طلب تعديل قانون الانتخابات يحيّر مجلس النواب: رئاسة الجمهورية لم تصادق على التشريع

يتوقع برلمانيون عقد جلسة طارئة بعد عطلة العيد للتصويت على الملاحق الخاصة بتوزيع الدوائر الانتخابية في قانون الانتخابات البرلمانية تهميدا لإرساله إلى رئيس الجمهورية للمصادقة عليه ونشره في جريدة الوقائع العراقية.

تستند هذه التوقعات استنادا الى المشاورات والمحادثات القائمة بين الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل السياسية واللجان البرلمانية المختصة بعد إعلان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، السادس من شهر حزيران المقبل موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة.

ويوضح صائب خدر، عضو اللجنة القانونية بمجلس النواب في تصريح لـ(المدى) أن “هيئة رئاسة مجلس النواب، والفريق الفني، واللجنة القانونية النيابية، ورؤساء الكتل السياسية يستأنفون اجتماعاتهم بعد عطلة العيد للاتفاق على توزيع الدوائر الانتخابية لإرسالها إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليها”. وأعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في كلمة متلفزة الجمعة الماضية تأريخ السادس من حزيران ٢٠٢١ موعدًا لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة، مؤكدا انه سيعمل بكل الجهود على إنجاح هذه الانتخابات وحمايتها وتأمين مستلزماتها.

وجدد مطالبته إلى مجلس النواب بإرسال قانون الانتخابات لرئيس الجمهورية للمصادقة عليه، مشددا على أن تتمتع مفوضية الانتخابات باستقلالية كاملة، وان تجري الانتخابات البرلمانية المبكرة بوجود مراقبين دوليين.

ويضيف خدر أن “هناك انقساما داخل مجلس النواب بشأن من يطالب بإرسال ملحق توزيع الدوائر الانتخابية بشكل مباشر إلى رئيس الجمهورية وبين من يرى إحالة التوزيع الجديد إلى مجلس النواب للتصويت عليه ثم إرساله إلى رئاسة الجمهورية”.

ويوضح أن “هذه الآراء والانقسام داخل القوى السياسية ما زالت قيد البحث والدراسة، وسيتم البت بها بشكل نهائي بعد عطلة العيد”، مؤكدا أن “رئاسة مجلس النواب لم تبحث حتى هذه اللحظة إمكانية عقد جلسة استثنائية”.

صوّت مجلس النواب في شهر كانون الأول الماضي على قانون الانتخابات البرلمانية من دون جدولة أو توزيع الدوائر الانتخابية والتي تعَدّ أساسًا لإجراء الانتخاب، مما أعاق إرسال القانون إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه، ولم يحدد إلى الآن موعد لاستكمال إقرار هذه الدوائر.

وترفض كتل سياسية متنفذة إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة متحججة بظروف جائحة كورونا والأزمتين الاقتصادية والأمنية وتأخير المصادقة على قانون الانتخابات وتعطيل المحكمة الاتحادية، مشيرة إلى أن هذه المشكلات قد تدفع لإكمال الدورة البرلمانية حتى العام 2022.

ويرى النائب عن المكون الايزيدي أن “من غير الممكن إجراء تعديل على قانون الانتخابات البرلمانية والمشرع في شهر كانون الأول الماضي إلا بعد مصادقة رئيس الجمهورية عليه، ونشره في جريدة الوقائع العراقية”، مؤكدا أن “هذه الإجراءات دستورية قانونية لا يمكن تجاهلها في حال تعديل أي قانون نافذ”. ويلفت خدر إلى أن “تعديل قانون الانتخابات يحتاج في البداية إلى اتفاق على توزيع الدوائر ثم إرسالها إلى رئاسة الجمهورية ونشره في جريدة الوقائع ثم جمع تواقيع لاعادة تعديله مرة أخرى وعرضه للقراءة الاولى والثانية والتصويت عليه”، مضيفا أن “هذه العملية تتطلب وقتا لاكمال كل هذه التفاصيل”.

كانت الكتل السياسية قد اتفقت قبل التصويت على القانون، على تأجيل البت بالدوائر الانتخابية، لأنها اصطدمت بوجود أكثر من (80) قضاء وناحية متداخلة من الناحية الجغرافية والسكانية، وغياب الإحصاء السكاني، فضلا عن وجود أقضية غير مسجلة.

ومن الإشكاليات الفنية التي تواجه استكمال القانون الانتخابي تلك التي تتعلق بمسألة وجود (41) قضاء غير مسجلة في وزارة التخطيط، فضلا عن كوتا النساء إذ لا يمكن احتساب الأصوات على مستوى القضاء الذي عدد سكانه مئة ألف (…) هل سيكون لمرأة أو لرجل.

من جانبه، يوضح شيروان الدوبرداني، عضو لجنة الأقاليم والمحافظات البرلمانية أن “مجلس النواب حاليا في إجازة تشريعية بدأت من الأول من شهر تموز وستنتهي في الثالث من شهر أيلول المقبل، وبالتالي من الناحية القانونية يمكن عقد جلسة طارئة خلال الفترة المقبلة لتمرير أو إكمال قانون الانتخابات البرلمانية”. ويبين الدوبرداني في تصريح لـ(المدى) أنه “في حال طلب رئيس مجلس النواب عقد جلسة طارئة بعد عطلة العيد ستعقد هذه الجلسة لمناقشة قانون الانتخابات البرلمانية”، مؤكدا ان “اجتماعات هيئة رئاسة المجلس مع الكتل مستمرة”.

وكشف مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الانتخابية حسين الهنداوي، لـ(المدى) أول امس أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي تعهد لرئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي بإكمال قانون الانتخابات البرلمانية في فترة وجيزة بعد عطلة العيد، وإرساله إلى رئيس الجمهورية برهم صالح للمصادقة عليه.

ويشير النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى أن “هذه الاجتماعات ناقشت تعديل قانون الانتخابات والمتضمن توزيع الدوائر الانتخابية، وكيفية احتساب كوتا النساء”، منوها الى أن “الكتل البرلمانية مازالت غير متفقة على آلية توزيع الدوائر الانتخابية”.

وتنوي الكتل البرلمانية إجراء تعديلات على بعض فقرات قانون انتخابات مجلس النواب، فيما تظهر خلافات بين جهات سياسية متعددة على تحديد الفقرات والمواد التي سيتم عرضها للتعديل في جلسات مجلس النواب المقبلة.

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد قيس النوري، من المعروف، أن وضع حكومة الكاظمي يواجه حرجا واضحا بسبب عدم قدرتها على ضبط السلوكيات العدوانية المنفلتة للفصائل المسلحة وهو ما يصاعد موجات الغضب المشروع لشعب العراق، والذي يفضي في نهاية الأمر إلى تحميل الحكومة تبعات هذا الوضع.

وتابع أستاذ العلوم السياسية ان تصريحات الكاظمي، وكذلك رئيس مجلس النواب بشأن موعد الانتخابات لا تعدو كونها محاولة امتصاص غضبة الشارع العراقي، وكذلك القفز على المطالب الملحة لإنهاء الدور الشاذ للفصائل المسلحة باعتبار أن الانتخابات سوف تفرز فوز وجوه سياسية جديدة كفيلة بمعالجة أوضاع العراق.

وأضاف النوري، لكن هذا يصطدم بحقائق على الأرض لن تقبل تغيير الأوضاع متمثلة بالأحزاب الدينية وقواها المسلحة، بمعنى أن الانتخابات القادمة سوف تقع تحت تأثيرات هذه القوى ومن ثم سوف لن تتجاوز تبديل وجوه بأخرى.

وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الانتخابات النزيهة يشترط أن تتوافر لها بيئة سليمة توفر وتضمن قدرة للناخب على حرية اتخاذ القرار الصائب دون ضغوط ثقيلة من ميليشيات تمارس القتل علنا بلا خوف من مساءلة القانون.

من جانبه، قال أمين الحزب الطليعي الناصري عبد الستار الجميلي: “أعتقد أن الحديث عن انتخابات مبكرة أو أبكر، يعكس حقيقة الصراعات بين الكتل السياسية التي وصلت في عمليتها السياسية إلى طريق مسدود في ظل الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية المتزامنة، ومحاولة كل طرف أن يركب موجة الدعوة إلى الانتخابات المبكرة، في محاولة لكسب الرأي العام العراقي الذي وصل إلى مرحلة الإحباط وعدم الثقة بالحكومة والبرلمان معا”.

وتابع أمين الحزب الطليعي: من جهة أخرى يبدو أن هناك صراعا بين الحكومة والبرلمان على خلفية توارد أخبار بأن الكاظمي قد بعث بطلب إلى رئيس الجمهورية يطلب منه حل البرلمان، وبالتالي تحرك البرلمان لقطع الطريق على رئيس الحكومة بإجراء انتخابات أبكر خلال هذه السنة.

وأشار أمين الحزب الطليعي إلى أنه في كل الأحوال فإن الانتخابات إذا جرت في ظل قواعد العملية السياسية الحالية، فإنها لن تحدث أي خرق أو فرق، وبالتالي فالأمر يحتاج إلى تغيير البيئة السياسية قبل أي انتخابات عبر طرح دستور جديد يلغي الفيدرالية ويتبنى نظاما رئاسيا برلمانيا مختلطا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here