فاجعة مرفأ بيروت

فاجعة مرفأ بيروت

إنفجارٌ هزَّ المرفأ فتصاعَدَت فيه النيران، وتهدَّمَت أحياءٌ على رؤوس ساكنيها. هذا الإنفجار لم يشهده مرفأ في العالم ولم تشهده عاصمةٌ عربية لما نجمَ عنه من دويٍّ مَهُولٍ، ونَجَمَت عنه أضرارٌ فادحة بالأرواحِ والممتلكات.
بيروت عاصمة لبنان احترق جزءٌ مهم منها، ودُفن أهلها تحت أنقاضِ مرفأهِم وبيوتِهم وعماراتِهم.
في هذا الظرف الأسود المتفحم وفي ساعة الذهول، وتصاعد الحريق والدخان، وفي حالة الذعر الذي لم يشهده أهلُ بيروت من قبل خرجت علينا قنواتٌ عربية رجعية بدعايات وأخبار كاذبة فاشغلت نفسَها وأشغلت معها المطبلين المحليين الذين تلقفوا تلكَ الدعاياتِ وأعادوا ترديدَها من خلال بعضِ القنواتِ اللبنانية المغرضة. تناسى المطبلون المصيبةَ وتناسوا واجباتِهم الوطنية والإنسانية بالعمل وبالمشاركة لإطفاء الحريق، أو العمل على إنقاذ الجرحى والأشلاء التي تلتهمها النيران الملتهبة. لقد خرجَ من أبواقِهم أن الإنفجارَ والحريقَ شب في أطنان المواد الكيمياوية والأسلحة التي خزنها حزب الله في عنبر رقم 12 من عنابرالمرفأ منذ أكثر من إثني عشر سنة خلت، ثم طلبت رؤوسُ الفساد اللبنانية المرتبطة بالخارج بتدويل الحادث في المحاكم الدولية المختصة بارتياح وسط عويلِ الجرحى والمكلومين وكأنهم فعلوا شيئا من شأنه تخفيف الضرر، وكأن السيناريو مُعَدٌ من قبل ولم يفاجئْهم الدمارُ الذي حَلَّ ببيروت.
هذا السلوك الشنيع الذي إرتكبه الساسة الفاسدون، ببغاوات الخارج غرضه هو حشر حزب الله والمقاومة في عنق الزجاجة من أجل بقاء وجود كيان إسرائيل المهدد بالزوال الحتمي، ولرفع الشك عن المتسبب الحقيقي الذي ينتمي اليهم، ورفع الشبهة عن دسائس كثيرة هم ارتكبوها بتخزين هذه المواد الخطرة في ظروف ونوايا هم يعرفونها وقد حانَ قِطافُ نتائجِها وفق حساباتهم التي تعمل كذلك على تحقيق مآرب ومصالح الغرب ولا ترتبط بمصلحة لبنان.
لقد جاءت زيارة الرئيس الفرنسي الى بيروت عقب التفجير نقمة على حلفائه السياسيين اللبنانيين، بينما هم استبشروا خيرا بوصول طائرتة الى مطار بيروت وحطت فيها. لقد جاءت تصريحات ماكرون مغايرة لما حلموا به، وعندما التقى ممثلين من حزب الله وتباحث معهم صاروا أقزاما وفشلوا. فحزب الله لم يتمن اللقاء بالفرنسي لكن اللقاء جاء برغبة منه لمعرفته بعمق جذور الحزب داخل المجتمع اللبناني وأنه الصورة السياسية الحقيقية المؤثرة للبنان الدولة.
إن الحدثَ الأكبر وضع دولة لبنان على نمطٍ سياسي ووطني آخر حال ظهور أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله على وسائل الإعلام مكذبا تلك الإدعاءات ووبخَ المُروجينَ للإشاعات والمُحَرضين باتجاه الطائفية. طبعا تكذيب سماحة السيد يأخذ به العدو ويصدقه قبل الصديق. فحجته وطريقة طرحه تعبر عن رجل صادق مع الله قبل العباد. ومن سمات الصادق هي النزاهة والخلق الرفيع والإلتزام بالثوابت الوطنية.
ثم خرج دولة رئيس الوزراء حسن ذياب على شعبه وأعلن ضرورة القيام بانتخابات نيابية مبكرة من أجل تجديد الوجه السياسي في البلاد لمصلحة بناء الدولة ومصلحة ومستقبل شعبه المتضرر.
هذان الحدثان وضعا الطرف المشاكس على المحك مما أثار حفيظته بإثارة الشغب والإعتداء على مؤسسات الدولة وعناصر الجيش، وإحراق بعض المحال التجارية. كل هذه الفعاليات البائسة اليائسة يقابلها السلوك المحمود الذي تنتهجه قوى الجيش والمقاومة صونا لمصلحة لبنان بينما قوة المقاومة في الداخل تساوي قوتها في مواجهة الخطر الخارجي، فلا خوفٌ عليها.
ومن جانب آخر ظهر على السطح إهتمامُ المجتمع الدولي بالحدث وقد عرض على لبنان مساعدات عاجلة كان أهمها المساعدات الطبية والغذائية. فكان من بين الدول التي حرصت على سرعة تقديم المساعدات بأعلى مستوياتها كما ونوعا هي الجمهورية الإسلامية في إيران ، ثم سورية التي أخلت مستشفياتها في دمشق خلال ساعة واحدة لإستقبال الجرحى بشكل فوري لمعالجتهم بدافع الأخوة والجيرة والإنسانية، وكذلك العراق الذي قدم المساعدات الطبية والبترولية، كموقف يفخر به العراقيون ويتمنون على حكومتهم تقديم المزيد لأشقائهم اللبنانيين.
مساعدات أخرى عاجلة أيضا وصلت الى بيروت من تونس الحبيبة والجزائر فخر العروبة ومصر الطيبة وقطر والكويت ومن دول أخرى شقيقة وصديقة.
أما مملكة آل سعود فقد انشغلت وأشغلت قنواتها بالتحريض والترويج ونشر التلفيقات، تتبعها الإمارات على نفس النهج.
يبقى الأمر المهم هو بقاء الملف تحت أمرة الجيش اللبناني الذي يثق به اللبنانيون والعالم وكذلك القضاء بكفائته في التحقيق لتقديم المقصرين المغرضين الى محكمة العدل الوطنية للقصاص ممن يستحق القصاص، وإعادة بناء المرفأ الى ما هو أفضل، وتبقى الصين هي محل الثقة عند اللبنانيين في إنجاز هذه المهمة مهما صعبت وتعاظمت.
لقد ضاقت الأحوال ذرعا ببيروت، لكنها ستنفرج وتتيسرمادام فيها مِن المخلصين مِن أبنائها مَن يستوعب الصدمة ولن يختبىء خلف الركام.
قاسم محمد الكفائي/ كندا
Twitter….Qasim4canada

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here