قانون العنف الأسري… أداة لتفكيك الأسرة والمجتمع!!!

قانون العنف الأسري… أداة لتفكيك الأسرة والمجتمع!!!

بقلم : سلام موسى جعفر

صياغة العنوان قد توحي للقارئ، لأول وهلة، وكأني أقف الى جانب تعنيف المرأة داخل الأسرة. ومع ذلك وجدت العنوان مناسبة قد تُحْدِث صدمة لدى القارئ، تدفعه الى مواصلة قراءة المقال الموجز!
منذ طفولتي وأنا أنظر الى النساء باعتبارهن مصدراً للجمال والطيبة. في العام 1963 وبعد الانقلاب الفاشي هربت عائلتنا من الحلة الى بغداد. وصادف في تلك الأيام اني كنت أشاهد يومياً طالبات الجامعة في باب المعظم وهن في طريقهن الى الكليات. الصورة التي نشأت داخل رأسي منذ ذلك الحين، انهن كن أشبه بالأزهار الملونة في حديقة عامة. ولا زلت أرى النساء على هذه الصورة الجمالية معززة بإيماني الذي لا يتزعزع بالقدرات العقلية والعلمية والتحليلية والذكاء الاداري التي لا تقل عن قدرات الرجل، بل تتفوق عليه في كثير من المجالات. مبدأ المساواة ورفض العنف الذي أدعو اليه يستند على هذا الايمان. في هذه الحالة ربما سيسأل القارئ لماذا اذن تعتبر قانون العنف الاسري من أدوات تفكيك الأسرة والمجتمع؟!
في اليوم الأسود الثلاثاء الفائت الرابع من شهر آب حيث حلت كارثة تفجير أو انفجار ميناء بيروت، وبينما القلوب والعقول متوجهة نحو الحبيبة بيروت، وقد سالت دماء بناتها وأبنائها غزيرة على أرصفتها وفي شوارعها وداخل بيوتها، كان مجلس الوزراء العراقي قد أقر “قانون العنف الأسري” وأرسله الى البرلمان.
قصة مشروع القانون طويلة جدا وتحتاج الى عشرات الصفحات. وبدون الدخول في التفاصيل فان القانون الذي اقره مجلس الوزراء عبارة عن تعديلات أساسية فرضتها جهات دولية وتبنتها منظمات المجتمع المدني وصحف محلية ودعت اليها مواقع إعلامية صهيونية بتمويل اماراتي. منها على سبيل المثال الصحيفة الإلكترونية ” رصيف22″
التعديلات على مشروع القانون يخص “المشمولين” بالعنف الاسري الواردة في القانون. فبينما كان تعريف الاسرة في القانون الأصلي المقترح “مجموعة أشخاص طبيعيين تربطهم رابطة الزوجية والقرابة إلى الدرجة الرابعة” صارت الاسرة في القانون الذي أقره الكاظمي لتشمل “الأفراد الذين هم في علاقة حميمة أو كانوا في علاقة حميمة، بما يشمل علاقات غير المتزوجين، أي المتعاشرين وعلاقات المثلية”
اعتراضي ليس على منع استخدام العنف ضد هذه المجموعات، بل اعتراضي على اعتبارهم جزء من الأسرة. ففي هذا الضم بالضبط خُبأت قنبلة تفكيك الأسرة، التي هي الوحدة الأساسية للمجتمع. فاذا ما تم تفكيك الأسرة تفكك المجتمع.
إضافة إلى هذا التعديل الذي وصفته بالقنبلة المزروعة لتفكيك الاسرة فالمجتمع، شجع المشرع على تحويل الجار أو زميل العمل الى “مخبر” يقع عليه واجب إبلاغ السلطات بأي اشتباه بوقوع عنف اسري، مع احتفاظ المخبر بحقه أن يكون مجهولاً. وباسم هذا الحق لن تتوفر الفرصة للتحقق من صدق او كذب المخبر. هذه عودة الى المجتمع البوليسي الذي ساد في عهد صدام حسين.
بلا أي شك يجب علينا دعم تشريع قانوني يمنع العنف الاسري، ومنع العنف ضد المرأة بصورة عامة. ولكن من غير المعقول في ظل مجتمعاتنا حبس الأب بسبب رفضه لقيام ابنته بمعاشرة عشيقها في غرفة نومها وفي بيته!
شخصياً أقف ووقفت بقوة الى جانب حرية المرأة في مجتمع ذكوري. حرية المرأة لا تتم بتشريع مفروض على المجتمع من الخارج، بل عملية تربوية وتوعوية طويلة تتطلب تغير جذري في الدور الاقتصادي للمرأة والوضع الاقتصادي للعائلة تؤثر فيها عوامل عديدة منها التحصيل العلمي. حرية المرأة لا تعني بالضرورة حرية الممارسة الجنسية خارج اطار العلاقات الزوجية، فلماذا يجري التركيز على هذا الجانب دائما في حديث الجهات الدولية مع المشرع العراقي وممارسة الضغوط عليه؟
أكتفي بهذا العرض السريع المبسط لمخاطر تطبيق هذا القانون، كما أقره مجلس الوزراء وأدعو الصديقات والأصدقاء المقتنعين بوجهة نظري الى إعادة نشره. دعونا نتكاتف لمنع تمريره في مجلس النواب. لحظة تمريره ستكون فارقة على المجتمع العراقي. وان المرأة نفسها ستكون عرضة لعنف أشد من السابق. فبالإضافة الى العنف الجسدي سيلحق بها عنف ناتج عن تحويلها الى سلعة جنسية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here