الهدنة ليست مصالحة او تطبيع

الهدنة ليست مصالحة او تطبيع

بعد تشديد العقوبات الأقتصادية الأمريكية على ايران و عقب اغتيال قائد فيلق القدس الأيراني ( الجنرال سليماني ) و عند اجتياح وباء ( كورونا ) و عجز المؤسسات الصحية الأيرانية عن مواجهته بدأت بوادر الضعف و الوهن تتوضح اكثر مع انهيار سعر صرف العملة الأيرانية و تصاعد موجات الغلاء يقابله ازدياد في اعداد الفقراء و المعوزين و مع بوادر ثورة جماهيرية احتجاجية على الأوضاع المعيشية السيئة و استحواذ رجال الدين على السلطات في البلاد منذ سنوات طويلة و الذين عجزوا في الأدارة الصحيحة للبلاد سياسيآ و اقتصاديآ ما جعل ( ايران ) الدولة المهمة و المحورية في المنطقة اصبحت دولة مارقة و منبوذة و خارجة على القانون .

انها ليست دعوة للتطبيع مع الدولة اليهودية ( أسرائيل ) الذي كان وجودها الأساس و العامل الرئيسي في عدم استقرار دول المنطقة و شعوبها كون تلك الدولة العدوانية ( أسرائيل ) التي اغتصبت الحقوق الفلسطينية و هجرت المواطنيين الفلسطينيين بقوة السلاح و استولت على اراضيهم و صادرت ممتلكاتهم و مع كل الحروب المتتالية لم تستطع الدول العربية و جيوشها الجرارة من تحقيق أي نصر او تفوق على اسرائيل و قمعت الشعوب العربية و جردت من حرياتها و تسلطت على مقدراتها طغم عسكرية استبدادية فاسدة في انقلابات متعددة عمت اغلب الدول العربية و كانت الحجة و الذريعة هو في تحرير فلسطين و الخلاص من دولة اسرائيل و رمي ( اليهود ) في البحر .

لا يمكن لحالة عدم الأستقرار هذه التي تسود المنطقة العربية ان تستمر الى مالا نهاية و اذا كانت الدول العربية و شعوبها قد سئمت من الشعارات و الهتافات غير المجدية التي تصدح بها الأذاعات و بدون توقف و لو لبرهة عن تحرير فلسطين و ارجاع اهلها و استرجاع اراضيهم و ممتلكاتهم و بعد ان تيقنت الشعوب العربية ان تلك لم تكن سوى شعارات تتبرقع بها تلك الطغم العسكرية للحفاظ على سلطاتها و حكمها الأستبدادي المتسلط و حين بدأت بوادر هدنة ( وقتية ) مع اسرائيل حتى تلتقط الشعوب العربية المنهكة بالجوع و الفقر و الجهل و الأنظمة الدكتاتورية انفاسها و تستعيد شيئآ من قوتها تحسبآ للمنازلة القادمة مع الأعداء حتى انبرت ( ايران ) في الحرب على ( اسرائيل ) لكن وفق نظرية الدروع البشرية حيث اتخذت من الشعوب العربية تلك ( الدروع ) .

كان لابد من طريقة ما ان تكف الحكومة الأيرانية من افتعال الأزمات و المشاكل خصوصآ و ان الحكام الأيرانيين كانوا على الدوام يقاتلون بالآخرين في تحقيق اهدافهم فكان ( حزب الله ) في لبنان يقاتل بالوكالة عن ايران و هذا الحزب يعلن ذلك بكل وضوح حتى وصل الأمر الى الأعلان عن النية في جعل لبنان دولة اسلامية لولا الضغوط الدولية التي منعت هذا الأمر و كان هناك الذراع الأيراني الضارب في اليمن ( الحوثيون ) و الحرب الأهلية الطاحنة التي تدور بين ابناء اليمن و الحديث يطول عند التطرق الى الفصائل المسلحة ( العراقية ) الموالية للولي الفقيه ( الخامنئي ) و التي قد تعتبر من اخطر اذرع ايران في المنطقة و اكثرها قوة و قدرة من حيث الأمكانيات الهائلة المادية و التسليحية و كذلك الأعلامية .

حان الوقت لهذه المنطقة ان تستقر و ان تهدأ و التي تعتبر من اكثر مناطق العالم سخونة و التي شهدت حروب و نزاعات مسلحة عديدة و كانت ( اسرائيل ) غير بعيدة عن تلك الصراعات بالمشاركة المباشرة في تلك الحروب كما في الحروب العربية الأسرائيلية المتعددة او من خلال الحروب البينية بين الدول العربية فيما بينها او بين جيرانها و كانت اصابع اسرائيل و بصماتها واضحة في تلك النزاعات و حين لم تحقق تلك الحروب العربية سواء مع اسرائيل او مع غيرها من نتائج او نجاحات على الصعيد السياسي و الأقتصادي لا بل على العكس زادت تلك الحروب و فاقمت من تدهور الأوضاع السياسية في معظم الدول العربية التي عانت و مازالت من الدكتاتوريات العسكرية الحاكمة و الوضع الأقتصادي المزري و الذي دفع بالمواطنيين العرب في تصدرقائمة المهاجرين و اللأجئين .

في كل الحروب هناك نهاية و ان طال امد تلك الحروب و كذلك هناك توقف مؤقت قد يطول و قد يقصر و تسمى ( الهدنة ) و بما ان ايران منشغلة بالمشاكل السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية التي تعصف بالمجتمع الأيراني و كذلك فأن الحكم الأيراني قد فقد شرعيته عندما لم يستطع من حماية الشعب من الفاقة و الفقر و لم يتمكن من درء الوباء القاتل الذي فتك و قتل الالاف من المواطنيين الأيرانيين فأن الوقت المناسب في عقد ( هدنة ) و ليست مصالحة او تطبيع مع ( اسرائيل ) قد تطول و قد تقصر وفق للضرورات و المستجدات و قد آن الآوان للشعوب العربية ان تضع السلاح جانبآ دون التخلي عنه و ان تتفرغ للتنمية و العمل و البناء و الأعمار و لتكن هذه ( الهدنة ) بمثابة ( استراحة المحارب ) .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here