في الذكرى الاولى لرحيل الغالي شهاب

في الذكرى الاولى لرحيل الغالي شهاب
أحمد رجب
في ساعة متأخرة وبالضبط في الساعة الحادية والنصف من ليلة 4 آب 2019 اتصلت بنا واحدة من عائلتنا وقالت ان وضع الغالي شهاب الصحي متدهور جدا، ورأسا دون توقف خابرت الاخ الصديق شورش لحجز بطاقتين الى السليمانية ، وفي يوم 5 آب كنا في الطائرة المتجهة الى السليمانية حيث وصلناها يوم 6 آب قبل الطهر، وبقينا انا وام اري بالقرب من شهاب حوالي 6 ساعات وبعد الساعات الاليمة ووسط بكاء وعويل وصراخ الاخوة والاخوات والاقرباء توقف قلب عزيزنا ففجعنا جميعا وانهلت عيوننا وتساقطت الدموع وبقلوب مكلومة فقدنا الركن الاساسي والنجم الساطع لعائلتنا الغالي { شهاب عبدالرحمن قادر زنكنة} الشخصية الاجتماعية المجبوبة.
نعم يا شهاب ، عشنا معا وفي عائلتنا الكبيرة منذ الطفولة وعمر الصبا والشباب ولنا ذكريات لا تعد ولا تحصى بدءأ من بانةبورة، خانقين النفطخانة والحلة ودربندخان والسليمانية، والذكريات هذه هي مجمل تاريخ حياتنا، كانت حياتكم مليئة بالسجايا الحسنة والصفات الانسانية واخلاقكم الرجولية ، وكانت معاملتكم مع الآخرين هي الود واللطف، وكنتم رحيما و رؤوفا مع الناس المحتاجين ، وجبلا شامخا للعون والنجدة من خلال تقديمكم المساعدة مساندا وظهيرا لهم بدون بخل او منة ، وقد ملكتم كل الوصف الجميل والرائع.
ذكراياتنا كثيرة ولا ادري من اين ابدأ ؟ ذكريات الطفولة والصبا والشباب، ذكريات الحياة اليومية الحلوة ، المصارعة في حديقتنا الواسعة في النفطخانة، انا والعزيز غازي من جانب وانتم والفقيد الاخ الاكبر عبدالجبار له الذكر العطر من جانب آخر، او لعبة الطاولة وكرة القدم مع اخوتنا ، وحين اتذكر ايامنا في زمن الصبا والشباب افرح لانني عشت معكم اياما جميلة، وننهل المعرفة من منهل البيت الكبير برعاية الوالد ، كما عشنا اياما صعبة، والذكريات المرة والاليمة يوم قصف نظام صدام حسين مدينة هه له بجه { حلبجة} وكنتم هناك في صفوف الثورة الكوردية للدفاع عن حقوق عادلة لشعب آمن، وكانت قلوب العائلة والاهل جميعهم وخاصة قلبي وقلب اختكم ام آري معكم ومع الضحايا الابرياء ، وعندما التقينا في السليمانية من جديد كانت الفرحة عظيمة، وبقت الصداقة والرفقة الاخوية خلال تلك الحقبة اعظم، ويعلم الجميع وخاصة المقربون بانه جمعتني واياكم رفقة اخوية منذ كنا اطفالا وشبابا والى آخر ايامنا.
وشاء القدر ان انقطع عنكم لسنوات، وأن ابتعد، إذ جاء دوري ان اخوض النضال ضد الدكتاتورية المقيتة، واترك لكم شقيقتكم وزوجتي الغالية مع اطفالهاالخمسة ، وهم في عمر الورود ، وكانت الظروف في العراق قاسية للغاية، ملاحقات النظام، الحرب العراقية الايرانية المدمرة، والتصرفات الهوجاء من قبل النظام باحتلال الكويت، ومن ثم الهجوم الامريكي الشرس ووقوع الكارثة الكبرى، وفرض الحصار الاقتصادي، وفراغ الاسواق من المواد الغذائية، وبعد ( 14) سنة، التقيت بعائلتي زوجتي واولادي وبناتي الذين اصبحوا { شبابا وشابات} ، وتحدثوا عن شهامتكم ورعايتكم لهم بالتعاون مع الاهل، ولحد هذه اللحظة والحديث عنكم جاري بالايجاب، واتصفتم بالحلم والشجاعة والشهامة والصبر والصمت وعدم الاستسلام للظروف القاسية والحياة الصعبة والمخاطر من السلطات وانتم تحتضنون عائلة شيوعي.
ايها الراحل الكبير : تميزتم بالخصال الحميدة كالصدق والامانة والتواضع والاستقامة وعلمتم الآخرين الاخلاص وحرصتم على التعامل معهم بود ولطف واستمعتم لهم وارشدتموهم الى الطريق الصحيح والنجاح وكنتم محل ثقتهم ونلتم على احترامهم واصبحتم محبوبا عزيزا عند كل من عرفكم.
نعم ياشهاب ، كانت صفاتكم متنوعة، وفضائلكم متعددة، وكرمكم بلا حدود، وكلها من صفات اخلاقكم الحسنة، وكنتم صادقا مع الذات والاخرين، وان الصدق لازمكم ، وابتعدتم عن التهويل والكذب، وكنتم نزيها، والتزمتم بالقيم الاخلاقية بعيدا عن التكبر والغرور.
لقد تحملتم يا شهاب مسؤولية كبيرة ضمن عائلتنا الكبيرة، وكان هاجسكم سعادة الاخرين والوقوف مع المظلوم، ويسرد الاولاد قائلين: بانكم ساعدتم المصريين الكادحين الذين جاؤا من مصر ، وكانوا بحاجة ماسة للعمل من اجل إعاشة عوائلهم.
كان ديدنكم ايها الراحل ضبط النفس في الكلام، واحترمتم المقابل، وكنتم قليل الكلام، وكلامكم كان موزونا دائما، وهذه الصفات تدل بان جوهركم الانساني هي صفات الاخلاق الحسنة، هي صفات التربية التي نفتخر بها، وان حياتكم كانت حياة عمل من اجل العيش الكريم.
ان الساعات الاخيرة لحياتكم كانت اليمة وصعبة جدا وتعقدت اكثر في اللحظة الاخيرة التي توقف عندها قلبكم الكبير وسط بكاء وعويل زهور حياتكم رنج، روز، ريبوارو روند ووالدتهم، واخوكم واخوتكم واهلكم واقربائكم ، وكلنا نتذكركم دائما ونبكيكم. لكم الذكرالعطر ولروحكم السلام والسكينة. ومما يؤسفنا وبسبب وباء كورونا لا نستطيع حضور الاستذكارية السنوية في السليمانية والتي تصادف السادس من الشهر الجاري.
3/8/2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here