كَكُلِ بلدٍ آمنٍ تَسكُنُ شواطِئَهُ الحياة، لم يَعِشْ لبنان

كَكُلِ بلدٍ آمنٍ تَسكُنُ شواطِئَهُ الحياة، لم يَعِشْ لبنان

الأسير وجدي جودة
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
سجن النقب الصحراوي

تتفتح الأحلام وروداً وتموت في ريّعانها، ككل بلدٍ عربيٍّ ذاق طعم المعاناة مُرغَماً؛ كان لبنان، تاريخه المتكرر يُعيد ذاتَ المعاناةِ على شعبه وأهله، إن كان إهمالٌ داخلي أو تخريب متعّمد، فالنتيجةُ واحدة، عادت بيروتُ وحيدةً وسطَ الدمار، حملَ البحرُ والشاطئُ جُثَثَ العشراتِ من أبناءها، تطايرت أحلامهم في السماء وتبددت مع دخان الانفجار الأخير، أحبةً تفرقت بهم السُبلْ، بعضهم صعد إلى السماء شهيداً والآخر يعانق الذكرى والوجع، والكثير منهم يرقدُ تحتَ الركَامِ مجبراً.
إن كانت الشعوب العربية تعيش القدر واحداً، فلبنان يَعشَهُ مضاعفاً، يدفعُ أثماناً باهظة في كل مره، وفي كلِ مرةٍ يرتقي الظالمُ ويبيتُ المظلومُ قهراً.
بيروت ستبقى نشيد الحياة والجميلة بكل أهلها ومعالمها ومعانيها وأفكار كتّابها ومفكريها، ممن نعاقر كلماتهم في الأسر، أمثال وليد صليبي وأمين معلوف وإلياس خوري.
بيروتُ هُتاف مناضليها، شباباً وشياباً كانوا أو نساءً وأطفالاً، وعلى كل كتفٍ منهم همُّ بلادهم يُحمل، أملُ لبنان بهم وحدهم، لا بيدِ غريبٍ طامعٍ، ولا قريبٍ مستبد.
أنفاسُ الأبرياءِ ومن غافلتهم النيرانُ أرهقت أنفاسنا نحن الأسرى، حملنا الوجعَ في صدورنا، أقمنا الحدادَ ونكسّنا الأعلامَ التي رسمناها على جدران الزنازين، قلوبنا معكم، أينما كنتم وبأيّ حالٍ أضْحَتْ حالكم، ننحنِ إجلالاً لمُصابكم، ولبيروتَ عروسُ البحر، ألف تحية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here