شركة سيمينز والكهرباء في العالم الثالث

شركة سيمينز والكهرباء في العالم الثالث
أ.د عبودي جواد حسن
جامعة عجمات\الامارات
ترجع عريفة الى منزلها المظلم بعد اكمال دروسها في النهار وتقف هذه الطفلة البالغة من العمر عشر سنوات قرب النافذة وتحاول اكمال كتابة الواجبات المنزلية قبل ان تختفي اشعة الشمس وحالما يحل الغروب يبتلع الظلام قريتها الريفية .
تعد الكهرباء سلعة نادرة في أفغانستان البلد الذي تحتضنه جبال الهندو كوش والذي شهد عقود من الصراعات والنزاعات. وبالرغم من وجود قدرة كبيرة على توليد الكهرباء يستورد هذا البلد 75% من احتياجاته من الكهرباء من الدول المجاورة برغم من وجود احتياطي كافي من الغاز والماء والرياح. حيث انه لا ينتج سنويا الا 300 ميغاواط محليا ويستورد 1000 ميغاواط من الخارج.
 
عريفة واحدة فقط من 90% من سكان البلاد الذين لا تتوفر لهم اطلاقا القدرة للحصول على الكهرباء. ”

يقول الدكتور احسان بيات الحاصل على جائزة حقوق الانسان من منظمة حقوق الانسان الافغانية عام 2006 ومؤسس ورئيس مجموعة بيات “هذا غير وليس ما تربينا عليه.”
ودكتور احسان هو من أهالي كابل والذي هاجر الى أمريكا بعد احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان. يقول خلال ما قبل الاحتلال كنا نعيش في فترة ذهبية كما يسميها ولا يتذكر بعدم وجود الكهرباء عندما كان طفلا. قال ذلك من مكتبه في شركة بيات للطاقة في بونتي فيدرا التي يقيم فيها حاليا والتي لا تبعد كثيرا عن مكاتب شركة سيمينز للطاقة في اورلاندو مضيفا عندما رجعت الى كابل في 2001 كل شيء اختفى نعم تم إعادة بناء الكثير ولكن بقيت الطاقة معدومة وهي وراء الكثير من مشاكل البلد.
ويقضي بيات كثيرا من الوقت في البلاد ويمتلك سكنا هناك يقول انه واثق حول جدوى الاستثمار في البلاد مضيفا انه من المنطق ان يحتاج الناس الى التيار الكهربائي لإدارة المعامل والحقول والبيوت. وان قطاع الطاقة قطاع واعدة وقد طورنا نظاما للتعاون مع الجماعات المحلية وتوفرت للناس فرص للعمل وكما يقول بيات ان الاستقلال الطويل الأمد في ميدان في الطاقة سيساعد البلاد على تحقيق قفزة كبيرة للدخول في القرن الواحد والعشرين

ولكن كيف لنا ان نوفر طاقة سريعة ومأمونة في بلد بنيته التحتية تالفة ومدمرة وغير ملائمة. وكان رد بيات هو ادخال نوع من الوحدات المتنقلة من الطاقة المروحية والتي توفر حوالي 41 ميغاواط من الطاقة الكهربائية لحوالي 200000 منزلا من المنازل في البلاد. وفي مرحلته النهائية سيستخدم المشروع احتياط الغاز الطبيعي والمراوح الإضافية لتوليد 200 ميغاواط من الكهرباء مع إمكانية توفير الطاقة الكهربائية لملايين من الناس.
ويوضح جوليان ايربوث كبير نواب رئيس المبيعات التجارية لشركة سيمينز للطاقة والغاز ان اخر اكبر معمل للطاقة الكهرباء الذي يشتغل بالغاز تم بناؤه في سبعينيات القرن الماضي ولذا عندما اتصل بنا دكتور بيات رحبنا كثيرا برؤيته وقررنا إيجاد افضل الحلول .
وأضاف جوليان : اختار بيات اكبر محركات الغاز المروحية وأكثرها فعالية في السوق ويمكن نصبها وتشغليها في اقل من أسبوعين
في السنوات الماضية ظلت الحكومة الأفغانية تبسط شروط الاستثمار لتعزيز الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. ويقول عبد البصير عظيمي الوكيل السابق لوزير الطاقة والمياه “عمليا هذا يعني تقديم دعم وتخفيض ضرائب وضمان اتفاقيات الشراء”. و ضاف ان مجموعة بيات للطاقة افضل مثال على الشراكة بين القطاعين العام والخاص ونحن بحاجة ماسة للطاقة لتوصيلها الى قرانا ومدننا ومناجمنا ومصانعنا والى الأماكن التي تحتاجها. واستنادا الى ما قاله ان الأفغان يدفعون 0.4 دولار لكل كيلو واط واحد من الكهرباء.
 
وتعتبر مجموعة بيات للطاقة هيئة عامة غير كلاسيكية ولكن هيئة مستثمرة تعمل لإيجاد حلول عملية لتطوير توليد الطاقة الكهربائية . ولولا الشراكة الصحيحة والقوية والعمل الجماعي التعاوني لما كان المشروع في شمالي أفغانستان ممكن. ويوضح بيات كان لدينا الأفكار والأموال وزودتنا سيمينز بالإمدادات فيما تولى شريكنا ( حلول الطاقة ذات الصلة) RPS التشغيل وقامت هيئة الطاقة الوطنية ( دا أفغانستان بريششانا شوكت) بتجهيز البنية التحتية ووقعت اتفاقية لشراء الطاقة الكهربائية منا. كما ستقوم ال (RPS ( التي جلبتها شركة سيمينز ستقوم بتشغيل معمل جديد اخر.
والجدير بالذكر ان نقص الكهرباء في أفغانستان يكون على حساب شعب تعداده 37 مليون . وفي كابول وحدها يسكن 5 مليون تقريبا وحتى الكهرباء فيها ليست مضمونة دائما. ويقول احد الأطباء الجراحين الذي يدير مستشفى خاص به في قلب كابول يقول عدم توفر الكهرباء امر خطير في المستشفيات. حيث لا يمكن بدون الكهرباء تشغيل الاشعة السينية وانقطاع الكهرباء عن القطاع الطبي يعني الحكم بالإعدام حتى الموت.
وفي الوقت الذي تدار فيه معظم المستشفيات بدعم من البطاريات المشحونة يقول هذا الطبيب في احدى الليالي انقطع التيار 30 دقيقة في مستشفى حكومي كان يعمل فيه سابقا وكان لدينا ثلاث عمليات جراحية مفتوحة وتحت التخدير وكان علينا الاستمرار مستخدمين ضوء الهواتف النقالة. ان عدم وجود كهرباء كما يقول هذا الطبيب الجراح امر خطير جدا ويمكن يعني الموت
رؤية بيات هي بدل ترك الأمور على ما هي علينا اجراء التحسينات على ما هو متوفر لدينا حيث يقول ان ما يقرب من مليون شخص يعتمدن على الكهرباء من محطة إقليم زوزجان. نامل إعادة تأهيل صناعة الغاز الذي يشغل هذه المحطة وتوفير فرص العمل للناس وتوفير الكهرباء ويعتقد بيات ان أفغانستان لا نزال بحاجة الى سلطة مركزية للتوفير ما يتطلبه البلد.
ترجمة بتصرف عن تقرير في ال BBC

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here