إلى الإمرة وإعادة النظر بهذا التشكيل الذي من المفترض أنه تم استحداثه لتعزيز سيادة القانون وحفظ الكرامة الإنسانية ومحاربة كل المظاهر غير القانونية، لا أن يكون هو نفسه أداة خرق للقانون والاعتداء على المواطنين بالصورة البشعة”.

قوات الشغب

وشاركت قوات الشغب في العنف الذي وجه ضد المتظاهرين في اعوام 2011، 2015، 2017، 2018، وفي احتجاجات تشرين الاخيرة، فيما لا يعرف حين شكل المالكي تلك القوات، الى أي جهة امنية كانت تتبع.

وتقول مصادر امنية لـ(المدى) ان “تلك القوات كانت تتبع مكتب القائد العام، وتم تشكيل عناصرها من اقارب المالكي، ومن مدن ومناطق تابعة للمسؤولين في حزب الدعوة – جناح المالكي”.

طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، امس، بـ”القصاص العادل” بحق الجناة في قضية “الطفل”.

وقال عضو المفوضية علي البياتي في تغريدة له على منصة التواصل تويتر إن “سرعة استجابة وزارة الداخلية والتحقيق واعلان نتائج التحقيق في حادثة الاعتداء المهين على الشاب من قبل قوات حفظ النظام مؤشر ايجابي في سجل الوزارة المهني”.

البياتي أضاف أنه “ننتظر تطبيق القصاص العادل بحق الجناة وانصاف الضحية ماديا ومعنويا”.

حل “حفظ القانون”

ودعا ناشطون عقب ذلك الحادث الى حل تلك القوات، فيما تصدر على “توتير” هاشتاك “قوات حفظ القانون تنتهك القانون”، وهو الاسم الذي عرفت به “قوات الشغب” بعد ان اعاد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، عقب احداث تشرين، هيكلة تلك القوات.

وفي تشرين الاول الماضي، قال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء سعد معن ان “عمل قوات حفظ القانون سيكون حماية أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة، وهي بحجم فرقة عسكرية، مكونة من منتسبي قوات الداخلية من مكافحة الشغب وشرطة الطوارئ والرد السريع”.

وأكد ان هذه “القوات لن تستقبل متطوعين جدد”. وأشار معن الى ان “ارتباط قوات حفظ القانون سيكون بوزارة الداخلية حصرًا”.

وكان مجلس الأمن الوطني برئاسة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ، قرر في اجتماع في 14 تشرين الاول الماضي، عقب تورط “الشغب” بالعنف في التظاهرات، تشكيل قوات أمنية جديدة في العراق باسم “قوات حفظ القانون”.

وذكر بيان لمكتب رئيس الوزراء حينها “تشكيل قيادة قوات حفظ القانون لتأدية مهام حماية الفعاليات الاجتماعية الكبرى والحفاظ على القانون وتعزيز حرية التظاهر السلمي وبشكل منظم يكفله الدستور، وحماية المتظاهرين وحريتهم في التعبير عن الرأي بشكل سلمي وفي جميع المحافظات، مع مراعاة حقوق الانسان وضمان سير المرافق العامة وانسيابية حركة المرور والطرق والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وسلامة المجتمع”.

وتعد حادثة تعذيب المراهق في ساحة الخلاني، هي الثانية التي رافقت تظاهرات تشرين، حيث علقت جثة مراهق نهاية العام الماضي، قرب الساحة ايضا، بعلم القوات الامنية، وامام مئات المتظاهرين الذين تجمعوا لمشاهدة الحادث.

وأصدر متظاهرو ساحة التحرير في ذلك الوقت، بيانا استنكروا فيه الحادث، وأعلنوا براءتهم من أي أعمال تخرج عن “نطاق السلمية”.

وأظهرت مقاطع فيديو وصور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لقطات لجثة شخص وهي معلقة على أحد أعمدة الكهرباء في ساحة الوثبة قيل إنها لشخص كان قد فتح النار باتجاه المحتجين.

وأعلنت قيادة قوات حفظ القانون، عقب حادث الاعتداء على المراهق، ان واجبها الرئيس يتمثل بـ”حماية المتظاهرين”، وأي فعل سيئ هو “تصرف شخصي”.

واضافت القوة في بيان مساء السبت، “نود أن نبين لجميع المواطنين الكرام أن الواجب الرئيس لقيادتنا يتمثل بحماية المتظاهرين وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ القانون”.

وتابع البيان، وأن “اي تصرف بفعل سيئ يصدر من تصرف شخصي من قبل أي شخص يثبت إدانته لا يمس هذه القيادة ولا ابطال وزارة الداخلية كافة”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here